أكّد علماء الدين أن الاحتفال بالمولد النبوى الشريف مستحب ومشروع، ولا يُعد من البدع، بل هو تعبير حضارى عن حب النبى صلى الله عليه وسلم وتعظيم لجنابه الشريف، وهو مظهر من مظاهر الإيمان. وشدد العلماء على أن هذه الاحتفالات يجب أن تكون خالية من مظاهر الإسراف والمنكرات، لتكون فرصة لتذكير المسلمين بسيرة النبى والتمسك بتعاليمه وقيمه الحميدة. اقرأ أيضًا | العلماء: مشروعهم مبنى على الكذب واستباحة الدماء واستغلال الدين وفى هذا السياق، يقول د. أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: إن الاحتفال بالمولد النبوى الشريف أمر مشروع، يدخل فى دائرة السنن الحسنة، وليس من البدع المذمومة كما يظن البعض. ويوضح أن الأساس الشرعى للاحتفال يستند إلى عدة قواعد، من أهمها: أن الأصل فى الأشياء الإباحة ما لم يرد نص قطعى بالتحريم، وأن الترك ليس دليلًا على المنع؛ فعدم فعل النبى أو الصحابة لا يعنى تحريم الفعل، وقول النبى : «ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن» وكذلك للأمر الإلهى بالفرح بنعمة الله ورحمته فى قوله تعالى: «قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا». ويشيرإلى أن محبة النبى وتعظيمه من أصول الإيمان، مستشهدًا بقول النبى :«لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين». ويبيّن أن الاحتفال بالمولد ليس عبادة مستحدثة، بل من العادات المشروعة التى تهدف إلى تذكير المسلمين بسيرة النبى وأخلاقه بعقد المجالس العلمية والدروس الدينية، وإنشاد المدائح النبوية ك«البردة» للبوصيرى، وبإظهار الفرح والسرور، والتوسعة على الأهل والأولاد، وتبادل التهاني. وأضاف أن هذا النهج قد تبنته مؤسسات إسلامية كبرى، وعلى رأسها الأزهر الشريف، مؤكدًا أن العلماء أقروا جواز اتخاذ يوم المولد مناسبة دينية ما دامت خالية من المحرمات. ويختتم كريمة حديثه مؤكدًا أن الاحتفال بالمولد النبوى الشريف تجسيد لمحبة النبى ، وفرصة لإحياء القيم الإسلامية ونشر الفرح المشروع، ويعد من السنن الحسنة التى يُثاب فاعلها. ويوضح د. محمود مهني، عضو هيئة كبار العلماء أن ميلاد النبى كان فجرًا جديدًا وميلاد أمة أعزها الله بالإسلام بعد أن كانت تتخبط فى جاهلية قاسية، سادها وأد البنات، والظلم الاجتماعي، والربا، والعصبية القبلية، وعبادة الأوثان. فجاء النبى صلى الله عليه وسلم برسالة الإصلاح الشامل، ليعيد للإنسان كرامته، وللمرأة حقها، وللمجتمع توازنه وعدالته. وأكد أن الجدل المتكرر حول جواز الاحتفال من عدمه لا ينبغى أن يشغلنا عن جوهر الأمر، فالاحتفال ليس عبادة مستقلة حتى يُقال إنها بدعة، بل هو وسيلة لشكر الله تعالى على أعظم نعمة أنعم بها علينا وهى بعثة النبى صلى الله عليه وسلم. وشدّد د. مهنى على أن الاحتفال الحقيقى لا يكون بالشعارات أو المظاهر فقط، وإنما بتحويل الذكرى إلى منهج عملى فى حياتنا اليومية، من خلال: المحافظة على الصلاة فى أوقاتها، وإخراج حق الفقراء من أموالنا، والإكثار من قراءة القرآن والذكر، والمشاركة فى الأعمال الخيرية، ونشر قيم الرحمة والتسامح، وبهذا يصبح الاحتفال فرصة سنوية للتزود الإيمانى والارتقاء الروحي، وبداية صفحة جديدة مع الله تعالى، وتجديد الولاء لرسولنا الكريم بالاقتداء بسيرته وتعاليمه. ويشير د. الأمير محفوظ، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية سابقًا، إلى أن الاحتفال بمولد النبى يكون بإحياء سنته والعمل بها، وقراءة سيرته للعلم بها. وقال إن الاحتفال بالمولد من الأمور الوجيهة التى ينبغى أن تنتهى الأمة من الخلاف حولها، لأسباب منها حفاوة الله بنبيه الخاتم فى وحيه وأن هذا الاحتفاء الربانى بنبيه يوجب علينا الاقتداء والاهتمام، لأن لولا بعثة النبى لكنا فى ضلالٍ مبين. وأكد أن ما يُخرس ألسنة المعترضين على الاحتفال هو قول النبى حين سُئل عن صيام يوم الإثنين، فقال: «ذلك يوم وُلدتُ فيه، ويوم بُعثتُ أو أُنزل عليّ فيه».