نقرأ يوميًا أخبارًا عن صراعات سياسية، أو تقلبات اقتصادية، أو حوادث مروعة، فتطغى على مشاعرنا مشاعر القلق والتوجس. لكن وسط هذا الزحام، يطل علينا مشهد إنسانى عذب وبسيط، يعيد إلينا الثقة بأن الخير ما زال يسكن بيننا. مشهد بطولته طفلة صغيرة اسمها هايدى محمد أحمد نسيم، لم تتجاوز العاشرة من عمرها، لكنها قدّمت للمجتمع درسًا أبلغ من آلاف الخطب عن الرحمة والعطاء. خرجت هايدى بخمسة جنيهات تحملها فى يدها، وقد عقدت النية أن تشترى بها كيس شيبسى تحبه وتشتهيه مثل أى طفلة فى سنها. لكنها حين وقعت عيناها على رجل مسن بدا عليه الاحتياج ويمد يده يطلب المساعدة، لم تتردد لحظة واحدة. لم تتذرع بأنها طفلة صغيرة لا تملك سوى جنيهات قليلة، ولم تقل إن المبلغ لن يغير من حال الرجل شيئًا. بل اختارت ببساطة وبراءة أن تتنازل عن متعتها الصغيرة، وتمنح الرجل المسكين ما كانت تعتبره حلمها فى تلك اللحظة: كيس شيبسى بخمسة جنيهات. قد يراها البعض لقطة بسيطة لا تستحق الضجة، لكنها فى حقيقتها مشهد تربوى وإنسانى عظيم. لأن ما فعلته هايدى لم يكن بدافع من إرشاد مباشر، ولا بتوجيه من أهلها فى تلك اللحظة، بل نبع من داخلها ومن قيم غُرست فى وجدانها منذ الصغر. هنا يظهر أثر التربية الصالحة التى تقوم على الرحمة والتعاطف مع الآخرين. الأجمل أن الموقف لم يتوقف عند هذا الحد. فصاحب المتجر الذى شهد الحادثة من خلال كاميرات المراقبة عرض على هايدى أن يمنحها كيس الشيبسى مجانًا، لكن الطفلة الصغيرة رفضت العرض بكل بساطة قائلة: «لا شكراً». تلك الكلمة الصغيرة تحمل معنى كبيرًا: أن الخير إذا قُدّم، فلا يُنتظر عليه تعويض أو مقابل. إنها قناعة نقية أن ما فعلته واجب طبيعى تجاه إنسان محتاج، لا يستحق أن يُمحى بأخذ شيء بديل. هذا الموقف العفوى لم يمر مرور الكرام، بل انتشر مقطع الفيديو بسرعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتفاعل معه الملايين .