محمد الزهيرى دخلت الحكومة الفيدرالية الأمريكية فى إغلاق رسمى مع بداية اكتوبر الجارى، بعد فشل الكونجرس فى تمرير قانون يضمن استمرار تمويل المؤسسات للسنة المالية الجديدة، وذلك فى أعقاب خلافات حادة بين الحزبين الديمقراطى والجمهورى حول أولويات الإنفاق، حيث رفض الديمقراطيون مقترحات الجمهوريين التى تضمنت خفض التمويل لبرامج الرعاية الصحية، بينما رفض الجمهوريون مطالب الديمقراطيين بزيادة الدعم لتلك البرامج. اقرأ أيضًا| ترامب يُهدد بالاستيلاء الكامل على واشنطن.. ورد قوي من مسؤولي العاصمة ويأتى هذا الخلاف السياسى بعد شهور من الخلافات بين الحزبين، حيث يطالب الديمقراطيون بإدراج بنود لتمديد تمويل الرعاية الصحية، لا سيما إعانات «أوباما كير» المقرر انتهاء العمل بها هذا العام، والتى سيؤدى توقفها إلى رفع أقساط التأمين الصحى. فى المقابل، رفض قادة الجمهوريين التفاوض حول مشروع قانون قصير الأجل لتفادى الإغلاق بشكل مؤقت، واقترحوا بدلا من ذلك مشروعا يبقى الإنفاق عند مستوياته الحالية حتى 21 نوفمبر، مع تأكيدهم أن التفاوض بشأن السياسات لن يتم إلا عبر العملية الاعتيادية للتمويل الفيدرالي. الإغلاق يعنى توقف عمل مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين، وتشير التقديرات إلى أن نحو 750 ألف موظف لن يتمكنوا من مباشرة أعمالهم يوميًا، بينما يستمر آخرون فى أداء مهام أساسية مثل الأمن ومراقبة الطيران، لكن دون أجر لحين انتهاء الأزمة، ورغم أن القانون يضمن حصولهم على مستحقاتهم لاحقًا، إلا أن الإدارة الفيدرالية والرئيس الأمريكى دونالد ترامب ألمحا إلى إمكانية تنفيذ عمليات فصل دائم لبعض الموظفين، فى حين سيواصل أعضاء الكونجرس والرئيس ترامب تقاضى رواتبهم بشكل طبيعي. اقرأ أيضًا| إغلاق الحكومة الأمريكية يهدد بشلّ حركة الطيران في الولاياتالمتحدة ويعد هذا أول إغلاق حكومى منذ عام 2018 فى الولاية الأولى للرئيس ترامب، والذى كان الأطول على الإطلاق، حيث استمر 35 يوما حتى أوائل 2019، نتيجة خلافات حول تمويل جدار حدودى مع المكسيك، وانتهى الإغلاق بعدما بدأ مراقبو الحركة الجوية بالتغيب عن العمل بسبب عدم تقاضيهم رواتب، مما أدى إلى تعطيل الرحلات.. وقدّر مكتب الميزانية فى الكونجرس أن هذا الإغلاق خفض الناتج الاقتصادى بنحو 11 مليار دولار، منها 3 مليارات لم تُسترد. ويؤثر الإغلاق بشكل كبير على الخدمات العامة التى بدورها تتعرض لاضطراب واسع، فمراكز الأبحاث والرقابة البيئية أوقفت نشاطها، بينما تعمل مؤسسات صحية مثل مراكز السيطرة على الأمراض بطواقم محدودة، مما يهدد ببطء الاستجابة للأزمات.. ويكلف الإغلاق الاقتصاد الأمريكى مليارات الدولارات يوميًا، وتشير توقعات البيت الأبيض إلى خسارة تصل إلى 15 مليار دولار أسبوعيًا من الناتج المحلى الإجمالى إذا استمرت الأزمة، فضلا عن أن توقف دخول الموظفين ينعكس سلبًا على الاستهلاك المحلى ويضعف ثقة المستثمرين، فيما حذرت شركات التصنيف الائتمانى من تأثير محتمل على الجدارة الائتمانية للولايات المتحدة إذا طالت فترة الإغلاق. وتعكس الأزمة الحالية صراعًا سياسيًا متصاعدًا حيث إنها ليست مجرد خلاف حول أرقام الميزانية، فالديمقراطيون يتهمون الجمهوريين باستخدام الإغلاق كوسيلة ضغط على برامج اجتماعية أساسية، بينما يرى الجمهوريون أن تمويل الحكومة يجب أن يكون «غير مشروط».