أطلقت الحكومة المصرية «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»، فى وثيقة استراتيجية جديدة ترسم ملامح الرؤية الوطنية حتى عام 2030، وتحدد الإطار المرجعى لجهود الدولة نحو تحقيق نمو شامل ومستدام. تأتى هذه الخطوة فى لحظة فارقة يشهد فيها الاقتصاد العالمى ضغوطًا غير مسبوقة؛ من تباطؤ النمو وتفاقم معدلات التضخم، إلى أزمات سلاسل الإمداد والتقلبات الإقليمية التى تضع الأسواق الناشئة أمام اختبارات صعبة.. ومن خلال هذه السردية، تسعى مصر إلى صياغة نموذج اقتصادى قادر على التكيف مع المتغيرات، وتعزيز موقعها كبيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة فى قطاعات استراتيجية واعدة، مع ضمان بقاء المواطن فى صميم العملية التنموية باعتباره المستفيد الأول من برامج الإصلاح والتحول الاقتصادى. اقر أ أيضًا | عياد رزق: السردية الوطنية تعزز مكانة مصر على خريطة الاقتصاد الدولي استعرضت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى، أبرز مستهدفات السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية. وأوضحت ، أنه على صعيد معدلات النمو الاقتصادى من المستهدف زيادة معدلات النمو لتصل إلى 7٪ فى عام 2030، مقابل 4.5٪ مستهدفا فى خطة العام المالى الجارى 2025/2026، كما تستهدف زيادة الاستثمارات الكلية كنسبة للناتج المحلى الإجمالى لتصل إلى 18٪ بحلول عام 2030مقابل 15.2٪ بخطة العام المالى الجاري. وانطلاقًا من جهود الدولة لتمكين القطاع الخاص وزيادة مشاركته فى تحقيق التنمية، تستهدف السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، زيادة نسبة الاستثمارات الخاصة إلى الاستثمارات الكلية إلى 66٪ فى 2030 مقابل 60٪ فى خطة العام المالى الجارى، وزيادة نسبة الاستثمارات الخاصة إلى الناتج المحلى الإجمالى إلى 11.9٪ مقابل 9.1٪ فى خطة العام المالى الجاري، فضلًا عن رفع نسبة مساهمة القطاع الخاص فى الناتج المحلى الإجمالى إلى 82٪ بحلول عام 2030. الاستثمارات الخضراء ومن المقرر زيادة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء إلى إجمالى الاستثمارات العامة لتصل إلى ما بين 70٫75٪ بحلول 2030، مقابل 50٪ بخطة العام المالى الجارى، وزيادة عدد الوظائف التى يولدها الاقتصاد سنويًا من 900 ألف وظيفة متوقعة فى خطة العام المالى الجاري، إلى 1.5 مليون وظيفة فى عام 2030. وتُعد السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية إطارًا شاملًا يُحقق التكامل والتناسق بين برنامج عمل الحكومة، ورؤية مصر 2030 ، فى ضوء المتغيرات المتسارعة التى فرضتها المستجدات الإقليمية والدولية، بهدف استمرار مسار الإصلاح الاقتصادي، والتوجه بشكل أكبر إلى القطاعات الأعلى إنتاجية، والأكثر قدرة على النفاذ للأسواق التصديرية، مستفيدة مما تم إنجازه من بنية تحتية متطورة تمثل قاعدة داعمة للتصنيع والاستثمار، وإعادة تعريف دور الدولة فى الاقتصاد، بما يعزز القدرة التنافسية للاقتصاد المصرى ويحفز مشاركة القطاع الخاص. الاستثمار الأجنبى وأكد المهندس حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية أن إعداد استراتيجية جذب الاستثمار الأجنبى تم بالتعاون بين الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، ووزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى، ومجموعة البنك الدولى، مع مشاركة فاعلة من الوزارات المعنية والقطاع الخاص، لضمان توافقها مع أولويات الاقتصاد الوطنى وتحقيق مستهدفاته الكمية والنوعية. وأشار الخطيب إلى أن الاستراتيجية تتضمن تحديد أولويات جذب الاستثمارات فى 13 قطاعًا اقتصاديًا تشمل 8 قطاعات جاهزة للترويج الفورى و5 قطاعات طموحة تتطلب استكمال مجموعة من الإصلاحات والسياسات التمكينية. وأضاف أن المرحلة المقبلة ستشهد وضع خطة تنفيذية مفصلة وآليات متابعة دقيقة لضمان ترجمة ما تضمنته الاستراتيجية إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع، بما يعزز قدرة مصر على جذب الاستثمارات الأجنبية وتحقيق التنمية المستدامة. وأوضح الخطيب أن الوزارة تبنت سياسات واضحة شفافة محفزة للاستثمار، بهدف تخفيف الأعباء المالية غير الضريبية والإجرائية من على كاهل المستثمر، مع منح القطاع الخاص الدور المحورى الرئيسى فى دفع عجلة الاقتصاد، مشيرا إلى أنه تم إطلاق منصة شاملة لتراخيص الاستثمار تربط بين 41 جهة حكومية مصدرة للتراخيص، وتضم 39 دليل ترخيص و389 خدمة إلكترونية، مع تفعيل السداد الإلكترونى ل 250 خدمة، حيث تُمكّن المنصة المستثمر من إنهاء إجراءاته فى نقطة موحدة دون الحاجة للتعامل المباشر مع كل جهة على حدة.. وأضاف الوزير أن الوزارة اعتمدت سياسات تجارية منفتحة على العالم تسهم فى زيادة الصادرات، وتعمل على الحد من العجز فى الميزان التجاري، من خلال تشجيع الاستثمارات الوطنية فى مجال الإنتاج والتصدير، وتوفير الخدمات اللازمة للمصدرين، وزيادة نصيب الشركات الاستثمارية المحلية من حجم الصادرات العالمية. المستثمرون: تفتح الطريق أمام رواد الأعمال المستثمرون رحبوا بإطلاق الحكومة للسردية الوطنية للتنمية الاقتصادية.. وأكدوا أنه يجب خلال المرحلة القادمة الاستفادة مما تم إنجازه من بنية تحتية متطورة تمثل قاعدة داعمة للتصنيع والاستثمار، وإعادة تعريف دور الدولة فى الاقتصاد، بما يعزز القدرة التنافسية للاقتصاد المصرى ويحفز مشاركة القطاع الخاص. أشاد رامى فتح الله، المحاسب القانونى ورئيس لجنة الضرائب والمالية بالجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال، بما تضمنته السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية من مستهدفات طموحة حتى عام 2030، مؤكدًا أنها تعكس رؤية واضحة لزيادة معدلات النمو الاقتصادى وتحفيز دور القطاع الخاص فى التنمية. وأوضح أن رفع معدل النمو المستهدف إلى 7٪ ، وزيادة مساهمة القطاع الخاص فى الناتج المحلى الإجمالى إلى 82٪ بحلول 2030، يعكس إدراك الدولة لأهمية القطاع الخاص كقاطرة للنمو وتوليد فرص العمل، وأشار إلى أن المستهدفات الخاصة بزيادة نسبة الاستثمارات الخاصة إلى 66٪ من إجمالى الاستثمارات الكلية، وزيادتها إلى 11.9٪ من الناتج المحلى الإجمالي، ستسهم فى تعزيز تنافسية الاقتصاد وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية. كما نوه فتح الله إلى أن رفع نسبة الاستثمارات العامة الخضراء إلى 70-75٪ بحلول 2030، يمثل خطوة متقدمة نحو اقتصاد أكثر استدامة ويعكس التزام الدولة بقضايا التغير المناخى والتنمية المستدامة، وأضاف أن زيادة عدد الوظائف المستهدفة إلى 1.5 مليون وظيفة سنويًا بحلول 2030، يعد أحد أهم محاور السردية، لأنه يعزز الاستقرار الاجتماعى ويمنح الشباب فرصًا أكبر للمشاركة فى التنمية. أما المهندس عمرو فتوح، نائب رئيس لجنة الصناعة بجمعية رجال الأعمال المصريين، فأكد أن ما أعلنته الحكومة فى إطار السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية يمثل خطوة استراتيجية مهمة نحو تمكين القطاع الخاص، وتعزيز دوره فى قيادة النمو الاقتصادى وتحقيق التنمية المستدامة حتى عام 2030. وأشار إلى أن استهداف توفير 1.5 مليون وظيفة سنويًا بحلول 2030، هو بمثابة رسالة أمل للشباب، خاصة أن ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة سيكون لها دور محورى فى تحقيق هذا الهدف، عبر تحفيز الابتكار وتبنى نماذج أعمال جديدة، وشدد على أن تحقيق هذه المستهدفات يتطلب بيئة تشريعية أكثر مرونة، وإزالة المعوقات أمام الاستثمار الصناعي، وتبسيط الإجراءات، إضافة إلى تعزيز الشراكات بين الدولة والقطاع الخاص لتسريع وتيرة التنفيذ وتحويل الرؤية إلى واقع ملموس. فى حين قال أحمد خالد بشر، عضو غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات المصرية، إن مستهدفات «السردية» تعكس طموح الدولة فى تعزيز معدلات النمو الاقتصادي، ورفع كفاءة الاستثمارات العامة والخاصة، وزيادة مساهمة القطاع الخاص فى الناتج المحلى الإجمالى إلى 82٪ بحلول عام 2030، وهو ما يتطلب تهيئة بيئة الأعمال بشكل أكبر، وضمان استقرار السياسات الاقتصادية والتشريعية، وتبنى سياسات صناعية وتصديرية محفزة. واكد على ان تحقيق مستهدفات «السردية الوطنية» يتطلب شراكة حقيقية بين الدولة والقطاع الخاص، وتوفير حوافز استثمارية وتمويلية، إلى جانب برامج تدريب وتأهيل لزيادة إنتاجية العمالة، بما يسهم فى خلق ما يزيد على 1.5 مليون فرصة عمل سنويًا بحلول عام 2030. وأوضح هيثم الهوارى، رئيس لجنة الزراعة بالجمعية المصرية اللبنانية أن السردية وضعت مستهدفات طموحة تعكس رؤية شاملة لتعزيز النمو ورفع كفاءة الاستثمارات وزيادة مساهمة القطاع الخاص، مشيرًا إلى أن القطاع الزراعى يمثل ركيزة أساسية لتحقيق هذه الأهداف. وأوضح أن زيادة معدل النمو الاقتصادى إلى 7٪ بحلول عام 2030 يتطلب دعم القطاعات الإنتاجية وعلى رأسها الزراعة والصناعات الغذائية، نظرًا لدورها المحورى فى تحقيق الأمن الغذائي، وزيادة الصادرات، وخلق فرص العمل، خاصة فى الريف والمناطق الصناعية الجديدة. وأكد أن تحقيق مستهدف رفع مساهمة القطاع الخاص إلى 82٪ من الناتج المحلى الإجمالى يحتاج إلى توسيع الاستثمارات الزراعية والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة فى الزراعة والري، وتعزيز الاستثمارات الخضراء التى ستصل نسبتها إلى 70–75٪ من إجمالى الاستثمارات العامة بحلول 2030، وهو ما ينسجم مع توجهات الدولة فى التحول نحو اقتصاد مستدام. الخبراء: خطوة نحو اقتصاد أكثر مرونة خبراء الاقتصاد أشادوا بالسردية الوطنية وخاصة تركيزها على جذب الاستثمار الأجنبى المباشر، وتعزيز مكانة مصر كمقصد استثمارى إقليمى ودولي، وأكدوا أنها خطوة استراتيجية نحو اقتصاد أكثر مرونة، من جانبه، أوضح الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن الرؤية الاقتصادية المصرية حتى عام 2030 تهدف إلى وضع إطار شامل للتنمية يتماشى مع المتغيرات العالمية والإقليمية، مؤكداً أن الحكومة أطلقت «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية» كوثيقة استراتيجية للحوار المجتمعى. كما أشار إلى أنَّ الحكومة تتجه نحو تعزيز الاستقلالية الاقتصادية فى قراراتها؛ فقد ألمح رئيس الوزراء إلى أن مصر لا تعتزم الدخول فى اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولى بعد انتهاء الاتفاق الحالى فى 2027، وهو ما يعكس توجه الدولة للاعتماد على رؤية وطنية واضحة المعالم لإدارة الاقتصاد بعيدًا عن الضغوط الدولية أو المشروطيات الخارجية. ومن جانبه، قال د. محمد محمود، الخبير الاقتصادى، إن السردية الوطنية تمثل تطورًا نوعيًا فى أسلوب إدارة الدولة للملف الاقتصادى، فهى ليست مجرد خطة حكومية تنفيذية، بل إطار متكامل يبرز الرؤية الوطنية ويعرضها بصورة منظمة أمام الداخل والخارج، موضحًا أن توقيت طرحها بالغ الأهمية فى ظل ما يشهده الاقتصاد العالمى من تحديات تتمثل فى تباطؤ النمو وارتفاع معدلات التضخم وتذبذب سلاسل الإمداد. وأكد أن مصر، من خلال هذه الوثيقة، تقدم نفسها كنموذج اقتصادى قادر على مواجهة الأزمات والتكيف مع المتغيرات، إضافة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى قطاعات استراتيجية مثل الطاقة المتجددة، الصناعات التحويلية، وتكنولوجيا المعلومات. وأشار إلى أنَّ ما يميز السردية الوطنية هو أنها ليست وثيقة مغلقة، بل يتم طرحها على الحوار المجتمعى بمشاركة الخبراء والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدنى، وهو ما يمنحها شفافية ومصداقية أكبر، ويسمح بتطويرها وتعديلها قبل البدء فى التنفيذ العملى. أكد الدكتور هشام إبراهيم، أستاذ الاستثمار والتمويل، أهمية السردية الوطنية فى رسم ملامح السياسات الاقتصادية للدولة، معتبرًا أنها تمثل إطارًا استراتيجيًا متكاملًا يربط بين الرؤية الحكومية والطروحات الاقتصادية المختلفة، ويُسهم فى توجيه الموارد بكفاءة نحو تحقيق التنمية المستدامة. وأشار إبراهيم، إلى أن هذه السردية ليست مجرد وثيقة نظرية، بل هى أداة عملية تتيح للحكومة بلورة سياسات واضحة، وتُسهم فى تحسين جودة الحياة للمواطنين، من خلال تحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز النمو الاقتصادي. وأكد أن السردية الوطنية تُعد نقطة انطلاق نحو توافق اقتصادى شامل، يضمن اتساق السياسات ويُرسخ مبدأ الشراكة بين الدولة والمجتمع فى صياغة مستقبل اقتصادى أكثر استقرارًا وعدالة.