مع استمرار إسرائيل فى سياسة القتل والتجويع فى قطاع غزة تصاعد السخط الأوروبى إزاء سياسات تل أبيب، وأصبح انتقاد ما يجرى فى الأراضى الفلسطينية بنداً يومياً فيما يخرج عن الساسة الأوروبيين من مواقف، وسط مؤشرات على تحركات عملية تتجاوز حدود المواقف الشفهية، حيث كانت الحرب فى غزة، إلى جانب الأزمة الأوكرانية، المحورين لاجتماعات وزراء الدفاع والخارجية لدول الاتحاد الأوروبى التى عقدت فى كوبنهاجن. اقرأ أيضًا | وزير خارجية الدنمارك: إسرائيل تقوض حل الدولتين حاليًا وجاء ذلك الاجتماع بعد أسابيع من قرار الاتحاد الأوروبى مراجعة اتفاق الشراكة مع إسرائيل بشأن مدى انتهاك تل أبيب للمادة المتعلقة بالتزاماتها فى مجال حقوق الإنسان، بعدما خلصت مراجعة سابقة إلى أن إسرائيل تنتهك بالفعل حقوق الإنسان فى غزة. وعملت مصر على الاستثمار الدبلوماسى فى حالة السخط الأوروبية تجاه إسرائيل، من خلال تواصل مكثف لوزير الخارجية د. بدر عبدالعاطى مع نظرائه الأوروبيين فى الأيام الماضية، لتأكيد مسئولية تل أبيب إزاء المجاعة فى غزة، التى تم إعلانها رسمياً، وتعنتها تجاه مقترح الهدنة الذى قدمته مصر وقطر. فعلى مدار الأيام الأخيرة، أكد عبدالعاطى لنظيره الإسبانى خوسيه مانويل ألباريس أن الجرائم الاسرائيلية فاقت كل الحدود، ولابد من اتخاذ إجراءات محددة وفاعلة من الاتحاد الأوروبى، لإجبار إسرائيل على الالتزام بالقانون الدولى والأعراف الدولية، فيما قال الوزير الإسبانى إنه حرص على التواصل مع د. عبدالعاطى قبل انعقاد الاجتماع غير الرسمى لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبى فى الدنمارك. رسالة الوزير عبدالعاطى كانت واضحة فى حديثه مع نظيره الألمانى يوهان فاديفول بالإعراب عن التطلع لقيام دول الاتحاد الأوروبى باتخاذ خطوات فعالة خلال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى لوضع حد للجرائم الإسرائيلية السافرة ولدفعها للالتزام بالقانون الدولى والقانون الإنسانى الدولى. كما شدد خلال اتصاله مع نظيره الدنماركى لارس لوكا راسموسن على ضرورة أن تتخذ الدول الأوروبية إجراءات عملية فعالة للتصدى للغطرسة والصلف الاسرائيلى، فى ظل الشروط التعجيزية التى يضعها. وبالتزامن مع الضغط الدبلوماسى المصرى كانت الأوساط الدبلوماسية الأوروبية تتفاعل مع الجرائم الإسرائيلية التى أصبحت تؤرق المجتمعات الأوروبية. وبينما منعت الخلافات داخل التكتل فرض عقوبات على تل أبيب منذ اندلاع الحرب فى غزة قبل عامين، أصبحت النداءات لمعاقبتها أكثر صخباً وتتسع دائرتها بين الدول الأوروبية، حيث حثّت كل من هولندا والسويد باقى الدول الأعضاء على زيادة الضغط على إسرائيل، وذلك فى رسالة مشتركة وُجّهت إلى الممثلة العليا للشئون الخارجية والسياسة الأمنية فى الاتحاد الأوروبى كايا كالاس بتاريخ 27 أغسطس. واقترح البلدان تعليق البند التجارى من اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبى وإسرائيل، إضافة إلى تجميد برنامج تمويل للشركات الناشئة كان التكتل قد عجز عن الاتفاق بشأنه فى وقت سابق من هذا الصيف. كما دعت الدولتان الأعضاء إلى إقرار عقوبات ضد بعض الوزراء الإسرائيليين والمستوطنين المتورطين فى أعمال عنف فى الضفة الغربية. كذلك يتسع الغضب إزاء إسرائيل بين مسئولى المفوضية الأوروبية، وآخرهم كانت المفوضة الأوروبية للمساواة والاستعداد وإدارة الأزمات، حجة لحبيب، التى قالت للصحفيين الأربعاء الماضى إن الاتحاد «عند نقطة تحول، وحان الوقت لأن يتحرك الاتحاد الأوروبى بما يتناسب مع مكانته الدولية»، داعية وزراء خارجية الدول الأعضاء إلى تكثيف الجهود، وأن يمثلوا «صوتاً جماعياً بشأن غزة»، مؤكدة أن سكان غزة «مرهقون من الجوع»، ودعت إسرائيل إلى السماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية لإنقاذ الأرواح، منددة بما وصفته بأنه «مجاعة من صنع الإنسان بنسبة 100٪» وسط انتهاكات للقانون الدولى. وكانت كالاس قد اتفقت مع وزير الخارجية الإسرائيلى جدعون ساعر فى 10 يوليو الماضى على زيادة عدد الشاحنات اليومية المحملة بالغذاء والمساعدات، وفتح المعابر البرية شمال وجنوب القطاع، وإعادة تشغيل الطرق الخاصة بالمساعدات القادمة من الأردن ومصر، وغيرها من التدابير. إلا أن هولندا والسويد وصفتا الوضع فى غزة بأنه «مقلق للغاية وغير مقبول»، وأعربتا عن الأسف لعدم تنفيذ الاتفاق الإنسانى بين الاتحاد الأوروبى وإسرائيل. الدعوة إلى معاقبة إسرائيل تخطت حدود العمل الأوروبى المشترك إلى السياسات الداخلية، ففى هولندا استقال وزير الخارجية كاسبار فيلدكامب معلناً عجزه عن الحصول على توافق حول «إجراءات ذات مغزى» رداً على ما تقوم به إسرائيل فى غزة، ما أدى لاندلاع أزمة سياسية انهار على إثرها الائتلاف الحكومى .