رئيس مجلس الشيوخ يلتقي وزير العدل    "التموين" يستمع لمطالب شعبة المخابر.. ويطمئن على سير العمل    رئيس الوزراء يتابع مستجدات الموقف التنفيذي لمشروع "رأس الحكمة"    آخر مهلة لسداد فاتورة التليفون الأرضي لشهر أكتوبر 2025.. خطوات الاستعلام والسداد والغرامات بالتفصيل    محافظ مطروح يتفقد مركز التدريب المدني.. ويؤكد الإعلان عن دورات تدريبية قريبا    جيش الاحتلال: علينا زيادة الخدمة الإلزامية إلى 36 شهرا    إعصار فونج-وونج يصل إلى مقاطعة أورورا شمال شرقى الفلبين    انتهاء عملية التصويت الخاص وإغلاق المراكز الانتخابية في العراق    حسام وإبراهيم حسن يتواجدان في مباراة الأهلي والزمالك بنهائي السوبر    مصرع 4 أشخاص وإصابة 3 آخرين في انقلاب سيارة ملاكي من أعلى معدية ببني سويف    وزارة الداخلية: خطة أمنية متكاملة لتأمين انتخابات مجلس النواب 2025.. صور    محمد المزيودي يكشف للستات مايعرفوش يكدبوا تفاصيل فكرة استعادة الآثار المهربة    محافظ المنيا يكرم الأبطال المتميزين رياضيا من ذوى الهمم    أبرز ملفات الشرع في واشنطن.. «قانون قيصر» و«التعاون الدفاعي» يتصدران أجندة المباحثات    بالتسابيح والإلحان.. بدء أنطلاق فعاليات اليوم الأول لإحتفالات دير مارجرجس بالرزيقات غرب الأقصر    وزيرة التضامن تعلن عن دعم مستشفى شفاء الأورمان بالأقصر ب10 ملايين جنيه    الفريق البحثى لكلية الطب بالقوات المسلحة يحصد الميدالية الذهبية في المسابقة العالمية للهندسة الوراثية    «الداخلية»: ضبط صانعة محتوى رقصت بملابس خادشة على وسائل التواصل الإجماعي    «الداخلية» تكشف حقيقة فيديو «أطفال بلا مأوى» بالشرقية.. الأم تركتهم أثناء التسول    العثور على جثة شخص بها طلقات نارية في قنا    المستشارة أمل عمار تدعو سيدات مصر للمشاركة بقوة في انتخابات مجلس النواب 2025    وزير الثقافة يلتقي نظيره القطري لمناقشة عدد من المشروعات الثقافية    وزير الصحة يبحث مع ممثلي «الصحة العالمية» تعزيز جهود مواجهة الكوارث والطوارئ    زلزال قوي يضرب الساحل الشمالي لليابان وتحذير من تسونامي    محافظ قنا يترأس اجتماع لجنة استرداد أراضي الدولة لمتابعة جهود التقنين وتوحيد الإجراءات    المشاط: ألمانيا من أبرز شركاء التنمية الدوليين لمصر.. وتربط البلدين علاقات تعاون ثنائي تمتد لعقود    موفدو الأوقاف بالخارج يبادرون لأداء واجبهم الوطني في انتخابات مجلس النواب بمقار السفارات والقنصليات المصرية بالخارج    رئيس منتدى مصر للإعلام تستقبل رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام    «تنتظره على أحر من الجمر».. 3 أبراج تقع في غرام الشتاء    سمير عمر رئيس قطاع الأخبار بالشركة المتحدة يشارك في ندوات منتدى مصر للإعلام    تحسين الأسطل : الأوضاع في قطاع غزة ما زالت تشهد خروقات متكررة    علاج مجانى ل1382 مواطنا من أبناء مدينة أبو سمبل السياحية    أحمد سعد يتألق على مسرح "يايلا أرينا" في ألمانيا.. صور    رئيس الجامعة الفيوم يستقبل فريق الهيئة القومية لضمان جودة التعليم    ضبط تشكيل عصابي لتهريب المخدرات بقيمة 105 مليون جنيه بأسوان    ما حكم الخروج من الصلاة للذهاب إلى الحمام؟ (الإفتاء تفسر)    استلام 790 شجرة تمهيداً لزراعتها بمختلف مراكز ومدن الشرقية    امتحانات الشهادة الإعدادية للترم الأول وموعد تسجيل استمارة البيانات    «زي كولر».. شوبير يعلق على أسلوب توروب مع الأهلي قبل قمة الزمالك    التنسيقية: إقبال كثيف في دول الخليج العربي على التصويت في النواب    أهم 10 معلومات عن حفل The Grand Ball الملكي بعد إقامته في قصر عابدين    وجبات خفيفة صحية، تمنح الشبع بدون زيادة الوزن    الأوقاف توضح ديانة المصريين القدماء: فيهم أنبياء ومؤمنون وليسوا عبدة أوثان    تأجيل محاكمة 10 متهمين بخلية التجمع لجلسة 29 ديسمبر    «كفاية كوباية قهوة وشاي واحدة».. مشروبات ممنوعة لمرضى ضغط الدم    مئات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى والاحتلال يواصل الاعتقالات في الضفة الغربية    وفاة الكاتب مصطفى نصر بعد تعرضه لأزمة صحية مفاجئة    قافلة «زاد العزة» ال 68 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    التشكيل المتوقع للزمالك أمام الأهلي في نهائي السوبر    أمين الفتوى: الصلاة بملابس البيت صحيحة بشرط ستر الجسد وعدم الشفافية    على خطى النبي.. رحلة روحانية تمتد من مكة إلى المدينة لإحياء معاني الهجرة    الزمالك كعبه عالي على بيراميدز وعبدالرؤوف نجح في دعم لاعبيه نفسيًا    مواعيد مباريات الأحد 9 نوفمبر - نهائي السوبر المصري.. ومانشستر سيتي ضد ليفربول    طولان: محمد عبد الله في قائمة منتخب مصر الأولية لكأس العرب    «لعبت 3 مباريات».. شوبير يوجه رسالة لناصر ماهر بعد استبعاده من منتخب مصر    معلومات الوزراء : 70.8% من المصريين تابعوا افتتاح المتحف الكبير عبر التليفزيون    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    «الكلام اللي قولته يجهلنا.. هي دي ثقافتك؟».. أحمد بلال يفتح النار على خالد الغندور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أطفال غزة .. بين التجويع والقصف والأمراض وغياب الدواء
مصر توقف مخططات التهجير لمنع محو القضية الفلسطينية
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 14 - 09 - 2025

بين التجويع والقصف والأمراض وغياب الدواء .. كل الطرق تؤدى إلى الموت !
70% من إجمالى قوافل الإغاثة.. «مصرية»
جراح محفورة لا تلتئم، أرواح تنزف بلا ضماد، براءة اخترقتها الشظايا، وطفولة إغتالها الغدر، أجساد صغيرة أنهكها الجوع فباتت البطون خاوية، والوجوه شاحبة، والعيون لا تكف عن البكاء بين خيام النازحين يتعالى صراخ الجوع وأنين المرض، ويمتزج وجع الأمهات بالام اطفالهن، ووسط الأزقة المظلمة قصف خلّف شظايا فى الرؤوس، وحرمان ترك أمراضًا تتفشى بلا دواء، وجوع صار سلاحًا يفتك بمن نجا من الموت المباشر.
هكذا تُقتل الطفولة فى غزة بين رصاصٍ يقتنص الحياة ولقمةٍ مفقودة ودواءٍ غائب، لتتحول أيامهم إلى معركة يومية مع البقاء.. «الأخبار» تفتح ملف أطفال غزة، لتسلّط الضوء على جراح الطفولة التى اغتالتها الحرب، وتعرض نماذج من قصصهم المؤلمة بأصواتهم الحقيقية ، وأصوات أمهاتهم التى روت ل «الأخبار» معاناتهم اليومية مع الجوع والإصابات والأمراض، كما ترصد فى الوقت نفسه الدور الإنسانى لمصر فى محاولة إنقاذهم ومدّ يد العون لهم.»
منذ اندلاع الحرب، تحاول مصر فتح شرايين الحياة عبر كل المساعدات المتاحة من قوافل محمّلة بالمواد الغذائية والدواء وحليب الأطفال والدقيق، التى دخلت عبر معبر رفح وكرم أبو سالم، يقودها الهلال الأحمر المصري. كما استقبلت مستشفيات العريش وسيناء مئات الجرحى والمرضى من غزة، معظمهم أطفال يعانون من إصابات بالغة أو أمراض ناتجة عن سوء التغذية. ومع كل ذلك، تبقى العقبات قائمة بسبب القيود الإسرائيلية التى تعطل مرور الشاحنات وتعيد جزءًا منها.
فقد أرسلت مصر خلال الأشهر الماضية مئات القوافل الإغاثية المحملة بالأدوية والمستلزمات الطبية، إضافة إلى سيارات إسعاف مجهزة. كما تضمنت المساعدات كميات كبيرة من ألبان الأطفال والمواد الغذائية المخصّصة لهم لمواجهة النقص الحاد فى التغذية.
وأطلق الهلال الأحمر المصرى سلسلة قوافل «زاد العزة»، التى ضمت آلاف الأطنان من المساعدات، بينما ساهمت مؤسسة مصر الخير فى توفير 1٫530 شاحنة محملة بالأدوية وألبان الأطفال وبرامج دعم نفسى وتعليمي.
وشملت المساعدات الطبية وحدها مئات الآلاف من الوحدات الدوائية، إضافة إلى سيارات إسعاف مجهزة بالكامل. كما تم توفير برامج دعم نفسى للأطفال الذين يعانون من آثار الحرب.. وأكدت وزارة الخارجية المصرية أن القاهرة أسهمت فى إدخال نحو 70% من إجمالى المساعدات التى وصلت القطاع حتى مطلع العام الجاري، بالتنسيق مع منظمات دولية.. كل هذه الجهود تعكس التزام مصر الدائم بإنقاذ أرواح الأطفال فى غزة وتوفير الغذاء والعلاج وسط واحدة من أصعب الأزمات الإنسانية. ولن تتوقف مصر عن أداء دورها الإنسانى والتاريخى فى مساندة الشعب الفلسطيني.. وقد وصف الرئيس عبد الفتاح السيسى المشهد بوضوح: «ما يحدث فى غزة حرب إبادة وتجويع ومحو للقضية الفلسطينية. مصر ليست طرفًا فى حصار غزة، بل بوابة لإدخال المساعدات»، مؤكدًا أن استخدام التجويع كسلاح حرب جريمة سيحاسب عليها التاريخ.. وفى هذا الإطار، يقول الدكتور أحمد فؤاد محلل الشئون العبرية: «من المعلوم أن الجانب الإسرائيلى يقتل الأطفال، وهناك حاخامات يفتون لهم بجواز هذا الأمر، وقد تجلى ذلك فى كتاب شريعة الملك الذى قام بتأليفه 7 من الحاخامات. ومصر تدرك جيدًا أن زرع الأمل فى نفوس الشعب الفلسطينى يفسد على إسرائيل مخططاتها، التى من أهمها تهجير الفلسطينيين. وتعد رعاية مصر للأطفال أحد أهم أشكال تثبيت الشعب الفلسطينى على أرضه».. مؤكدًا أن مصر قدمت مساعدات ل27 ألف طفل فلسطينى مرضى سرطان وأمراض خطيرة ومصابين بإصابات خطيرة، وقدمت تطعيمات وسيارات إسعاف وأغذية متنوعة وحليبًا للأطفال. وقد أدارت مصر القطاع لسنوات باعتبارها الشقيقة الكبرى وأشرفت على المناهج والتدريس والامتحانات. كما سمحت مصر بدخول 100 ألف فلسطينى من الأسر وأطفالهم مع إعفائهم من أى رسوم وتقديم كل الخدمات لهم.
كل هذه المواقف تؤكد أن مصر تعمل بكل جهدها على إنقاذ أطفال غزة من الجرائم الإسرائيلية، وقد لاحقت مصر مرارًا مجرمى الحرب من خلال محكمة العدل الدولية، الذين يرتكبون أبشع الجرائم بأسلحتهم الثقيلة دون التفريق بين طفل ومحارب. فمصر تعلم جيدًا أن إسرائيل تحاول زرع اليأس فى نفوس الشعب الفلسطينى لتصفية القضية بشتى الطرق ولن تسمح بذلك.
حكايات من تحت الركام
الأطفال وأمهاتهم يروون ل«الأخبار» قصص معاناتهم
وسط جدران مهدّمة ، وخيام متهالكة وأسِرّة باردة فى المستشفيات، تتناثر حكايات لأطفال انتهكت براءتهم، فى كل قصة طفل حكاية أمة تُحاصر، وفى كل دمعة أمّ مأساة جيل يُنتزع حقه فى الحياة قبل أن يبدأها ، لم تعد طفولتهم تعرف اللعب أوالضحك، بل تحوّلت إلى صراع يومى من اجل البقاء على قيد الحياة.
أم فلسطينية تحكى مأساة طفلتيها
بين جدران منزل متهالك فى غزة، تجلس أم فلسطينية مقهورة، تترقب عيونها طفلتها الصغيرة «جنى عياد»، بينما قلبها يعتصر ألمًا على فقدان إبنتها الكبرى «جوري» التى توفيت قبل أيام قليلة. فقد كانت جورى تحلم بالسفر لتلقى العلاج، لكن الموت كان أسرع من أحلامها، ولم تمهلها الحياة لتحتضن والدتها وشقيقتها الصغيرة ،
تحكى الأم ل « الأخبار» اصيب بناتى بمرض مناعى نادر قبل عام ونصف نتيجة لسوء التغذية ، بدأت المعاناة مع إبنتى الكبرى جورى التى حاولت بشتى الطرق الاستغاثة لعلاجها ، وصارت حالتها الصحية تتدهور سريعا ، كانت تصرخ من الألم وهى فى حضنى ، وانا أصرخ من قلة الحيلة والوجع عليها ، ظلت جورى تتألم حتى قطعت انفاسها فجأة وهى تنظر لى كأنها تودعنى ، واليوم أعيش الوجع ذاته بكل تفاصيل الألم مع إبنتى الصغرى جنى ، ولا اتخيل اننى سأعيش تلك اللحظة القاسية مرة اخرى واراها تحتضر بين يدى وترحل بصمت دون ان اقدر على إنقاذها
وتضيف الأم بصوت يملأه الحسرة :» صرت اقول ياناس ابوس إيديكم إنقذوا بنتى حتى لايكون مصيرها مثل اختها ، اتمنى جنى تسافر لتتعالج واشوفها بتشفى وبترجع بنتى الحلوة تلعب وتضحك كيف ماكانت من قبل.
لارا تحاصرها غيبوبة السكر
طفلة تشبه الورود ، لكنها لا تنعم بهدوء عيشهم ، تحارب بجسدها الصغير كل أشكال الفقد للدواء والغذاء و الأمان، وحتى الحق فى البقاء ووسط ركام هذه الحرب، تنطفئ طفولتها كل يوم، ويصرخ جسدها طالبا الإنقاذ.
حين ارادت لارا ان تسمع العالم صرختها خرجت فيه فيديو تصف حالتها بكلمات موجعة قائلة : «تستنوا على أموت وتحكوا الله يرحمها؟!». تبلغ لارا من العمر 13 سنة، لكنها منذ 7 سنوات تخوض معركة يومية ضد مرض السكرى من النوع الأول قبل الحرب كان والدها يوفر لها العلاج بانتظام، لكن الحرب لم تترك لها شيئًا ، الدواء انقطع، والغذاء المناسب اختفى، والعلاج توقّف، فانهار جسدها الصغير و دخلت فى غيبوبة سكر، ومكثت فى العناية المركزة بعد إصابتها بحموضة دم حادة وهبوط خطير فى السكر
يقول والد لارا « للأخبار» ابنتى لارا مصابة بمرض السكرى من النوع الأول، توقف بنكرياسها تمامًا عن العمل، ولا يُفرز الأنسولين إطلاقًا ، لهذا السبب تتعرض باستمرار لنوبات خطيرة من انخفاض أو ارتفاع السكر فى الجسم، مما يؤدى إلى غيبوبات متكررة وارتفاع شديد فى حموضة الدم، وهذا يضعها دائمًا بين الحياة والموت». «فى الفترة الأخيرة دخلت لارا إلى العناية المركزة ،وخرجت منها قبل يومين فقط من نشر الفيديو المنتشر لها، والحمد لله على سلامتها ، لكن حالتها ما زالت حرجة وتحتاج إلى علاج عاجل»
مضيفا :»للأسف، لم أعد قادرًا على تأمين أبسط احتياجات أسرتى بسبب الغلاء الفاحش، وانعدام مصادر الرزق فى غزة الأمور تزداد سوءًا يومًا بعد يوم، وظاهرة اللصوص وقطاع الطرق والعصابات المسلحة باتت منتشرة، وأصبح الخروج من البيت بحد ذاته خطرًا». ويستكمل حديثه :»لارا بحاجة ماسة إلى السفر خارج غزة لتلقى العلاج المناسب، بالإضافة إلى نظام غذائى متكامل يحتوى على الخضراوات، الفواكه، اللحوم، وكل أنواع الطعام الصحى الضرورى لحالتها ، هذا النوع من الغذاء لم يعد متوفرًا لنا» «المؤلم أكثر أن بعض الأشخاص تنمّروا عليها فى التعليقات لمجرد أنها ترتدى ملابس نظيفة وتهتم بمظهرها، كأن الفقر يجب أن يُرى فى الملابس ، طالبونا بأن نظهرها بمظهر المتسوّلين، لكننا نرفض ذلك ، لارا طفلة جميلة ، تحب أن تهتم بنفسها، وأن تبدو جميلة حتى وهى تتألم «
وتحكى لارا «: اصابنى مرض السكر منذ سبع سنوات،حينها لم يشعرنى ابى وامى بأى خطر كنت العب مع اصحابى واذهب لمدرستى ، اتناول أطعمتى المفضلة التى تشرف عليها والدتى ، حتى الحقن التى يخافها كل الأطفال لم أخف منها، ولكن منذ ان بدأ الحصار ولم يستطع والدى توفير علاجى ، ولم تقدر أمى على توفير الطعام لى ، فصرت اتعرض لغيبوبات سكر متكررة ، وكلما فقت وجدت ابى وامى فى انهيار تام وانا لا اتذكر شيئا، لم أكن أعرف ان مرض السكر خطير لهذه الدرجة وأخاف ان أدخل مرة فى غيبوبة لا أرى بعدها ابى وامى مرة اخرى
عبيدة الفلسطينى.. حلم لاعب دفنته الحرب
لم يحمل سلاحا ، ولم يعرف طريق الجبهة ، فقط كان يحمل كره متهالكة ، ويركض خلف حلم صغير فى شوارع دير البلح بأن يصبح لاعبًا محترفًا ، ولكن الحرب لا تعرف الأحلام ، ولا ترحم الطفولة فى لحظة غادرة سقطت قذيفة إسرائيلية ، واخترقت الشظايا حلمه قبل ان تخترق جسده ، خطفته من ملعب الحلم إلى عكاز الحرب ، عبيدة عطوان طفل فلسطينى لم يكمل عامه الخامس عشر فقد يده وساقه اليمنى بعد قصف إسرائيلى استهدفه وأسرته فى دير البلح تروى والدة الطفل الفلسطينى عبيده ل « الأخبار» قائلة :» كان عبيدة معى انا وإخوته الثلاثة وشقيقته آيات حين استهدفنا القصف الإسرائيلي أُصيبت آيات اخته بشظايا فى صدرها، بينما نجا إخوته الآخرون بأعجوبة ،أما عبيدة، فكان الأكثر تضررًا وبعد رحلة ألم شاقة وصلنا مستشفى شهداء الأقصى، كان عبيده يعانى نزيفا حادا فى الفخذ ويحتاج لبتر مباشر لمشط القدم اليمنى فتم نُقله إلى المستشفى الأوروبى فى رفح، لأنه الوحيد الذى يوجد فيه طبيب أوعية دموية، بعكس المستشفى الأخر الذى يفتقر إلى التخصصات اللازمة بسبب قلة الكوادر الطبية ، وبعد يومين فقط، تقرر بتر يده اليمنى من أعلى الكوع نتيجة تهتك شديد وخطر التسمم .
وتكمل الأم حديثها :» قضى عبيدة شهرا فى المستشفى الأوروبي، ثم نُقل إلى مستشفى الصليب الميدانى غرب رفح لاستكمال علاجه.
وهناك خضع لعدة عمليات جراحية، من بينها ترقيع فى الفخذ، واستخراج شظايا متعددة من جسده ، واكملت ام عبيدة :» مهما حاولت وصف مشقة الرحلة التى خاضها عبيدة للوصول إلى المستشفى فلن تسعفنى الكلمات.
الطريق إلى رفح طويل جدا ولا توجد أى مواصلات للوصول ، الغذاء شبه معدوم، وجسده الجريح بحاجة لتغذية جيدة كى يتماثل للشفاء ،ولا شيء من أساسيات العلاج كان متوفرًا. ورغم ذلك، تحمّل عبيدة كل هذا الألم، فقط لأنه كان متمسكًا بحلمه القديم ، ولديه امل ان يتعافى ويسير على قدميه من جديد ، واليوم ساق عبيدة المتبقية مهددة بالبتر مجددًا، ولا تتوفر فى غزة أطراف صناعية ولا خدمات تأهيل مناسبة. انتهت حياته الرياضية قبل أن تبدأ ، وبعد ان كان يحلم ان يصبح لاعبا للكرة ، صار عاجزًا عن المشى ، وتحطم حلمه الصغير تحطم تحت أنقاض الحرب.
مكملة حديثها :» عبيده بحاجة عاجلة للسفر لاستكمال علاجه، يتمنى أن يحصل على أطراف صناعية تُعيد له توازنه، وتفتح له بابًا جديدا للحياة.
محمد سلوت.. طفل فلسطينى أوقف القصف خطواته الصغيرة
كان يلعب أمام منزله ، يركض خلف أحلامه الصغيرة، قبل أن تخطفه لحظة قاسية من قلب طفولته ، شظية غادرة استقرت فى ظهره، مزقت حبله الشوكى وألحقت أضرارًا بالغة بكبده وكليتيه والاثنى عشر والمثانة، تاركة جسده نصف مشلول، وأحلامه معلقة بين الألم والأمل.. محمد سلوت طفل فلسطينى يبلغ من العمر 11 عاما ، ما تزال شظايا القصف مستقرة فى عموده الفقري، تذكّره كل يوم بجراح لم تلتئم، بينما تهدد التقرحات الخطيرة حياته فى أى لحظة.
تحكى الأم ل « الأخبار» بصوت يختنق بالدموع : «إبنى كان يلعب فى الطريق وقت قصف السيارة إللى استهدفها الاحتلال الصهيونى ، فجأة سمعت صوت القصف، ولقيته واقع على الأرض، والدم مغرقه ، نقلوه على المستشفى وقالوا لى حالته خطيرة جدا ، الشظايا دخلت بطنه ، من يومها وهو راقد على سريره، ما بيتحرك، وكل يوم حالته بتسوء أكتر ،وقلبى بيتقطع وأنا بشوفه بيتألم قدامى ، ما بطلب غير إنه يسافر ويتعالج، يمكن ربنا يكتب له عمر جديد ويقدر يرجع طفل زى باقى الأطفال «
مكملة حديثها عن وصف حالته الصحية :» حين اخترقت الشظايا بطن محمد، أحدثت أضرارًا بالغة فى كبده وكليتيه والاثنى عشر والمثانة، قبل أن تقطع حبله الشوكي، وتسببت له فى شلل نصفي.
وتبقى أجزاءً منها مستقرة فى عموده الفقري، مهددة حياته يومًا بعد يوم، بينما يعانى أيضًا من تقرحات خطيرة جدا تستدعى تدخلاً عاجلًا.
منذ إصابة إبنى وهو يرقد فى المستشفى لتلقى التأهيل الطبي، فى محاولة لاستعادة ولو جزء من قدرته على الحركة، لكن حالته الصحية تتدهور بشكل كبير ، والأمل الأكبر أصبح معلقًا بفرصة سفر عاجلة للعلاج بالخارج، كما حدث مع أطفال آخرين تمكنوا من النجاة بعد تلقيهم الرعاية اللازمة.
مريم.. سرق القصف طفولتها وتركها تبحث عن ملامحها
لم تكن تعرف أن طفولتها ستغتال عند لحظة انفجار، وأن مرآتها ستعكس لها وجهًا جديدًا لم تعتده، وذكريات مشبعة بالوجع بدلًا من الضحكات.
مريم إبراهيم لم تكمل عامها الثانى عشر، ضرب منزلهم قصف مفاجئ، وفى لحظة غيّر ملامحها وترك ندوبا لا تنمحى فى جسدها وروحها للأبد. شظايا الحرب اخترقت رأسها، كسرت جمجمتها، وأجبرت الأطباء على إزالة عظمة كاملة من الجهة اليسرى. ومنذ تلك اللحظة، صار وجهها مرآة للوجع بدلًا من الضحكات.
فى مقطع قصير يدمى القلوب نشره الصحفى الفلسطينى عمرو طبش، ظهرت مريم باكية تقول: «حرمونى من طفولتي.. كنت جميلة جدًا قبل الإصابة، لكنهم الآن دائمًا يسخرون من شعرى ورأسي.» كلمات صغيرة بحجم قلبها، لكنها ثقيلة كحطام الحرب.. إصابة جسدية ونفسية مريم اليوم لا تواجه فقط إصابتها الجسدية، بل تصارع من أجل كرامتها كطفلة تنهشها سخرية الآخرين. تعانى من سوء تغذية، آلام حادة فى الرأس، تشنجات متواصلة، وارتفاع خطير فى الحرارة. تحتاج إلى عمليات جراحية وتجميلية عاجلة قبل أن تُسلب منها براءتها إلى الأبد.
تحكى والدتها ل « الأخبار « بصوت يختلط بالوجع
«كانت الساعة الثالثة عصرًا تقريبًا بعد ماانتهينا من الغدا ، مريم فى الحمام وأنا أغسل الملابس. فجأة وقع استهداف صاروخي.. لم أرها بعدها. أنا نفسى أصبت فى الحنجرة، دخلت العناية المركزة خمسة أيام فاقدة الوعي، ولم أعرف شيئًا عن ابنتي.». وبعد أيام عرفت ان مريم ترقد فى العناية، رأسها مكسور وشظية مستقرة فى الدماغ، لا عظم يحمى الجهة اليسرى من رأسها، العظمة محفوظة فى ثلاجة المستشفى بانتظار تحسّن حالتها ليعاد زرعها بعد شهور. وما زالت بنتى تبكى من الوجع ، لا تقدر تنام طول الليل ولا النهار ، تعانى من تشنجات، صداع لا يفارقها، وأرق يسرق نومها،. تكمل الأم بصوت محشرج: «بنتى عايشة وجع أكبر من عمرها. مش بس جسدها اللى بيتألم، لكن كل مرة تبص فى المراية تبكي.. زعلانة على شكلها وشعرها ورأسها اللى اتغيّر. الألم صار جوة قلبها فى حرب تانية.»
أما مريم تصف ماحدث لها ببراءة الطفولة :» انا زعلانة كتير على شكل رأسى وعلى شعرى إللى طاح ، انا كنت جميلة جدا قبل الإصابة ، الحين كل الناس صاروا يتنمروا على شكلى ، وعدت ما احب ابص لشكلى فى المراية ، ولا اعرف اذا كنت راح ارجع تانى اسرح شعرى ويرجع شعرى جميل وطويل مثل ماكان ولا لا، وببكاء شديد تكمل كلماتها « صرت اتوجع من كل شىء، ماعدت بعرف نام من وجع راسى ، بضل ابكى طول الليل والبكا بيزيد الوجع مابيقله
ميس.. رحلت بصمت وميرا.. على حافة الهاوية
بين جدران متهالكة فى مستشفى ناصر، تقاسمت طفلتان وجعًا يفوق أعمارهما الصغيرة، إختلط صمت الغرفة بأنين أجسادهما ميرا أحمد و ميس عبد العال تجمعهما براءة الطفولة،ويوحد بينهما الألم ذاته،إصابات بالغة فى الرأس، غيبوبات طويلة لا ترحم، وتشنجات تعصف بأجسادهما النحيلة، فيما يتسرب الموت ببطء إلى حياتهما، مع التهابات دماغية وصديد يتفشى فى الجروح.. كانت الطفلتان ميرا أحمد وميس عبد العال جارتين فى خيام النزوح، تلعبان معًا، تتبادلان لحظات الحب و البراءة وسط قسوة الواقع، قبل أن يخترق صخب الحرب عالمهما الصغير، وقع قصفٌ عنيف بجوار خيمتهما وتناثرت معه الشظايا، لتخترق رأسيهما وتكسر الجمجمة وتسبب إصابات شديدة فى الدماغ والتهابات خطيرة فى أغشيته. نُقلت ميرا وميس معًا إلى المستشفى، وهناك وُضعن فى سريرين متجاورين، ليصبحن جارتين من جديد، لكن هذه المرة فى ممرات الألم بدلًا من ساحات اللعب.
رحلت ميس بصمت موجع، بعد أن تأخر سفرها وحرمت من العلاج، رحلت وهى تستغيث وتناشد كل من يملك ضمير حى لكن صوتها وصل متأخرًا، بعد أن سبقها الموت.. وعلى السرير المقابل ميرا فقدت النطق تمامًا، وصارت حبيسة شلل نصفى وتشنجات لا تهدأ، إضافة إلى التهابات مؤلمة فى جرحها الغائر،بعد إختراق الشظايا لدماغها وكسر جمجمتها.
تقول والدتها ل « الأخبار « بصوت يختلط فيه الرجاء بالألم: «ميرا أُصيبت أثناء قصف بجوار خيمتنا، الشظايا دخلت دماغها، وكسرت الجمجة، ومن يومها فقدت النطق تمامًا وأصابها شلل نصفي، والتشنجات ما بتوقف، وفيه كمان التهابات فى الجرح.. وتستكمل الام كلماتها الموجعة :»ميرا محتاجة للسفر بالخارج بأسرع وقت، كل يوم حالتها بتسوء أكتر،قبل ما تلاقى نفس مصير ميس صديقتها وجارتها فى الخيمة، وجارتها ايضا فى الغرفة، ميس رحلت قبل أن تحصل على علاجها، بعد ما تأخر سفرها، رحلت وهى تستغيث وتناشد، لكن الموت سبق صوتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.