الإنسان خلال مشوار حياته يدرك الخير والشر، طالما أنه يحتك ببنى جنسه، فالناس ليست على وتيرة واحدة، بل كل منا يحمل فى طياته المكونات الأساسية للصفتين. فليست تزكية الخير فى بنى البشر، إلا لتربة خصبة رويت بذورها بعنايه بماء طهور، يخشى صاحبها الله لأنه يضعه نصب عينيه، فهو يعلم أولاده معاملة الناس بما يحب أن يعاملوا به، يغرس فيهم طهارة اليد وإتقان العمل، ومد يد العون للبشر، تدمع أعينهم وتحزن قلوبهم وهى ترى إنساناً يكسر ولم تستطع مد يد العون له. وليس لتزكية الشر إلا من خلال نبتة غرست أيضاً فى تربة، رويت بماء الحقد والكره والغل على بنى البشر، وما وصل ماء فى أيديهم إلا حرمت أنت من روايته، وما طهارة اليد وإتقان العمل وحب الخير إلا تجارة الضعفاء، فالأقوياء بما لهم من أرصدة فى البنوك وضياع لا يملكها غيرهم. فما كانت مقدمتى عن الصراع الداخلى فى البشرية إلا لوضع يدى على مفاتيح الخير التى يجب أن يطبع عليها ملا ئكة الرحمة، وكل من يعمل فى هذا الصرح، لأنه يرى بعينيه أوجاع الناس وآلامهم، فإذا ساقك القدر للتعامل معهم داخل أروقة المستشفيات، ترى أنك سلعة تباع وتشتري، نزعت من قلوب أصحابها الرحمة، وأصبح للتعامل مع المريض وأهله فنون، فلكل خطوة يخطوها لها مفتاح بابه التفتيح فإذا أغلق رأسه وحدث نفسه عن غلق هذا الباب أمامهم، لأن أعمالهم لها رواتب يتقاضونها عنها، فالويل كل الويل لرأسك، وعليك أن ترطمها فى الحائط، وتنتظر حلها الذى أوحت إليك بغلق هذا الباب. وحتى أكون منصفاً، فليس الكل على وتيرة واحدة . وحتى لا أطيل فالأمر يحتاج إلى تأهيل نفسى وفنون تدريب ومراقبة لمن يعملون فى هذا المجال، لأن البشر ليسوا سلعة للبيع ولا للشراء. أنظروا جيداً فى عيون هؤلاء، واعلموا أن هزيمة المرض لأصحابه أقوى الهزائم، وما زاغت أعينهم إلا من قلة حيلة ونقص ماء اليد، فقد يكون من بينهم قريب أو صاحب صلة دم لا تعلمه، وإن كان غريباً، ومددت يد العون له، كفاك الله شر السؤال.