رجل غامض يطارد بطلًا هشًّا، يطالبه بالتضحية لهدف مجهول، وحين يهرب، يقع فى قبضة صيّادين يطاردون الظواهر الخارقة. فما الحكاية؟، فى روايته « البند السادس من قانون التضحية»، يمزج الروائى على قطب، بين «الفانتازيا» والواقع، كاشفًا هشاشة الإنسان وسط أسئلته القلقة وهروبه الدائم من نفسه، محاولاً البحث عن المعنى المفقود، واليقين المستحيل، وذات الإنسان التى تغدو أغرب ما نواجه، صدر لعلى قطب من قبل عدة كتب تنوعت بين الروايات والمجموعات القصصية وقصص الأطفال والدراسات مثل: « الغناء والطرب فى أدب نجيب محفوظ»، التى حصد عنها جائزة الدولة التشجيعية هذا العام، وحصل أيضاً على عدة جوائز منها: جائزة ساويرس الثقافية، وعن «البند السادس فى قانون التضحية»، الصادرة مؤخراً عن بيت الحكمة للثقافة، جاء هذا الحوار.. «البند السادس من قانون التضحية»، رحلة نفسية بالغة العمق، وتحمل دلالات رمزية متعددة، من أين جاءت البداية، وماذا عن كواليس الكتابة؟ عندما كتبت «البند السادس من قانون التضحية»، لم تكن مجرد سرد خيالى، بل انعكاس مباشر لتجربتى فى ثورة يناير: اللحظات المحزنة، الركض أثناء النوم، شعور طلب التضحية تحت الضغط. البطل، أو الظل، يحمل هذه الذاكرة، ويكشف أن التضحية التى لا يختارها الإنسان ليست شرفًا بل استعبادًا. الظل يمثل الوعى الذى لم يُقتل، ويحفظ الأحداث بصورتها الحية. الرواية تطرح أسئلة الحرية والاختيار، والسرديات الكبرى التى تحكم العالم، تمامًا كما واجهناها فى الثورة. «البند السادس» ليست عن حدث محدد، بل محاولة لتوثيق تجربة شخصية وجماعية، وتحويل الخوف وطلب التضحية إلى رموز تكشف قوانين العالم، وتوضح أن البطولة الحقيقية تكمن فى رفض التضحية المفروضة والاحتفاظ بالذاكرة والفكر، حتى بعد مرور السنوات. البطولة الحقيقة الظل هو البطل الحقيقى؛ يحمل الذاكرة ويفكك خطاب التضحية، لماذا؟ من الصعب تحديد بطل واحد، لأن الرواية تعتمد على فكرة البطل المضاد، لكن اللاعب رقم صفر، أو الظل، يحمل البطولة الحقيقية، لأنه حامل للذاكرة الجماعية، الظل يوضح أن البطولة ليست فى الخضوع أو المجازفة الخرقاء، بل فى الاحتفاظ بالوعى، مواجهة السرديات الكبرى، والدفاع عن ذاكرة الشعوب الحية. بهذا الشكل، يصبح الظل رمزًا فلسفيًا لصراع الإنسان مع القوى التى تحاول ترويضه وطمس هويته. التضحية التى لا تختار ليست بطولة بل استعبادا، لحظة فلسفية كاشفة للعالم؛ لقوانينه التى يدار بها، كيف يحدث ذلك؟ فى نظرى، التضحية التى لا يختارها الإنسان ليست تضحية، بل استعبادا حديثا. عندما يختار الإنسان التضحية، يفهم سببها ومن أجل من يقدمها، وهذا الوعى يمنحها قيمتها الأخلاقية. أما التضحية المفروضة، فتجعل الإنسان مجرد ترس فى آلة ضخمة، يخدم أهدافًا أنانية ويُستنزف، فى الرواية، حاولت توضيح الفرق بين التضحية الواعية والمفروضة. البطل أو الظل يشهد كيف تُستغل الروح البشرية لخدمة القوى، ويطرح السؤال: متى تتحول التضحية إلى عبودية؟ ومتى يصبح الإنسان بطلاً لأنه يختار؟ الرواية إذًا محاولة لفهم الحرية الحقيقية ووعى الفرد بدوره فى مقاومة الظلم. اللغة ليست زينة رغم تنوع اللغة فى الرواية، إلا أنها تتسم بالسلاسة والوضوح، كيف تفكر فى اللغة؟ بالنسبة إلى، اللغة ليست مجرد زينة، بل سلطة لنقل الفكر والوعى، الأديب مسئول عن وعيه فى استخدامها، لأن كل كلمة تؤثر فى القارئ. وقد استخدمت لغة مختلفة لكل جزء: فى الفلسفى، لغة تأملية للتفكير فى الحرية والتضحية؛ فى الأسطورى، لغة حكاوية لتغذية الخيال والممالك الرمزية؛ وفى جزء بعد الإنسان، لغة تشبه الإنسان وتعكس شعوره وتجربته، مع قوة فلسفية وأخلاقية. هذه التنويعات ليست رفاهية، بل ضرورة. اللغة هنا شريك حى فى الرواية. تتحرك الرواية فى زمن دائرى، ويبدو المكان كفخ، كيف تلاعبت بالمكان والزمان وما دلالاتهما؟ الزمان والمكان ليسا مجرد خلفية، بل عنصرين فعالين فى السرد. اخترت الزمن الدائرى ليعكس الطبيعة المفرغة للديكتاتورية، حيث تتكرر الأحداث بلا نهاية، ليشعر القارئ بحالة الاختناق النفسى والاجتماعى، أما المكان؛ رغم تنوعه لكنه يمثل القيود والتحكم، يتحرك مع الشخصيات ويكشف الروابط بين السلطة والذاكرة والحرية، محولًا الفضاء إلى فخ للبطولة والإرادة ووسيلة لتفكيك خطاب التضحية والاستعباد.