فوز مدرسة عمر بن عبدالعزيز الرسمية لغات بحوش عيسى كأفضل مدرسة بالبحيرة    غدًا.. بدء عرض فيلم «السادة الأفاضل» بسينما الشعب في 7 محافظات    الجالية المصرية ببروكسل تستقبل الرئيس السيسي بالأعلام والهتافات    ارتفاع أعداد السياح الوافدين من أوزبكستان إلى شرم الشيخ والقاهرة    محافظ المنوفية يرفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال انتخابات مجلس النواب    الصين تكمل بناء أول مركز بيانات تحت المياه يعمل بطاقة الرياح في العالم    المغربي: القمة المصرية الأوروبية تثبت ريادة مصر على الساحة الدولية    رئيس فرنسا السابق يدخل لمحبسه.. والسجناء يهتفون «مرحبًا ساركوزي»    الدفاع الروسية: استهداف منشآت البنية التحتية للطاقة الأوكرانية    جهاز الزمالك يفكر في منح الفرصة لمحمود جهاد أمام ديكيداها    كشف ملابسات فيديو اعتداء شخصين على مواطن باستخدام سلاح أبيض بالجيزة    رجل ينهي حياة طليقته أثناء انتظارها خروج أبنائها من المدرسة بالمنوفية    أسماء مصابي حادث انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    «تعليم البحيرة» تعلن جداول إمتحانات شهر أكتوبر لصفوف النقل    "ليه عمر ما يكونش فؤاد الجديد؟".. عمر كمال يكشف مفاجآت في أزمة الألبوم المسروق    حارس الضوء.. تمثال المتحف المصري الكبير يروي أسطورة القوة والخلود    هنا الزاهد: بلعب شخصية خطيبة أحمد عز في "The Seven Dogs"    انتشار الجدري المائي في المدارس يقلق أولياء الأمور.. الأعراض والأسباب    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى ووحدة طب أسرة بئر العبد بشمال سيناء    ذكرى إغراق المدمرة إيلات| القوات البحرية تحتفل بعيدها الثامن والخمسين.. شاهد    وسط استقبال حافل من الجالية المصرية.. السيسي يصل مقر إقامته ببروكسل    تعرف على حالة الطقس في الكويت اليوم الثلاثاء    موعد إجراء قرعة حج الجمعيات الأهلية لاختيار الفائزين بالتأشيرات    ضبط 3 تشكيلات عصابية تخصصت في سرقة السيارات والشقق والدراجات النارية بعدة محافظات    هآرتس: كل عصابات إسرائيل بغزة تفككت وحماس وحدها القادرة على الحكم    لافروف: قمة ألاسكا إطار مهم لتطوير العلاقات بين روسيا وأمريكا    "الابتكار في إعادة تدوير البلاستيك".. ورشة ببيت ثقافة إطسا| صور    وزير الثقافة يتفقد قصر ثقافة روض الفرج ويتابع فعاليات ملتقى شباب المخرجين    نيلي كريم: كنت نفسي في البداية أقدم شخصية "حنان مطاوع" لأنه دور فيه عمق وشجن وحزن    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-10-2025 في محافظة الأقصر    دار الإفتاء توضح حكم تصدق الزوجة من مال زوجها دون إذنه    وزير المالية:نتطلع إلى وضع رؤية مشتركة لقيادة التحول الاقتصادى نحو تنمية أكثر عدالة وشمولًا واستدامة    وكيل تعليم الفيوم يشهد فعاليات تنصيب البرلمان المدرسي وتكريم الطالبات المتميزات على منصة "Quero"    وزير الصحة يبحث مع السفير الفرنسي تنفيذ خطة لتقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    عضو الجمعية المصرية للحساسية: ضعف المناعة والتدخين أبرز محفزات ارتكاريا البرد    تطورات مطمئنة بشأن إصابة إمام عاشور.. وموقف توروب    هل الاحتفال بمولد سيدنا الحسين بدعة؟.. أمين الفتوى يجيب    أسامة نبيه: لا حديث عن منتخب 2005 بعد الآن.. وعلينا التركيز على المستقبل    وزير الصحة: إدخال تقنيات المستشفيات الذكية والجراحة الروبوتية ضمن المنظومة    تنس طاولة - محمود أشرف: أعتذر عما حدث مع عمر عصر.. ومستعد للمثول للتحقيق    الخميس.. محمد ثروت ومروة ناجى بقيادة علاء عبد السلام على مسرح النافورة    تامر أمين عن سرقة مجوهرات نابليون من اللوفر: اللي يشوف بلاوي غيره يحمد ربنا على نعمة مصر    استخدام الذكاء الاصطناعي على رأس مناقشات اجتماع الأعلى لشئون الدراسات العليا    اليوم، ختام تعديل رغبات الانضمام لعضوية اللجان النوعية بمجلس الشيوخ    أمريكا وأستراليا توقعان إطارا للمعادن الحيوية والعناصر الأرضية النادرة    نيويورك تايمز: إدارة ترامب تضغط على نتنياهو لعدم تقويض الاتفاق مع حماس    الدماطي: ياسين منصور الأنسب لرئاسة الأهلي بعد الخطيب.. وبيراميدز منافسنا الحقيقي    ميدو: كنا نسبق الكرة المغربية.. والعدل في الدوري سبب التفوق    ما حكم الاحتفال بالموالد مثل مولد سيدنا الحسين والسيدة زينب؟ وما حكم أفعال بعض الناس خلال الموالد من الذبح والنذور وغيرها من الطقوس ومظاهر الاحتفال؟ وما حكم تشبيه بعض الأفعال الخاصة فى الاحتفالية بمناسك الحج؟    المشرف على رواق الأزهر عن جدل مولد السيد البدوي: يجب الترحم عليهم لا الرقص عند قبورهم    بالصور.. بدء التسجيل في الجمعية العمومية لنادي الزمالك    مباريات اليوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2025 والقنوات الناقلة    جامعة قنا تطلق مشروع التطوير الشامل للمدن الجامعية    إصابة 13 شخصا إثر انقلاب ميكروباص فى العياط    مع اقتراب دخول الشتاء.. أبراج تبحث عن الدفء العاطفي وأخرى تجد راحتها في العزلة    أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2025    خليل الحية للقاهرة الإخبارية: نشكر مصر على جهودها في وقف إطلاق النار    وزارة العمل: قرارات زيادة الأجور لا تصدر بشكل عشوائي بل بعد دراسات دقيقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كنوز| «باشا الصحافة» والرومانية التى تراجع عن زواجها !
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 10 - 09 - 2025

سئل الكاتب الساخر الكبير فكرى باشا أباظة عن سر عدم زواجه، فهل هو عدو للمرأة ولا يطيق عشرتها أو يجتمع معها كزوج وزوجة تحت سقف واحد ؟
باشا الصحافة نفى تماما عداوته للمرأة وقال : «أصل أنا لى شروط فى العروسة التى أريدها لتشاركنى حياتى، أريدها امرأة تشجعنى على الصمود، تفخر بى إذا سُجنت أكثر مما تفخر بى وأنا وزير، وأن تكون مقطوعة من شجرة ليس لها أم تغضب عندها ولا أب تهددنى به، وأريدها ضاحكة باسمة لأنى أكره العبوس والتكشير والتبويز - فإن كان ولابد - احتفظ بحقى فى العبوس والتكشير والتبويز، فأنا الرجل الذى أحمل على كتفى المسئوليات والهموم، وأن تكون جميلة، أفتح عينى فى الصباح فتفتح نفسى وألا تكون «نكدية» لا أكاد أراها فى الصباح حتى أقول أعوذ بالله».
اقرأ أيضًا| كنوز| 46 عامًا على غياب «الضاحك الباكى».. باشا صاحبة الجلالة
تلك كانت شروط باشا الصحافة فى الزوجة التى يرغبها، ويبدو أنه لم يجدها فعاش حياه بلا زواج، ما يثير الدهشة أن أصدقاء فكرى باشا أباظة القدامى أشاعوا إنه كان «دونجوان» فى شبابه وكان محط إعجاب النساء، ولهذا وجهت له مجلة «الاثنين» فى عام 1946 سؤالا غريبا عن «المرأة التى قهرته»! فأجاب بمقال أرسله للمجلة أكد فيه استحالة أن تكون هناك امرأة «قهرته» وروى فى المقال قصة المرأة التى «احتقرته»، وها هى القصة كما رواها :
«لا أذكر فى حياتى أن امرأة « قهرتنى» لأنه لم يكن هناك داعٍ لأن تقهرنى امرأة أبداً فعندما كانت تنشب معركة بينى وبين امرأة كنت دائماً أسلم بالهزيمة عند أول خرطوشة، وكنت دائماً أنسحب بنظام وهدوء، وبهذا لم أترك لامرأة ما فرصة قهرى، ولكن هناك امرأة واحدة احتقرتنى وكانت محقة فى احتقارى، وكلما تذكرت ذلك الاحتقار أحست بلدغة ثعبانية قاسية!.
ففى سنة 1933 أبحرت على باخرة من بواخر الدانوب من «رومانيا» إلى «بودابست»، وكان صاحبى فى تلك الرحلة البديعة الإدارى الحازم هارون باشا أبو سحلى، جلسنا فى أول يوم على سطح المركب، كان الزحام شديداً فجلست بجوارنا شقيقتان رومانيتان، لمحتا فى يد هارون باشا خاتماً به فص من «الجعران» فأخذت الأخت تشير لشقيقتها على «فص الجعران» وكانت تشرح لها دلالاته فى التاريخ وهى تبتسم لنا.
اقرأ أيضًا| كنوز| عميد الأدب.. نبي الإسلام.. وُلد الهدى.. تصحيح المفاهيم المغلوطة.. حلاوة زمان.. الرسول العظيم
انتهزت الفرصة وسألتها : «ماذا يشغلك؟»
فقالت : «الفص»!
قلت : «وما الذى يلفت نظرك فيه ؟».
قالت : «أليس هو الجعران المشهور فى مصر القديمة ؟».
قلت : «نعم».
قالت : «وهل فعلا يجلب الحظ ؟».
قلت : «مؤكد».
قالت : «آه لو حصلت على واحد مثله».
فقلت : «عندى واحد مثله».
نظرت فى عينيها الساحرة فقرأت أمنية مستترة وكأنها تقول لى «ليتك تهدى إلى»، فأسرعت إلى حجرتى وأحضرت لها فصاً، كنت احتفظت به من صديقى على بك أيوب، وبهذا «الجعران» بدأت معرفتى بالفتاة وتوثقت سريعا فعرفت أن اسمها «مارى تدلر»، وعرفت أنها تعمل مهندسة صناعية بوزارة التجارة والصناعة فى «بوخارست»، كانت خمرية اللون بهية الطلة واللفتة، شعرها الأسود الغزير كان يثير فى نفسى البهجة !
اقرأ أيضًا| كنوز| 101 شمعة لفيلسوف الأدب الأشهر فى شارع صاحبة الجلالة
شربنا القهوة من صنع يدى ولعبنا الكوتشينة، وتبادلنا الآراء السياسية والاجتماعية، واكتشفت أنها مثقفة على درجة كبيرة من الثقافة والوعى، الأمر الذى جعل قلبى يتعلق بها أكثر، وفى سنة 1933 كنت مازلت بشعرى الأسود الفاحم وملامحى التى لا بأس بها، ولم تكن النظارة الكثيفة قد طغت بعد على عينى، وبالاختصار تبادلنا فى الأيام والليالى الثلاث العواطف الرومانسية البريئة، وكانت مناظر نهر الدانوب على الضفتين تسلب النظر وترسم صورة رائعة مع نور القمر الساحر فى الليل الساكن الوديع والنسيم العليل الذى يداعب خصلات شعرها فلطم عينى ووجهى كلما اقتربت منها، وكل هذا انتهى فى لحظة ناعمة عندما قلت لها : «أحبك»!.
فأجابتنى : «وأنا أيضا أحبك»!
اقترحت على أن نهرب معاً من هارون باشا وأختها فى «بلجراد»، ونسافر إلى «نيس»، ونقضى بها أياماً ثم نتزوج.
غافلت هارون باشا، وأخذت أمتعتى ونزلت هى قبلى فى «بلجراد»، ووقفت على الباخرة أراجع متاعى بالرغم من أنى لم يكن معى باسبورى الذى فقد منى أثناء الرحلة، وكان لابد أن أبيت فى نقطة البوليس على المركب حتى تتم إجراءات استخراج الباسبورت، وبينما أنا كذلك وهى تنتظرنى على البراذا بهارون باشا، يركض نحوى بملابس النوم والروب دى شامبر وعيناه تدمعان لأنه كان مريضاً وقتها وحدث اتفاقى مع فتاتى أثناء مرضه، أسرع نحوى معاتبا وهو يقول : «إخص يا فكري، عاوز تسيبنى.. أنا مريض.. رايح فين؟!».
لم يكن أمامى من حل آخر، ولا أنسى نظرة الخجل التى نظرت بها لفتاتى معتذراً لها لعلها تقدر موقفى، وتحركت المركب وأنا أناديها: «تعالى.. اعدلى عن السفر إلى نيس»!
فلم ترد إلا بنظرة ! نظرة احتقار كبرى لا أنساها أبداً! احتقار، كان كالسهم الذى استقر فى قلبى، وكرامتى، وكلمتى، وشرفى!
اقرأ أيضًا| كنوز| ذكرى رحيل «سعد زغلول ومصطفى النحاس وأحمد بهاء الدين».. ومقال لزعيم الأمة.. ونوادر النابلسي
تحركت المركب و«مارى» واقفة تحدق فى الحقير، الكذاب، الضعيف، الجبان، الذى هو أنا ! وعبثاً حاولت أن أسترضيها، أرسلت لها عشرات التلغرافات والخطابات وكتبت لها مقالا فى جريدة «الأهرام» ترجمته وأرسلته لها مع بعض الهدايا التى تحبها، فلم ترد بحرف وكان الرد دائماً صامتاً تعبيراً عن لغة الاحتقار!
فكرى أباظة «الاثنين» 16 فبراير 1946
الشمعة 104 للملكة فريدة محبوبة المصريين
مرت علينا فى الخامس من سبتمبر الجارى الذكرى 104 لميلاد الملكة السابقة فريدة التى جاءت للدنيا فى 5 سبتمبر1921 ليكتب لها القدر أن تجلس على عرش مصر وتتربع فى قلوب الشعب المصرى بكل طبقاته وطوائفه عندما طلقها الملك فاروق الأول، لأنها لم تنجب له ولى العهد الذى سيجلس على عرش المملكة من بعده، وتزوج بعد طلاقها الملكة ناريمان التى أنجبت له ولى العهد الأمير أحمد فؤاد، لكن ناريمان لم تلقَ من المصريين نفس الحب الذى أحبوه للملكة فريدة التى تعاطفوا معها جداً..
وكانت قريبة لقلوبهم مثلما كانوا هم فى بؤرة اهتمامها، واسمها الحقيقى هو «صافيناز ذو الفقار» كريمة صاحب السعادة يوسف ذو الفقار باشا وكيل محكمة الاستئناف المختلطة، ابن على باشا ذو الفقار محافظ العاصمة السابق ابن يوسف بك رسمى أحد كبار ضباط الجيش المصرى فى عهد الخديو إسماعيل، ووالدتها زينب هانم ذو الفقار، كريمة محمد سعيد باشا الذى رأس الوزارة أكثر من مرة، واشترك قبل وفاته فى وزارة سعد باشا زغلول، وكان أحد السياسيين الذين شُهد له بالذكاء والدهاء وبُعد النظر، وكان لها أخوان من الذكور هما: سعيد ذو الفقار، وشريف ذو الفقار كما كانت زينب هانم ذو الفقار وصيفة الملكة الأم نازلى وصديقتها، وخالها هو المثال الكبير محمود سعيد.
وُلدت صافيناز ذو الفقار أو الملكة فريدة بمنطقة جاناكليس بالإسكندرية وتلقت تعليمها الابتدائى بمدرسة «نوتردام دى سيون» الفرنسية فى منطقة الرمل التى كانت من المدارس المتميزة جداً، والدراسة بها جعلتها تتقن الفرنسية كأولاد الفرانسيس، وكانت تحب الموسيقى وبارعة فى العزف على البيانو وتحترف الرسم منذ نعومة أظفارها.. وكانت ضمن فريق الكشافة بالمدرسة وتحب الرحلات وحياة الانضباط وتعشق رحلات الصيد وعُرف عنها منذ صغرها بميلها للهدوء والبساطة فى ثيابها وزينتها، فكانت ترتدى ما هو أقرب للحشمة ولا تحب البهرجة.
رآها فاروق لأول مرة فى القصر عند عودته من لندن بعد وفاة والده الملك فؤاد عندما ذهبت مع والدتها لزيارة الملكة الأم نازلى، اقترب فاروق من والدتها وسألها عن الفتاة الجميلة التى ترافقها فأخبرته أنها ابنتها «صافيناز» فحياها فاروق بإيماءة من رأسه ثم انصرف وهو يشعر بما يطلقون عليه «الحب من أول نظرة».. وتفجر هذا الحب عندما تلقت والدتها دعوة من الملكة نازلى لمرافقة العائلة المالكة فى الرحلة التى استمرت أربعة أشهر فى منتجع «سان موريتز» بسويسرا، وتقول صافيناز فى مذكراتها: إنها اقتربت من فاروق فى هذه الرحلة وأحست أن قلبها ينبض نحوه بحبٍ جارف لأنه كان لطيفاً وودوداً، وأحست أنه يبادلها نفس الشعور، وأعُلنت خطبتهما فور العودة للإسكندرية صيف 1937، وبعدها تم الزفاف الملكى فى 20 يناير 1938 وسط احتفالاتٍ شعبية ورسمية لم ترَ المملكة لها نظيراً، وعاشت مع الملك فاروق حياة هانئة أنجبت خلالها ثلاث بنات هن: الأميرات فريال وفوزية وفادية، لكن الملك فاروق طلقها بعد 10 سنوات فى عام 1948..
وتسبب هذا الطلاق فى تراجع شعبية الملك من الشعب الذى تعاطف مع الملكة فريدة وأحبها وقدرها بصدق، وعانت الملكة السابقة فريدة فى حياتها بعد قيام ثورة يوليو التى صادرت ممتلكاتها ومجوهراتها ووصل بها الحال للإقامة فى شقة صغيرة بالمعادى.. وكانت تنفق على نفسها من بيع لوحاتها إلى أن لاقت ربها بعد صراع مع المرض فجر 17 أكتوبر 1988 عن عمر يناهز 68 عامًا.
حكاية «السندريلا» مع الربيع والخريف !
لا تحكموا علىّ بالتشاؤم حين اعترف بأننى أكره الربيع مثلما أحبه، قطرات الندى وهى تنعقد على أوراق الورد تتمثل إلى نفسى بقطراتٍ من الدموع، أما لماذا أحب الربيع وأكرهه فتعالوا نستعيد معاً هاتين القصتين عن الربيع.
كانت صديقتى العزيزة فى عمر الربيع، ومع هذا كان ربيعها سجناً وراء أسوار عتيقة من التقاليد والعادات البالية، كان محرماً عليها أن تخرج من المنزل أو تطل من النافذة، أو تقع عيناها على شاب يسقى ورد الربيع المتفتح فى شبابها، وكانت رائحة الأزهار تنفذ عبر الأنوف من وراء الأسوار والحواجز، والتقى الربيع رغم أنف التقاليد بربيع آخر، شاب لاح لها مثلما تلوح النجمة المضيئة فى ليلة مظلمة، أحبها وأحبته، ورسمت العواطف الملتهبة بينهما طريقاً الى اللقاء، فقلمت أظافر التقاليد، ولم تكن تدرى صديقتى أن الأقدار قد جاءت بأخيها إلى نفس المكان، وكان هو الآخر يروى ظمأ الربيع المتفتح فى نفسه مع فتاته، فوجئت به يقطع عليهما هذه الخلوة التى كانا يتفقان من خلالها على خطوات الزواج، وانهال عليها ضرباً، واستطاعت أن تفلت من بين يديه وتهرب ! ومن بعدها هربت من البيت ولم تعد إليه أبداً، هربت مع الفارس الذى عانق عواطفها بعواطفه، تزوجته وعاشا سعيدين ويأتى الربيع فأتذكر صديقتي وتذرف عينىّ الدموع !
ومرة أخرى أوضح لماذا أكره الربيع، كان لى قريب يطرق بعصا الكهولة السبعين من عمره، عاش حياته ولا هم له إلا جمع المال، حتى ارتفع رصيده فى البنوك، ونحن حين يتقدم بنا العمر ننظر إلى ثرواتنا نظرة اعتبار، ونتساءل عمن سيرثها من بعدنا، وتلفت قريبي هذا حوله فلم يجد زوجة ولا ولداً ولا بنتاً، لقد أعماه جمع المال عن الزواج.. واستيقظ على الحقيقة المرة المؤلمة ! لكنه قرر أن يشترى لخريفه ربيعاً من الشباب وإلا ما فائدة المال إذن، ولم يبحث طويلاً، وجدها بمنتهى السرعة، فتاة فقيرة فى العشرين، حباها الله بكل مواهب الأنثى، وتزوج الخريف بالربيع وانتصر المال على الشباب ! وكان طبيعياً أن يرتفع مستوى الأسرة الفقيرة - أسرة الفتاة - أما النتيجة فكانت على رأس الربيع وحده التى هى «الفتاة»، لقد انزوت بربيعها الدافئ فى حضن من الزمهرير القارس، وفشل المال فى أن يروى كل عواطفها!
سعاد حسنى «الكواكب» -11 أبريل 1961
حكاوى والدة «الولد الشقى»
كان أبى يحمل معه عند العودة للبيت جريدة الصباح، وكان من عادته أن يجلس مع أمى يقرأ لها الحوادث التى وقعت وأخبار السياسة والقصص وأنباء الوفيات، وكان كلما نطق باسم ميت تقاطعه بشكل حاسم وتحكى قصة مختلفة عن هذا الميت وأسرته وبلدته وأقربائه وأصهاره، وهى قصه مختلفة طبعاً لا علاقة لها بالميت المنشور نعيه فى الجريدة !
وكان أبى يدرك هذا جيداً.. ولكنه كان يستمع إليها فى شغف فقد كانت تجيد فن الحكاية، وكانت تبدو فى أسعد لحظات حياتها وهى تحكى بلا انقطاع !
وكانت إذا قاطعها أحد أو انبرى لتكذيب روايتها، تصدت له فى جنون !.
وحدث ذات مرة أن هتف أبى باسم ميت فقالت على الفور: «آه دا من المنوفية، من عيلة أبو مرزوق اللى مناسبين جماعة أبو الغيط، اللى تبقى مرات عبد العليم عمة ابن أخوه، اللى .. اللى ..اللى ..»، وهات يا كلام أكتر من ساعة، وأبى ساكت ينظر إليها وعلى شفتيه ابتسامة !
فلما سكتت وهدأت تماماً، قال أبى بنفس الهدوء : «لأ.. دا مش من المنوفية».
فردت أمى على الفور : «يبقى من عائلة أبو مرزوق بتوع الشرقية.. حاكم بتوع الشرقية وبتوع المنوفية يبقوا قرايب.. ما هو محمد أبو مرزوق.. يبقى.. ويبقى.. و... و....» !
قال أبى بنفس الهدوء : «بس الراجل ده من غزة»!!.
سكتت أمى فترة قبل أن تقول : «ما هى غزة دى فى المنوفية برضه»!
فقال أبى : «لأ .. فى فلسطين».
فسكتت أمى ولم تتكلم !
محمود السعدنى من «مذكرات الولد الشقى»
أخلاق المحاماة فى أجندة السنهورى
يحدثنا فى هذا المقال القصير الفقيه الدستورى د. عبد الرازق السنهورى عن أدبيات مهنة المحاماة وما يجب أن يتحلى به المحامى أخلاقياً بما يتفق مع ضرورات رسالة المهنة فيقول :
- «المحاماة فن قبل أن تكون مهنة، وليس المحامون جميعهم محامين بالضرورة، ليس عمل المحامى معرفة القانون فقط، فالكثير يعرفون النصوص حتى من غير المحامين، لكن حقيقة دور المحامى تكمن فى دراسة الوقائع كما يدرس القانون، والنظر فى كيفية انطباق هذه الوقائع على نصوص القانون، لأن المحاماة فن الحجة والجدل والبرهان والإقناع، فقد كان رواد الفلسفة محامين بما يمتلكون من حجج ولغة عالية ونظرة ثاقبة، وكثير من الشعراء كانوا محامين بما يمتلكون من أدوات اللغة والبلاغة والفطنة، فليس عمل المحامى الفصل فى النزاع، إنما ذلك عمل القاضى، وليس من عمل المحامين قلب الثوابت أو تزييف الحقائق، فلا تشعر بالفخر عندما توزع الرشاوى لكسب القضايا، لأنك بذلك أصبحت مجرماً بسبب مجرم، فأنت إذن مثله، لأنك تخسر ذاتك لتربح قضية، فالقضية رابحة وستكون أنت الخاسر.
أن تسرق حقوق زملائك المحامين أو أن تنافسهم بطرق غير مشروعة فهذا أقرب للدناءة.. وأبعد ما يكون عن الأخلاق الرفيعة التى هى أساس مهنتك.
لا تكذب ولا تعطى الوعود، فأنت لست صاحب قرار ولست مسئولاً عن النتائج، وقبل ذلك كله كن إنساناً لتكون محامياً، ولا تكسب دعوى وتخسر نفسك».
د. عبد الرازق السنهورى من «شبكة محامين مصر»
تحية ليوم الفلاح
بقلم: سعيد الخولى
إنه يوم كل فلاح وكل صديق مثلى معجون بطين أرض الخير والنماء وعرق الصيف وبرد الشتاء، هم الخميرة التى منها كل ملايين المصريين مهما تنكر وتكبر بعضهم ومحا بعضهم من خانة نشأته أنه ابن قرية مصرية شمالية أو جنوبية، هم جنود المحروسة بلا تمييز ولا شارات ولا ألقاب، الذين لم يخلعوا طوال آلاف السنين أردية القتال ولا تركوا سلاحهم من أيديهم0 هل هناك سلاح أوفى من الفأس فى اليد العرقانة بالجهد، وما انتظموا فى مظاهرة تطالب بحق أو تتذمر من ظلم وكثيرًا ما تاجر بهم الأفندية لبساطتهم ببهرجة كاذبة يدفعون ثمنها من قوت أولادهم، والطامعون من التجار أكلوا ثمار عرقهم، وساموا الناس العذاب من سعار الأسعار ففازوا بالملايين والمليارات وتركوا للفلاح المخلص الفتات!.
ورغم قلة الأعمال الدرامية التى اقتربت من عالم الريف، إلا أنها ابتعدت فى الغالب عنهم ببهرجة الوجوه الناعمة والألوان الصارخة والملامح المستريحة الهانئة التى تبعد كثيرًا بلكنتها المثيرة للضحك عن صدق وبساطة لكنتهم، لأنهم لم يجهدوا أنفسهم فى التفاصيل المهمة اللهم إلا ما فعله صناع فيلم «الزوجة الثانية» على حد ما قرأت من أن كاتب السيناريو سعد الدين وهبة ومخرج الفيلم رائد الواقعية صلاح أبو سيف قد أقاما معسكرًا ريفيًا لأبطال الفيلم فى قرية بشرق الدلتا ظلوا جميعًا فيه لعدة أسابيع عايشوا خلالها حياة القرية على طبيعتها وعرفوا كيف يتصرف الفلاحون وكيف ينطقون ليخرج الفيلم كما شاهدناه ويقبل الكثيرون على مشاهدته وكأنهم يرونه للمرة الأولى.
وللحق فالأعمال الأدبية التى تناولت الريف زمان كانت أقدر فى الاقتراب من عالم الفلاح وأكثر قربًا من تفاصيله المعتمدة على اللغة وإثارة الخيال بعيدًا عن التجسيد التمثيلى الناطق والمصور بمناظر يتخيلها المخرج أو السيناريست. ومن يقرأ مثلًا رواية (الأرض) لعبد الرحمن الشرقاوى و(الزوجة الثانية) لأحمد رشدى صالح و(الحرام) ليوسف إدريس و(الوتد) لخيرى شلبى و(الناس فى كفر عسكر) لأحمد الشيخ، يمكنه بخياله ولغة المؤلف ووصفه وتشريحه لمشاهده وارتباط ذاته إن كان من أهل الريف أن يعيش عملًا فنيًا يتجسد بين خياله وبين عالم الرواية كما كتبها صاحبها.
ولست بصدد المقارنة التى تفاوتت من رواية لأخرى ومن عمل درامى لآخر، فذلك مجاله أرحب، فقط أرصد من خلال تلك الأعمال الحنين إلى ذلك العالم البسيط رغم مشاكله، السلس رغم معاناته، المستشعر للسعادة والتذوق للمتعة رغم ندرتهما، العالم الذى تحول واقعه بما يساوى واقع المدينة الصاخب، فصار صخب القرية الزاعقة واضحًا فى أسلوب معيشتها وعلاقة أفرادها مع بعضهم البعض فى دوامات قلبت أعلاها فصار أسفلها وابتلعت داخلها بساطة الماضى وتفاصيله الفسيفسائية ولم تترك إلا مسميات يكذبها الواقع وتصدقها فقط الألسنة، وبرغم ما فى الأعمال الفنية من قلة اقتراب من واقع الريف فإنها تثير فى النفس الحنين لذلك العالم البسيط، وتثير اللوعة على ما صارت إليه الحال هناك وكم أشعر بالحنين لذلك الماضى مع أى عمل أدبى أو فنى يجسده بحلوه ومره وتقشفه وزهده وبساطته، حتى وهم يغنون له (محلاها عيشة الفلاح) وبرغم أنها كانت وقتها مثلًا على الشدة والكفاح وضنك الجيوب إلا أنها كانت مثلًا صادقًا على بحبحة النفوس وثراء القلوب.
وكل عام وكل فلاح فى سعادة وسرور.
*المقال إهداء من الكاتب.
صوت فيروز هو الوحيد الذى يجعلك ترى بيروت وأنت بعيد عنها.. وتشعر بالحنين إليها وأنت فيها.
محمود درويش


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.