حركة حماس ستعمل على الارض وستسعى لتغيير واقع ما يجرى من خلال حسم ملف الميليشيات بالقوة تشير تطورات الاوضاع فى قطاع غزة إلى أن حركة حماس قد تدخل فى صراع مع الميليشيات والعشائر الداعمة لسلطة الاحتلال والتى اكتسبت وجودا على الأرض ما يعنى أن حالة عدم الاستقرار ستظل مرشحة للتصعيد فى الفترة المقبلة، ولن تستقر حتى مع استخدام القوة فى التعامل كما اتضح طوال الفترة الأخيرة، حيث تشير تطورات الاوضاع فى قطاع غزة الى أن الأوضاع مرشحة بقوة لمزيد من المواجهات، خاصة أن هذه الميليشيات تتواجد فى مناطق مختلفة ولم تعد مركزة فى منطقة واحدة سواء فى رفح أو خان يونس وداخل غزة وشمال القطاع، ما يشير الى اتساع خريطة الانتشار فى القطاع كما أن أغلب هذه الميليشيات تعمل تحت اشراف جهاز الامن الداخلى شاباك وتعمل من خلاله ولديها مواقع محددة، وتم تسليح بعضها، ما يصعب من أى مواجهة يمكن ان تتم فى الفترة المقبلة حال الدخول فى صدامات مباشرة مع عناصر الشرطة التابعة لحركة حماس، إضافة لتداخل عناصر هذه الميليشيات مع أغلب العشائر القائمة فى قطاع غزة والتى تمتلك نفوذا وحضورا كبيرا فى مواجهة حركة حماس، وسبق أن راهنت أجهزة الأمن الإسرائيلية -خاصة شاباك- على دورها فى حكم القطاع، ومنها عشيرة أبو شباب المتمركزة فى منطقة رفح، واستقطبت مجموعته مئات المقاتلين من خلال عرض رواتب مغرية وعشيرة دغمش التى تُعد من كبرى وأقوى العشائر فى قطاع غزة، وتعرف منذ فترة كبيرة بأنها مسلحة بشكل جيد. ويعد زعماء العشيرة السلاح ضرورة تقليدية للدفاع عن أرضهم. ولأفراد العشيرة انتماءات لجماعات فلسطينية مسلحة مختلفة، بما فيها حركتا فتح وحماس. وقاد ممتاز دغمش، وهو زعيم رئيسى فى العشيرة، الجناح المسلح للجان المقاومة الشعبية بمدينة غزة فى السابق. وشكل لاحقاً جيش الإسلام الذى بايع تنظيم داعش وعشيرة المجايدة التى تتمركز فى خان يونس جنوب قطاع غزة، واشتبك أفرادها مع مسلحى حماس فى الأشهر القليلة الماضية. وفى وقت سابق داهمت حماس منطقة العشيرة لاعتقال رجال قالت إنهم مطلوبون لقتلهم عناصر من الحركة وعشيرة حلس الموجودة فى مدينة غزة، وتتركز فى حى الشجاعية. وغيرها من العشائر الأخرى. والواقع أن استمرار الدعم الكامل لجهاز الامن الداخلى شاباك لهذه الميليشيات ما زال قائما ما يؤكد أن هناك تصميما اسرائيليا على توظيف دورها فى الفترة الراهنة للضغط على حركة حماس التى لا تملك سوى استخدام القوة فى التعامل بل وتنفيذ الاعدامات بصورة اعلامية لتفزيع العناصر المنضمة لها كما أن كلا من حماس والسلطة الفلسطينية تتخوفان من ورقة العشائر وتريان انها مهدد حقيقى للسلطة القائمة أيا كانت سواء حركة حماس او السلطة الفلسطينية حال عودتها إلى القطاع. إن الرهانات الاسرائيلية بشأن التعامل بورقة العشائر مهم وقائم خاصة أن الجدال الراهن داخل الحكومة الاسرائيلية على توظيف هذه الورقة قد حسم بالفعل لصالح بقاء الدعم واعطاء صلاحيات كاملة لجهاز الامن الداخلى فى توظيف هذه الورقة وفق حسابات اسرائيل الامنية، ومن المبكر التأكيد على قدرة حركة حماس على حسم الامر وانهاء دور هذه العشائر خاصة أن وجودهاكبير ومتسع ومتمدد وأنها ستحظى بدعم جهاز الامن الداخلى فى المناطق الموجود فيها قوات إسرائيلية، وإزاء أن إسرائيل ستبقى على مساحة 53% من القطاع فإنها مرشحة بقوة للتعامل، والتواجد تحت سيطرة القوات الإسرائيلية ودعمها بافتراض ان حركة حماس ستتجاوب مع الانسحابات الاسرائيلية وستمضى فى سياق التزامها بالاتفاق وستخرج من القطاع وتترك حكم القطاع للجنة مسئولة غير فصائلية. فى السياق السابق فإن حركة حماس ستعمل على الارض وستسعى لتغيير واقع ما يجرى من خلال حسم ملف الميليشيات بالقوة الا ان قدرة الحركة فى هذا التوقيت محدودة وضيقة وإن كان هناك توقعات إسرائيلية باحتمال اندلاع حرب اهلية فى قطاع غزة ما قد يعطل أى انسحاب اسرائيلى من القطاع وبقاء القوات الإسرائيلية على الأرض وعدم التجاوب مع بنود خطة الرئيس الامريكى باعتبار ان استمرار هذا الامر لن تحسمه اسرائيل كما أن العمل على اعادة ترتيب الخيارات الامنية وبناء القدرات والامكانيات الكبرى من خلال تجنيد عناصر جديدة واعادة ترتيب جهاز الشرطة داخل القطاع وهو ما جرى بالفعل طوال الفترة الأخيرة بهدف التعامل الامنى، وهو ما يشير الى أن حركة حماس لن تستسلم فى أى تعامل مطروح فى الفترة الراهنة بالتخلى عن حكم القطاع او البدء فى تنفيذ متطلبات الخطة الامريكية فى ظل حالة عدم الاستقرار. وأخيرا الرهان على أن مصر وتركيا وقطر قد تضغط على الجانب الامريكى الإسرائيلى بتأجيل أى خروج من المشهد الراهن داخل القطاع فى ظل ما يجرى ولحسم الأمر أمنيا ومن خلال دعم القوات الجديدة التى ستدخل القطاع سواء التركية او المصرية او الامريكية التى تعمل بتنسيق كامل مع القوات الإسرائيلية من خلال غرفة التعاون الاستراتيجى، وإن كان هذا الأمر سيرتبط بموافقة الجانب الاسرائيلى الطرف الرئيسى فى المعادلة الراهنة ووجود ضغط مصرى تركى فى هذا السياق وتوفير ضمانات لإتمام هذا الامر خلال فترة معينة مع تقبل أمريكى لما يتم التوافق بشأنه خاصة أن هذا الامر سيقوِّى حركة حماس فى القطاع وقد يعطيها شرعية التعامل بل والاستمرار لأطول وقت ممكن فى الحكم فى ظل ما يجرى من تطورات رئيسية ومفصلية قد تهدد تنفيذ الخطة الأمريكية على الأرض، ويجب الاشارة إلى أن أية ترتيبات أمنية مقترحة قابلة للتنفيذ ستكون مرتبطة بالفعل بموقف توافقى بين كل الأطراف وليس فقط طرف دون الآخر.