لم تهدأ تداعيات اختفاء السوار الملكى من المتحف المصرى بالتحرير، حتى فوجئت الأوساط الأثرية والثقافية فى مصر بخبر اختفاء لوحة أثرية حجرية من داخل مقبرة «خنتى كا» الأثرية بمنطقة سقارة، فى واقعة تنذر بكارثة تمس صميم الهوية الحضارية والتاريخية للدولة المصرية. أصل الحكاية| سرقة الأسورة الملكية من المتحف المصري جريمة تهز الذاكرة الأثرية الآثار التى تشكل شواهد ناطقة على امتداد التاريخ، لا تقاس بقيمتها المادية فحسب، بل بما تحمله من رمزية معرفية وثقافية، تجعل من كل قطعة مفقودة فراغا فى سردية الأمة وذاكرتها، واختفاء أى أثر هو بمثابة فقدان لجزء من كتاب التاريخ، ونقوش الحجر التى سجلها المصرى القديم تُعد وثائق لا تقدر بثمن. كشفت مصادر مطلعة «للأخبار» أن مقبرة «خنتى كا» كانت تستخدم كمخزن أثرى منذ خمسينيات القرن الماضى، ضمن نظام كان معمولا به قبل إنشاء المخازن الأثرية الحديثة، حيث كانت تحول بعض المواقع الأثرية نفسها إلى أماكن لتخزين القطع، مثل ما جرى سابقا فى القلعة، ثم فى مجموعة أمير كبير قرقماش بصحراء المماليك. وفى عام 2019، وضمن أعمال الجرد الدورية للمخازن، قامت لجنة مختصة بجرد محتويات مخزن مقبرة «خنتى كا»، وشمل ذلك توثيقا بصريا لحالة الموقع، بما فى ذلك جدران المقبرة التى تحوى بعض القطع المنقوشة والمثبتة.. لكن التطور اللافت وقع قبل نحو ثلاثة أشهر، حين بدأ مدير جديد لمنطقة آثار سقارة مهام عمله، وقرر مراجعة الإجراءات السابقة تمهيدا لنقل المقتنيات إلى المخازن الحديثة المؤمنة، والتى زودت بكاميرات مراقبة داخلية وخارجية ونظم إنذار متطورة. وبمراجعة صور الجرد من عام 2019، تبيّن أن جزءا من جدار المقبرة كان مفقودا. وبعد فحص دقيق، تبين أن لوحة أثرية بمساحة 50 × 40 سم قد انتزعت من الحائط بفعل فاعل، ما يرجح تعرضها للسرقة قبل عام 2019، وأوضحت المصادر أن لجنة الجرد كانت مكلفة فقط بجرد العهدة الأثرية المصنفة داخل المخزن، ولم تكن مهمتها تشمل معاينة العناصر المثبتة على الجدران أو الحالة المعمارية للمقبرة، وهو ما قد يفسر غياب الإبلاغ عن اختفاء اللوحة فى حينه. من جهته أكد زير السياحة والآثار شريف فتحى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى وجه ببناء مخزن آثار ضخم بأحدث التقنيات العالمية لحفظ وحماية وتسجيل الآثار، مشيرا إلى أن المخزن سيتم العمل فى إنشائه بشكل فورى لضمان المزيد من الحفظ والحماية لآثارنا النادرة التى لا تقدر بثمن. رئيس المجلس الأعلى للأثار د. محمد إسماعيل أكد إن المقابر الأثرية المتواجدة فى منطقة سقارة الأثرية تستخدم كمخازن للآثار، منذ خمسينيات القرن الماضى، وقبل سنوات بدأت وزارة السياحة والآثار فى بناء مخازن جديدة ومؤمنة بمنطقة سقارة، وتم نقل أغلب القطع الأثرية التى كانت متواجدة فى تلك المقابر، وسيتم نقل باقى الآثار المقدرة ب 2 مليون قطعة أثرية بمنطقة آثار سقارة داخل المقابر إلى المخزن. وأضاف أنه لا يمكن لأى جهة فى العالم شراء اللوحة الأثرية المفقودة من مقبرة خنتى كا وذلك بسبب وجودها فى سجلات الآثار المصرية بالاضافة لوجود كود ورقم فى تعداد الآثار المصرية، خاصة أن اللوحة غير مفقودة بالكامل، وأن باقى اللوحة لا يزال موجودًا داخل المقبرة وتوجد عليها نقوشًا نادرة تتضمن فصول السنة الأربعة وعدد الأيام والشهور، وهو ما يُبرز عبقرية المصريين القدماء فى علم الزمن والفصول، مشيرا إلى أنه تم إخطار جميع المنافذ المصرية ومكاتب استرداد الآثار بشأن اللوحة المفقودة.