كشفت مجلة «ذي إيكونوميست» البريطانية، عن أن الصراع حول سياسات الرسوم الجمركية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بلغ ذروته مع دخول المحكمة العليا على الخط، بعد سلسلة من الطعون القانونية التي هزّت واحدة من أكثر أدوات ترامب السياسية إثارة للجدل. وأفادت المجلة أن حكمًا أصدرته محكمة الاستئناف الفيدرالية حدّ من سلطة ترامب في تعديل جداول الرسوم بمفرده، ما اعتُبر انتكاسة كبيرة لنهجه التجاري القائم على المواجهة. ليفتح هذا التطور، الباب أمام معركة قضائية حاسمة ستحدد ما إذا كانت المحكمة العليا ستدعم صلاحيات ترامب الواسعة، أم تُعيد التوازن بين الرئاسة والكونجرس في صياغة السياسة التجارية الأمريكية. اقرأ أيضًا: شرعية ضعيفة وسيطرة قوية| «ترامب».. الرئيس الأقل شعبية في تاريخ أمريكا حكم الاستئناف يقيّد سلطات ترامب أوضحت مجلة «ذي إيكونوميست»، أن محكمة الاستئناف الفيدرالية قضت بأغلبية 7-4 في قضية VOS Selections (هي دعوى قضائية رفعها مركز العدالة الليبرالية تتحدى الرسوم الجمركية) ضد الولاياتالمتحدة بعدم أحقية ترامب في تعديل الرسوم الجمركية منفردًا. أكد القرار، الصادر في 29 أغسطس/آب، أن السلطة الدستورية لفرض الرسوم الجمركية تعود للكونجرس، ورغم ذلك، لا تزال الرسوم سارية حتى الفصل النهائي أمام المحكمة العليا. هجوم ترامب على القضاء أفادت «ذي إيكونوميست»، أن ترامب سارع بعد أقل من ساعة من صدور الحكم إلى مهاجمة المحكمة، واصفًا إياها بأنها "شديدة التحيز"، ومؤكدًا أن قرارها "سيدمر الولاياتالمتحدة حرفيًا"، ورغم لهجته الحادة، فإن بيانه تضمّن إقرارًا ضمنيًا بأن معركته القانونية لم تُحسم بعد، وأن الأمل معقود على تدخل المحكمة العليا. وعلى ذات الصعيد، عكس إصدار الحكم في 29 يومًا فقط، سرعة غير مألوفة لمحكمة الدائرة الفيدرالية التي تستغرق عادةً شهورًا، وأوضحت أن القرار جاء في وثيقة من 127 صفحة، ما يعكس أهمية القضية، كما أشارت إلى أن تركيبة التصويت بددت اتهامات ترامب بالتحيز، إذ شملت الأغلبية قاضيًا من تعيين بوش الابن، فيما عارضه قضاة من تعيين أوباما. جوهر النزاع القانوني أوضحت «ذي إيكونوميست»، أن الجدل يدور حول مدى صلاحية ترامب في استخدام قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية (IEEPA) لعام 1977 لفرض تعريفات واسعة، فقد بررت الإدارة تلك الرسوم الجمركية بمواجهتي "أزمة الفنتانيل" والعجز التجاري الكبير، لكن المحكمة رأت أن هذه المبررات لا تبرر تعديل جداول الرسوم بشكل منفرد من قِبل الرئيس. بينما يمنح الدستور الأمريكي، الكونجرس وحده حق فرض وتحصيل الرسوم الجمركية، أوضحت المحكمة أن قانون IEEPA لا يتضمن نصوصًا صريحة حول فرض الرسوم، على عكس قوانين أخرى فوّضت الرؤساء بشكل واضح، كما لفتت إلى أن الاستثناء الوحيد كان عام 1971 حين فرض الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون رسومًا مؤقتة بنسبة 10%، استمرت أقل من خمسة أشهر. رهان ترامب على المحكمة العليا أشارت المجلة ذاتها، إلى أن ترامب يثق بأن المحكمة العليا قد تنقذ سياساته، وأوضحت أن القضية قد تصل إليها عبر VOS Selections أو قضية أخرى هي Learning Resources (تم رفعها ضد ترامب طعنًا في محاولته فرض رسوم استيراد جمركية) ضد ترامب، وبيّنت أن بعض القضاة في الاستئناف اعتبروا أن القانون لا يجيز للرئيس أي تعديل للتعريفات أصلًا، بينما رأت الأغلبية أنه يجيز فقط خطوات محدودة. وعن موقف القضاة المحافظين، فإن الأغلبية المحافظة في المحكمة العليا، المكونة من ستة قضاة مقابل ثلاثة ليبراليين، تميل عادةً لدعم توسيع صلاحيات الرئاسة، لكن في هذه القضية، قد يواجهون معضلة سياسية وقانونية، خاصة إذا تعارض حكمهم مع موقفهم السابق الرافض لخطة بايدن لإعفاء قروض الطلاب بحجة غياب موافقة الكونجرس. وأفادت مجلة «ذي إيكونوميست»، أن خسارة ترامب أمام الاستئناف لا تعني نهاية معركته، إذ يمتلك أدوات قانونية أخرى يمكن استخدامها في المحاكم، ومع ذلك، فإن أي مستوردين أو شركات تسعى لاسترداد الرسوم الجمركية التي دفعوها سيجدون أنفسهم أمام انتظار طويل حتى تُحسم القضية نهائيًا.