أكد الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة السعودية الدكتور عبداللطيف الواصل، أن مصر تمثل قيمة ثقافية كبرى في الوجدان العربي، وأن التعاون الثقافي بين البلدين يشهد تطورًا ملحوظًا، سواء من خلال المشاركة المتبادلة في معارض الكتاب، أو عبر التبادل الأدبي والفني والترجمي، مشيرا إلى أن الهيئة حريصة على استمرار هذا التعاون في مختلف المجالات الثقافية والفكرية. وقال الواصل، على هامش فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب 2025، إن "العلاقات السعودية المصرية ليست علاقات عابرة، بل هي شراكة حضارية وإنسانية، تمتد جذورها إلى عقود طويلة من التبادل الثقافي والفكري، وتترسخ اليوم بفضل ما يجمع القيادتين في البلدين من رؤية مشتركة نحو بناء مستقبل عربي يقوم على الوعي والمعرفة"، مثمنا عمق العلاقات الثقافية بين البلدين. وأشار إلى أنها علاقات ضاربة في التاريخ ومتجددة بروح العصر، تقوم على أسس من الاحترام المتبادل والتعاون المثمر. وأوضح أن الدورة الحالية من معرض الرياض الدولي للكتاب تمثل محطة جديدة في مسيرة الثقافة السعودية، وتجسد رؤية المملكة الطموحة في جعل الأدب والمعرفة عنصرين فاعلين في حركة التنمية والتحول الحضاري التي تشهدها البلاد في ظل رؤية السعودية 2030. وأضاف أنه تم اختيار حرم جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، لاستضافة المعرض، باعتبارها أكبر جامعة نسائية في العالم، وإحدى أبرز المنصات الثقافية في المنطقة، لافتا إلى أن دورة هذا العام، تستقطب مشاركة واسعة من الناشرين السعوديين والعرب والدوليين، مما يعكس مكانة المعرض وأثره في تطوير صناعة النشر وتعزيز الحراك المعرفي محليا ودوليا. وأشار إلى أن المعرض يقام تحت شعار "الرياض تقرأ" المتفرع من الحملة الوطنية الأوسع "السعودية تقرأ"، وللعام الثاني على التوالي، تسعى وزارة الثقافة إلى ترسيخ القراءة كرافد ثقافي ومعرفي أساسي تتحول معه القراءة من ممارسة فردية إلى مشروع جماعي وطقس مدني تشترك فيه الأجيال، ويقوم على ربط المدن بالكتب عبر برامج متواصلة متخصصة بالقراءة. ولفت الواصل، إلى أن الإقبال الكبير من الجمهور على المعرض منذ افتتاحه يعكس حجم الوعي الثقافي المتنامي في المجتمع السعودي، ويؤكد المكانة التي أصبحت تحتلها القراءة في حياة الإنسان السعودي، موضحا أن المعرض بات واحدًا من أبرز الفعاليات الثقافية في المنطقة، سواء من حيث حجم المشاركات أو تنوعها أو من حيث التنظيم الاحترافي الذي توليه الهيئة اهتمامًا بالغًا. وذكر الرئيس التنفيذي للهيئة، أن معرض الرياض الدولي للكتاب هذا العام شهد تنظيمًا استثنائيًا في كل تفاصيله، بدءًا من تصميم الأجنحة، مرورًا بتوزيع الأروقة ودخول الزوار، ووصولاً إلى الخدمات التقنية واللوجستية التي تم توفيرها لدور النشر والعارضين. وتابع "حرصنا على أن نوفر بيئة مريحة ومرنة لجميع المشاركين، وأن نُسهل الإجراءات لتقديم تجربة متكاملة لكل زائر وناشر، لأننا نؤمن أن نجاح المعرض لا يقاس فقط بعدد الزوار أو المبيعات، وإنما بجودة التجربة الثقافية التي يعيشها الجميع داخل هذا الفضاء المعرفي". وأضاف أن الهيئة اتخذت العديد من الإجراءات لتيسير مشاركة دور النشر من داخل المملكة وخارجها، حيث تم تطوير منظومة التسجيل الإلكتروني، وتبسيط عمليات الشحن والجمارك، وتوفير مساحات عرض تتناسب مع احتياجات المشاركين، إلى جانب الدعم التقني والتسويقي والإرشادي الذي تقدمه الهيئة، مشيرًا إلى أن هذه التسهيلات تأتي في إطار حرص ترسيخ مكانة معرض الرياض في حركة النشر العربي والإقليمي. وتحدث الدكتور الواصل، عن الضيوف والمشاركات الدولية في المعرض، موضحًا أن الهيئة سعت إلى أن يكون المعرض مساحة للتفاعل بين الثقافات والحضارات، وأن البرامج المصاحبة تتضمن ندوات ولقاءات وورش عمل تبرز التنوع الإنساني والمعرفي، وتعمق الحوار بين المبدعين من مختلف دول العالم. ونوه بأن "فكرة معارض الكتاب في جوهرها هي جسر للتواصل الثقافي والحضاري، فهي لا تقتصر على بيع الكتب أو توقيعها، بل هي مساحة للتفاعل الفكري بين الشعوب، ومختبر حي لتبادل الرؤى والخبرات والمعارف". وأشار إلى أن المعرض يمثل منصة رئيسية لترسيخ حضور الأدب والثقافة السعودية في المشهد العالمي، حيث تسعى الهيئة من خلاله إلى إبراز النتاج الإبداعي المحلي، ودعم الكتّاب السعوديين، والتعريف بتجاربهم على نطاق أوسع.. مضيفا: "الكتاب السعودي اليوم يخرج بثقة إلى العالم، يحمل صوته وأفكاره وهويته، ونحن في الهيئة نؤمن بأن دعم المؤلف المحلي ليس فقط مسؤولية ثقافية، بل هو استثمار في مستقبل الفكر والإبداع الوطني". وقال الواصل، إن الفعاليات المصاحبة لمعرض الرياض الدولي للكتاب – من أمسيات أدبية وندوات فكرية وحوارات مفتوحة – تمثل الروح الحقيقية للمعرض، لأنها تنقل التجربة من مجرد حدث تجاري لبيع الكتب إلى منصة فكرية ومعرفية تفاعلية تُنتج الأفكار وتفتح آفاق النقاش وتُثري المشهد الثقافي العربي. وأوضح أن هيئة الأدب والنشر والترجمة، تنظر إلى المعرض بوصفه موسمًا ثقافيًا شاملًا يجتمع فيه المبدع والناقد والناشر والقارئ في مساحة واحدة للحوار والتبادل المعرفي، وأن الفعاليات المصاحبة تسهم في توسيع مفهوم الكتاب نفسه، من كونه منتجًا يُقرأ إلى كونه فكرة تُناقش وتُلهم وتُحوّل إلى تجربة إنسانية حيّة. وأضاف الواصل: "نحن نؤمن أن الكتاب لا يعيش في رفوف المعارض فحسب، بل في العقول التي تتحاور حوله، وفي المنصات التي تُعيد طرح أسئلته وتوسيع دلالاته، ولهذا نحرص في كل دورة على أن تكون الفعاليات الفكرية والأدبية حاضرة بقوة، متنوّعة في موضوعاتها، ومفتوحة لكل صوت يسهم في بناء وعي ثقافي متجدد". وأكد أن هذه الفعاليات تُحوِّل معرض الرياض الدولي للكتاب إلى ملتقى عالمي للفكر والإبداع، تتقاطع فيه التجارب والمدارس الأدبية والفكرية المختلفة، مما يجعل من المعرض جسرًا للتواصل بين المثقفين العرب والعالميين، وبيئة تُعزّز الحوار والتفاهم وتُرسّخ مكانة المملكة كمركز إشعاع ثقافي في المنطقة والعالم. وفي حديثه عن مستقبل الكتاب الورقي في ظل الثورة الرقمية، قال الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة السعودية إن التحول التكنولوجي الهائل الذي يشهده العالم لا يعني انحسار الكتاب الورقي، بل يفتح أمامه آفاقًا جديدة، متابعا: "لا نرى صدامًا بين الكتاب الورقي والإلكتروني، بل تكاملًا يثري المشهد الثقافي ويمنح القارئ خيارات أوسع.. فالكتاب الورقي يحمل دفء التجربة الإنسانية وعبق القراءة التقليدية، بينما يمنح الكتاب الرقمي سهولة الوصول والانتشار". وأكد الدكتور الواصل أن الهيئة تنظر إلى الثورة الرقمية بوصفها فرصة وليست تحديًا، وأنها تعمل على توظيف التقنية في خدمة الأدب والنشر والترجمة، سواء عبر المنصات الإلكترونية أو المبادرات الرقمية التي تتيح للمؤلفين والقرّاء فضاءات جديدة للتفاعل. وقال "نحن نؤمن أن المستقبل للمعرفة في كل صورها، وأن التكنولوجيا يمكن أن تكون رافدًا أساسيًا في تعزيز القراءة وتوسيع نطاقها، وليس بديلاً عن الكتاب الورقي". ونوه بأن الهيئة ستواصل دعمها الكامل لكل ما يسهم في تطوير المشهد الأدبي والثقافي السعودي، وأنها ماضية في تنفيذ برامجها ومبادراتها التي تهدف إلى ترسيخ الثقافة بوصفها ركيزة أساسية في بناء الإنسان والمجتمع، وقال "نحن نؤمن أن الثقافة هي هوية الأمم وذاكرتها الحية، وأن الكتاب سيظل دائمًا صديق الإنسان ورفيق وعيه، مهما تبدلت الوسائل وتغيرت الأزمنة". اقرأ أيضا: بمشاركة 2000 دار نشر.. إطلاق معرض الرياض الدولي للكتاب 2024