في مشهد وصفه مراقبون بأنه تحول جذري في خطاب السياسة الأمريكية تجاه موسكو، خرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ليطلق تصريحات غير مسبوقة حول الحرب الأوكرانية، بين حديثه عن قدرة كييف على استعادة حدودها كما كانت قبل الغزو الروسي، وتصعيده بدعوته إلى إسقاط الطائرات الروسية إذا اخترقت أجواء دول حلف شمال الأطلسي، بدا أن ترامب ينقل مواقفه من التنازلات إلى خطاب يضع الولاياتالمتحدة وحلفاءها في مواجهة مباشرة مع الكرملين. تحوّل موقف ترامب قال ترامب يوم الثلاثاء إن أوكرانيا قادرة على استعادة كامل حدودها السابقة، مؤكداً أن "أوكرانيا، بدعم من الاتحاد الأوروبي، قادرة على القتال واستعادة كامل أراضيها إلى حالتها الأصلية"، واعتبر أن روسيا "نمر من ورق"، موضحاً أن الحرب تُكلف موسكو أموالاً باهظة وتضيق الخناق على مواردها. هذه المرة الأولى منذ توليه منصبه التي يعلن فيها ترامب بشكل مباشر إمكانية استعادة أوكرانيا لجميع الأراضي التي سيطرت عليها روسيا منذ عام 2014، بعدما كان قد دعا سابقاً إلى تخلي كييف عن بعض أراضيها لتحقيق اتفاق سلام. وخلال اجتماعه مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، رد ترامب على سؤال حول إسقاط طائرات روسية إذا اخترقت أجواء الناتو قائلاً: "نعم، أعتقد ذلك". لاحقاً، كتب على موقعه "تروث سوشيال" أن "الحدود الأصلية التي انطلقت منها هذه الحرب خيار وارد"، مشدداً: "ستتمكن أوكرانيا من استعادة بلدها كما كان، ومن يدري، ربما تتجاوز ذلك". إشادة أوكرانية وصف زيلينسكي الموقف الجديد لترامب بأنه "تحول كبير"، مضيفاً في مؤتمر صحفي "ترامب هو عامل تغيير بحد ذاته"، وأكد أنه أطلع الرئيس الأمريكي على تفاصيل الوضع الميداني، مشيراً إلى أن ترامب بات "يعرف تفاصيل أكثر من ذي قبل". لكن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو اتخذ موقفاً مختلفاً، حيث قال أمام مجلس الأمن الدولي إن الحرب "لا يمكن أن تنتهي عسكرياً"، مؤكداً أنها ستنتهي "على طاولة المفاوضات"، وأوضح أن الولاياتالمتحدة ما زالت ملتزمة بالبحث عن حل سلمي، داعياً جميع الأطراف، بما فيهم روسيا، إلى بذل كل الجهود لإنهاء الحرب. في منشوراته، شدد ترامب على قدرة أوكرانيا على النصر بدعم أوروبي، دون أن يلمح إلى أي زيادة في الدعم الأمريكي، وحسب شبكة "سي إن إن" فإن إدارته لم تتحدث عن إمكانية تقديم دعم إضافي، ولم يصدر موقف رسمي. التوتر يتصاعد تحذيرات ترامب حول إسقاط الطائرات الروسية تتزامن مع سلسلة من التوغلات الجوية الروسية في أجواء دول أوروبية، فقد دخلت ثلاث مقاتلات روسية من طراز "ميغ-31" الأجواء الإستونية، كما اخترقت طائرات مسيرة ومقاتلات روسية الأجواء البولندية الأسبوع الماضي. كما شهدت النرويج والدنمارك إغلاقاً مؤقتاً لأبرز مطاراتها بعد رصد طائرات مسيرة مجهولة المصدر، ما عطل سفر عشرات الآلاف، وقالت رئيسة وزراء الدنمارك ميت فريدريكسن إنها "لا تستطيع أن تنفي بأي حال أن روسيا قد تكون وراءه". وشدد أمين عام الحلف مارك روته على أن إسقاط الطائرات الروسية يجب أن يعتمد على "تقييم النية والتهديد"، لكنه أكد في الوقت نفسه أن الناتو "مستعد للدفاع عن كل شبر من أراضي حلفائه". ورغم هذا الحذر الأوروبي، بدا ترامب أكثر صرامة، قائلاً إن الأمر "يعتمد على الظروف"، لكنه أكد تمسكه القوي بحلف الناتو.