ألمح رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جيروم باول، إلى أن البنك المركزي ما زال في طريقه نحو خفض أسعار الفائدة مجددا خلال اجتماعه في وقت لاحق من الشهر الجاري، محذرا من ضعف سوق العمل واستمرار المخاوف المتعلقة بالتضخم في الولاياتالمتحدة. وقال باول خلال مؤتمر اقتصادي عُقد في فيلادلفيا - إن البنك المركزي يسعى إلى تحقيق توازن دقيق بين مخاطر متعارضة تتطلب خطوات سياسية مختلفة؛ مضيفا أن خفض الفائدة بسرعة مفرطة قد يترك مهمة مكافحة التضخم غير مكتملة، بينما التأخر في خفض تكاليف الاقتراض قد يؤدي إلى خسائر مؤلمة في سوق العمل. وتابع: "لا يوجد مسار خالٍ من المخاطر الآن، إذ يبدو أن التضخم مستمر في الارتفاع بوتيرة تدريجية، لكن سوق العمل أظهرت مؤشرات واضحة على تراجع كبير، سواء من حيث العرض أو الطلب على الوظائف"، بحسب ما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية. ◄ اقرأ أيضًا | رئيس «الفيدرالي الأمريكي»: كل المسارات بشأن أسعار الفائدة محفوفة بالمخاطر سواء الخفض أو الرفع وفي تصريحات منفصلة، لمح باول إلى أن الاحتياطي الفيدرالي قد يقترب من إنهاء حملة تقليص محفظته الضخمة من سندات الخزانة الأمريكية التي بدأ بشرائها لدعم الاقتصاد بعد أزمة جائحة 2020. وكان الفيدرالي قد بدأ في منتصف عام 2022 - خفض أصوله تدريجيا بعدما بلغت ذروتها عند نحو 9 تريليونات دولار، ضمن مساعي استثنائية لتحفيز الأسواق المالية والاقتصاد، ومع هذا التقليص تراجعت الاحتياطيات البنكية في النظام المالي الأمريكي، إذ أوضح البنك أنه سيواصل تقليص الأصول حتى تظهر مؤشرات على انخفاض السيولة في الأسواق. وكان "الاحتياطي الفيدرالي" قد اشترى كميات ضخمة من سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري خلال عامي 2020 و2021 بهدف خفض أسعار الفائدة طويلة الأجل، بعد أن خفّض سعر الفائدة الرئيسي إلى ما يقارب الصفر في أعقاب تفشي جائحة كورونا. لكن "الفيدرالي" قد أنهى تلك المشتريات في أوائل عام 2022، وبدأ رفع الفائدة بقوة لمواجهة التضخم المرتفع، ثم شرع لاحقا في خفض محفظة الأصول تدريجيا عبر السماح للسندات المستحقة بالانتهاء دون استبدالها. وأشار "باول" إلى أن صناع السياسة النقدية ليس لديهم خبرة كافية بشأن المدة المثلى لعملية التقليص، موضحا أن الفيدرالي أبطأ هذه العملية مرتين سابقا لتفادي سحب سيولة مفرطة من النظام المصرفي. وقال:" إن البنك حريص على تجنب تكرار أزمة سبتمبر 2019، عندما تسبب تقليص الأصول في ضغوط تمويل غير اعتيادية في أسواق الإقراض قصيرة الأجل، ما أجبر الفيدرالي على استئناف شراء السندات، مضيفا: "لقد اتفقنا على اتباع نهج متأنٍ لتجنب أي توترات مشابهة في أسواق المال". ولم يتطرق باول إلى ما يمكن أن يغيّر التوقعات الواسعة لقيام الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة في اجتماعه يومي 28 و29 أكتوبر الجاري، رغم أنه لم يؤكد ذلك صراحة، قائلا إن التوقعات الاقتصادية لم تتغير كثيرا منذ قرار الخفض السابق في سبتمبر. ومنذ توقف تمويل الحكومة الفيدرالية في الأول من أكتوبر، يعمل البنك المركزي دون الوصول إلى البيانات الحكومية الأساسية التي يعتمد عليها في تقييم الأداء الاقتصادي وتحديد اتجاه السياسة النقدية، وقال باول: "سنبدأ بفقدان البيانات قريبا، وإذا استمر الإغلاق الحكومي، فسيصبح تقييم وضع الاقتصاد أكثر صعوبة"، مشيرا إلى أن البيانات المتاحة قبل الإغلاق أشارت إلى أن النشاط الاقتصادي ربما يسير في مسار أقوى قليلا من المتوقع. وخصص باول جزءا كبيرا من كلمته للدفاع غير المباشر عن سياسات البنك المركزي في مواجهة انتقادات متزايدة خلال الأشهر الأخيرة بشأن إدارته للسياسة النقدية منذ جائحة 2020، من بينها تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووزير الخزانة سكوت بيسنت وعدد من المرشحين المحتملين لخلافته بعد انتهاء ولايته في مايو المقبل. كما حذر باول من محاولات بعض المشرعين من الحزبين لسحب صلاحية الفيدرالي في دفع فائدة على الاحتياطيات البنكية، وهو الأداة الرئيسية التي يستخدمها البنك منذ عام 2008 لتطبيق قراراته المتعلقة بأسعار الفائدة، بعد أن مجلس الشيوخ الأمريكي قد رفض اقتراحا بهذا الشأن الأسبوع الماضي. وقال باول إن فقدان هذه الأداة قد يؤدي إلى خسارة البنك السيطرة على أسعار الفائدة قصيرة الأجل، موضحا أنه في حال إلغائها قد يضطر الفيدرالي إلى بيع كميات كبيرة من سندات الخزانة أو الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري خلال فترات زمنية قصيرة، ما قد يؤدي إلى اضطرابات مالية واسعة في الأسواق.