فى ظلّ متغيرات العصر ، لم يعد «عمر الزمن» يتوازى مع «عمر العقل». لقد أضحى العالم قرية صغيرة تتدفق فيها الخبرات - الإيجابية منها والإجرامية على حد سواء - إلى عقول المراهقين بلا استئذان، فتفوق معرفتهم أضعافَ ما كانت عليه الأجيال السابقة فى نفس العمر. ولذلك أصبح من الضرورى إعادة النظر فى تعريف «الطفولة» الذى تحدده منظمات دولية مثل «اليونيسف» . إن تعريف الطفولة بمن هم دون 18 عاماً هو رقم نسفته رياح التغيير المجتمعى والتقني.. فذاك المغتصب أو تاجر المخدرات أو القاتل الذى ذبح صديقه فى قضية الإسماعيلية المروعة، ثم طهى وأكل من لحمه - كما جاء فى التحقيقات - هل نطلق عليه «طفلاً»؟! إنها مهزلة تمسخ العدالة وتطعن ضحايا لا حول لهم ولا قوة. وليس الأمر شذوذاً محلياً، فالإحصائيات تقول إنه فى الولاياتالمتحدة، القُصَّر مسؤولون عن 8٪ من جرائم القتل سنويا فى الأعوام السابقة.. وفى إنجلترا، شباب دون 18 عاماً يمثلون نسبة مقلقة فى جرائم العنف . بالإضافة لتقارير من وقت لآخر عن جرائم بشعة للمراهقين فى مجتمعاتنا العربية وباقى دول العالم .. آن الأوان للتغيير، فإلى متى نقدّس قوانين عفا عليها الزمن بينما الأطفال المجرمون!! يجمعون بين براءة العمر الظاهرى ووحشية استقوها من أغوار الإنترنت؟! العدالة الحقيقية لا تعاقب بالسن، بل بالفعل والنية والقدرة على التمييز. «لمؤاخذة الجونة» ها هو المهرجان يعود فى توقيت بالغ الدقة، وكأنه مبرمج على «ذروة المعاناة المعيشية». على الشاشات، أقمشة الساتان والحرير، والمجوهرات تتلألأ، والعدسات تلتقط أنفاس «البذخ والعرى والترف».. ولتكتمل الصورة الكوميدية، فشل المهرجان فى أن يكون «كان» المصري، أو منافساً لمهرجان القاهرة. وارتضى لنفسه أن يكون مجرد «كارفان» لإطلاق الإطلالات والإشاعات. والنتيجة؟ أيقونة للانفصال عن الواقع، ومساحة مغلقة يتنفس فيها البعض هواءً نقياً بعيداً عن غيوم الشعب. حتى صار عامة الناس يسمونه مهرجان «لمؤاخذة الجونة» . فتحية لهذا الإصرار على الاستفزاز!