انطلقت أول أمس الدورة 41 من عمر ثانى مهرجان تنظمه الجمعية المصرية لكُتاب ونُقاد السينما، فكثيرون لا يعرفون أن مهرجان القاهرة السينمائى الدولي، أول مهرجان سينمائى نظمته الجمعية برئاسة كمال الملاخ الذى نجح فى إدارته لمدة سبع سنوات، بعدها تم الاستيلاء عليه بمعرفة وزارة الثقافة، لتتفرغ الجمعية لتنظيم مهرجان الإسكندرية السينمائى لدول البحر المتوسط، والذى ظهر للنور عام 1979، وعلى مدار أربعة عقود، شَكَّل مهرجان الإسكندرية السينمائي، منصة فريدة للحوار الثقافى والفنى بين شعوب المنطقة، وتأكدت أهمية المهرجان كجسر بين السينمائيين والمتفرجين، وكرافعة للنقد السينمائي، ومختبر لتجارب إبداعية تبحث عن هوية مشتركة. منذ انطلاقه، تَمَيَّز المهرجان بخصوصية جغرافية وثقافية منحته هوية مغايرة للمهرجانات العربية والعالمية، تركيزه على دول البحر المتوسط جعله مرآة تعكس قضايا الهجرة، الهوية، الذاكرة، والحدود، بما يتجاوز حدود الاحتفاء السينمائى ليصبح صوتًا للثقافات المتنوعة فى مواجهة نزعة التوحيد الثقافي. لا يكتفى المهرجان بعرض الأفلام، بل يعمل على بناء خطاب نقدى موازٍ عبرالمسابقات الرسمية والندوات وورش العمل، الاختيارات البرمجية تأتى مدروسة لتعكس قضايا معاصرة وشجاعة فنية، ما يجعله مساحة تلتقى فيها التجارب الجديدة مع أصوات نقدية تؤسس حوارًا متجددًا حول السينما ودورها المجتمعي. اهتم بجمهوره المحلى عبر برامج موازية وعروض خارجية، فى محاولة لنشر الثقافة السينمائية وتعزيز وعى المشاهد بقضايا المنطقة، بذلك، تجاوز دوره بوصفه مهرجانًا نخبويًا ليصبح حدثًا شعبيًا له حضور اجتماعي، وكان المهرجان عبر دوراته المتعاقبة، شهادة مرور ونجومية لممثلين وممثلات ومخرجين ومؤلفين وصُناع سينما حصدوا جوائزهم الأولى فى مشوارهم من خلاله. رغم نجاحاته، يُواجه المهرجان، أزمات تتعلق بالتمويل المستدام، والقيود الرقابية، والحاجة إلى تواصل إعلامى معاصر يصل إلى الأجيال الجديدة عبر المنصات الرقمية، هذه التحديات، إذا لم تُواجَه برؤية حديثة، قد تحد من قدرته على التوسع والتأثير. عند 41 عامًا، يقف مهرجان الإسكندرية شامخًا على الشاطئ الجنوبى للمتوسط، يسير بثبات ويُواجه تحديات ولا يلتفت لأفعال الصغار.. مبروك الأمير أباظة رئيس المهرجان، و»عقبال» الاحتفال باليوبيل الذهبى.