رغم أن اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة الذى تم التوصل إليه مساء الأربعاء خلال المفاوضات غير المباشرة التى احتضنتها مدينة شرم الشيخ يمهد لنهاية الحرب الدموية التى تشنها إسرائيل على غزة منذ عامين، ويقضى فى مرحلته الأولى بإطلاق الرهائن الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين معًا وبدء انسحاب تدريجى للقوات الإسرائيلية من غزة إضافة إلى إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع.. إلا أن هناك تساؤلاتٍ كثيرةً حول مستقبل القطاع بعد انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق. فهناك شكوك كثيرة تسيطر على المشهد، فالفلسطينيون والوسطاء يدركون تمامًا أن سجل إسرائيل الحافل بالتنصل من الاتفاقات لا يمنح بالكثير من الثقة وما إذا كان نتنياهو سيلتزم ببقية مراحل اتفاق إنهاء الحرب ومنها الانسحاب من غزة خاصة أنه لم يتحدد جدول زمنى لانسحاب كلى، كما أن الضمانات الأمريكية ليست كافية لتبدد القلق بشأن نوايا حكومته بعد انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق. معروف أن الاتفاق يستند لخطة سلام مؤلفة من 20 بندًا كان قد اقترحها الرئيس الأمريكى ترامب قبل أسابيع قليلة. إلا أن هناك حالة من الترقب عما إذا كانت هذه المرحلة بداية فعلية لإنهاء هذه الحرب، خاصة أن الإعلان عن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار جاء قبل استكمال التفاهم على بقية المراحل. فالاتفاق لم يتطرق لتوقيت بدء المفاوضات بشأن المرحلة الثانية التى من المفترض أن تنطلق فور تنفيذ المرحلة الأولى مباشرة بحسب مقترح الرئيس الأمريكى الذى أبرم بضمانة مباشرة من الولاياتالمتحدة ومصر وقطر وتركيا، والتى تعهدت جميعها بعدم السماح بالعودة إلى الحرب مطلقًا طالما التزم الطرفان ببنوده. فهناك مخاطر كثيرة على الطريق، منها إصرار نتنياهو على تسليم سلاح المقاومة وإصرار حركة المقاومة على إنهاء الاحتلال أولًا، أيضًا تمسك حكومة الاحتلال بألا يكون لحماس أى دور فى حكم القطاع، حيث تتضمن خطة ترامب إسناد السلطة الجديدة لقيادة أجنبية (تونى بلير وترامب) إلا أن حماس ترفض أى دور أجنبى، وتؤكد استعدادها للتخلى عن حكم غزة، ولكن فقط لصالح حكومة تكنوقراط فلسطينية بدعم عربى وإسلامى. معظم التوقعات تشير إلى أن الطريق أمام المرحلة الثانية لا يزال طويلًا وشاقًا، ومع ذلك فإن مجرد الوصول لتفاهمٍ مستقر إلى حد ما يعد خطوة فارقة لأنه يوجه ضربةً لخطة التهجير ومحاولات ابتلاع إسرائيل لأراضى القطاع، ويمنح غزة فرصة لتفادى خسائر جديدة رغم التكلفة الإنسانية الباهظة التى تكبدها القطاع خلال عامين من الحرب.