تعيد الاستراتيجية التى يتبعها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وإدارته الحالية إلى الأذهان صورة «الكاوبوي» المتجذرة فى الثقافة السياسية الأمريكية.. فمنذ أن تمت إعادة انتخابه فى ولايته الحالية انتهج بشكل واضح «استراتيجية رعاة البقر» القائمة على الهيمنة.. فعلى المستوى الداخلى تم تفريغ المؤسسات الحكومية الأمريكية وتركيز السلطة فى يد رئيس مهيمن.. وعلى المستوى الدولى أعلن انسحاب الولاياتالمتحدة من العديد من المنظمات الدولية التى ساهمت فى استقرار العالم منذ الحرب العالمية الثانية. تطبيق «ترامب» لهذه الاستراتيجية يمكن رصده فى عدة جوانب.. منها أسلوب التفاوض العدوانى والتجاهل للبروتوكولات التقليدية، والتركيز على تحقيق أقصى قدر من المكاسب الشخصية أو الوطنية.. فطالما بدأ حديثه بمطالب متطرفة، واستخدام أسلوب التهديد، بالإضافة لتلويحه الدائم بالانسحاب من الاتفاقيات إذا لم يتم تلبية شروطه.. وبالنظر لأسلوب تعامله وحديثه مع كل من قام بزيارته وعقد معه مؤتمرًا صحفيًا فى المكتب البيضاوى حليفًا كان أو صديقًا لأمريكا يمكن ملاحظة هذا الأسلوب بكل وضوح. ومن منطلق هذه الاستراتيجية يمكن فهم رؤية «ترامب» لمفهوم القوة والهيمنة وهى ببساطة «لعبة محصلتها صفر»، أى لكى يفوز «الكاوبوي» يجب أن يخسر الجميع.. وهو ما يتجلى فيما تقوم به أمريكا من عسكرة العالم من خلال خطط لزيادة الإنفاق العسكرى بشكل كبير بعد تقليص ميزانية الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية فى محاولة لإظهار القوة الاقتصادية والعسكرية على الساحة العالمية. الإطار الفكرى والسياسي الذي يطبقه الرئيس الأمريكي الذى يركز على السيطرة المطلقة وفرض الإرادة وتحقيق المكاسب من خلال المواجهة بدلًا من التعاون ينذر بعواقب غير محمودة العواقب، وغير محددة المدى سواء على المشهد فى الداخل الأمريكى، أو على مستوى المسرح العالمى الرافض لاستمرار الهيمنة الأمريكية، وانفراد الولاياتالمتحدة بصناعة القرار الدولى.