فضيحة سرقة الأسورة الفرعونية الذهبية من المتحف المصرى يجب ألا تمر هكذا مرور الكرام. صحيح أن وزارة الداخلية نجحت فى القبض على الجناة، إخصائية الترميم بالمتحف وشركائها فى الجريمة الجواهرجى، وعامل سبك الذهب، وصحيح أنهم قيد التحقيق ثم المحاكمة. لكن هل يجب أن تكون هذه هى نهاية القصة؟ يقولون «شر البلية ما يضحك» لكن فى حالتنا هذه «شر البلية ما يخجل، ما يغضب، ما يحزن، ما يكسر القلب، ويجلب الحسرة». تاريخ مصر يتم التطاول عليه، والتجرؤ على العبث به بروح متبلدة، وعقل ممسوح، وضمير معدوم! أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات من حقنا أن نسألها كمواطنين مصريين لنا الحق فى الحفاظ على تاريخنا الذى لا يزال يذهل العالم، من المسئول عن هذا التسيب الرهيب، وذلك الإهمال الجسيم فى متحفنا المصرى؟ أين المدير؟ أين أجهزة المراقبة والكاميرات وتأمين المتحف بكل محتوياته وقطعه الأثرية؟ أين الكاميرات ونظام الحماية؟ العجيب أنه لا أحد أصدر بيانا من وزارة الآثار يشرح ويفسر ما حدث!، لا مسئول تمت محاسبته عن هذا الخلل الذى تسبب فى تلك الفضيحة المدوية التى كتبت عنها الصحف والمواقع الإخبارية فى العالم كله! المفترض أننا بدأنا حملة دعائية عالمية رائعة بمناسبة افتتاح المتحف المصرى الكبير، والذى سيكون بعد حوالى شهر من الآن. كذلك كانت زيارة ملك وملكة إسبانيا لمصر والمناطق الأثرية فى القاهرةوالجيزة والأقصر أكبر دعاية مجانية للسياحة فى مصر. ثم تأتى هذه الحادثة المخجلة لتخصم من أرصدة هائلة كسبناها مع تلك الحملة الدعائية العالمية، وثم نتيجة للزيارة الملكية المبهرة التى نشرت عنها صحف العالم، صور الملك والملكة وفى خلفيتهما أهرامات الجيزة، ومعبد حتشبسوت بالأقصر، ومركز الأمير قيتباى للفنون والثقافة بالجمالية. وارتداء الملكة لجاكيت من تصميم فنانة مصرية هى دينا شاكر، وارتدائها لحلق من منتج مصرى «هاند ميد»، كل هذه الصور المضيئة، التى تدعو للفخر والسعادة، أفسدتها تلك السارقة الوضيعة التى هانت عليها سمعة بلدها وتاريخها. وهذا الجاهل الذى صهر الأسورة الفرعونية كأنها سبيكة عادية. محاسبة المسئولين عن المواقع الأثرية التى تحتضن تاريخ مصر فى مثل هذه الحوادث مسألة حتمية، والتهاون فى محاسبتهم جريمة لا يجب السكوت عنها.