في كل مرة يثقل فيها الإرهاق كتفي، وأجد نفسي غارقة بين المهام اليومية التي تتكرر بلا توقف، كأنها أوامر برمجية محفوظة في نظام ذكاء اصطناعي، أطرح على نفسي السؤال ذاته: هل هذه حياة... أم برنامج إلكتروني أجبرت على تنفيذه؟ هل أنا إنسانة... أم مجرد روبوت يؤدي ما تم تحميله عليه من تعليمات؟، فتضيق أنفاسي من التعب، يهمس صوت خافت بداخلي "ماذا لو كنت روبوتا"؟ تخيلت الأمر للحظة.. يا ليتني كنت كذلك، بلا مشاعر تربكني، بلا دموع تثقل عيني، بلا هذا القلب الذي يؤلمه كل شيء، وأجيب نفسي، لو كنت روبوتا، لما كانت كلمة عابرة تجرحني، كنت سأتعامل مع كل تلك اللحظات كبيانات تعالج لا كمشاعر تؤلمني، كنت سأبرمج نفسي على الصبر الكامل، على ابتسامة لا تذبل، على أداء المهام بدقة واتزان، بدون أن أحتاج أن أختبئ في الحمام دقائق لأستعيد نفسي. إذا كنت روبوتا، ما كنت سأقف بالساعات في المطبخ، كنت سأغذيهم بالمعلومات لا بالطعام، وأشبع عقولهم بدلا من أطباقهم، كنت سأتمالك نفسي حين ينسكب العصير على الأرض، وأقول بكل هدوء "Error 404: سلوك غير متوقع." وإذا طلبوا مني شيئا فوق أعباءي اليومية، كنت سأرد بنبرة إلكترونية ثابتة "الباقة لا تسمح بتنفيذ هذا الطلب حاليا... يرجى المحاولة لاحقا"، ثم أغلق النظام مؤقتا للصيانة. ولكن.. حتى لو كنت روبوتا، كنت سأتوقف يوما ما عن العمل، و"أهنج" من كثرة الطلبات، وسيكتب النظام على جبهتي System Overloud أو يترجمها "الحمل زائد عن القدرة". ربما لأن الأم فعلا تبرمج نفسها يوميا على الصبر، على التحمل، على العطاء المتواصل رغم الأعطال الداخلية التي لا يراها أحد. لكن الحقيقة أن "كود الأمومة" ليس برمجة إلكترونية، بل مزيج من الحب والإرهاق، من القوة والهشاشة، من الانهيار والقدرة العجيبة على النهوض من جديد. أنا لست روبوتا لكن إن كان من حولي سيراني كذلك، ويغرقني بالطلبات دون توقف، فسأتعامل على هذا الأساس، سأرفع لافتة إلكترونية خيالية وأقول بهدوء: "Error 507: النظام لا يسمح بتنفيذ المزيد من المهام حاليا." حينها فقط سيتذكر الجميع أن حتى "كود الأمومة" يحتاج إلى تحديث... لا ليصبح أكثر طاعة، بل ليحمي الأم من الانهيار.