أشعر بالعجز عن إيجاد الكلمات التى تصف ما يحدث فى غزة، أو تعبر عما يدور بقلبى وعقلى من حزن وألم، ليس على غزة وأهلها فقط، وإنما على العرب وما وصل إليه الحال.. هذا العجز ليس بسبب عيب أو نقص فى اللغة، ولكن ما يحدث فى غزة يخرج عن حدود اللغة، ويتجاوز قدرة الحروف على حمل الألم. غزة لا تقصف فقط، بل تجوع.. لا تحاصر فقط، بل تعاقب جماعيًا بالموت البطيء، أمام عيون العالم الذى لم يعد يرى أو قرر ألا يرى.. فى هذا المشهد العبثى، يصبح رغيف الخبز معركة، وعلبة الحليب انتصارًا، وشربة الماء تحديًا لآلة قتل تديرها دولة محتلة، لا تعرف للإنسانية معنى.. ويصمت عنها العالم. أهالى غزة حلمهم أن يتنفسوا هواء لا يحمل رائحة الدم والموت.. أن يستيقظ طفل على رائحة الخبز لا على صوت الصواريخ.. ألا تموت أم لأن حليب أطفالها غير متوفر.. ألا يختار أب أى ابن يطعم وأى ابن يترك للجوع. الحصار فى غزة ليس عسكريًا فقط، بل أخلاقى وإنسانى نحن أمام جريمة كبرى ترتكب باسم الأمن، وتبرر بالسياسة. ويشارك فيها الصمت والعجز العالمى. أرى أن المعارك لا تخاض فقط بالسلاح، بل بالرأى العام، بالحقيقة، وبالضغط على ضمير العالم، لكن ما نشاهده أن الضمير نفسه مكمم، فى ظل منصات تشيطن الضحية وتبرر للسفاح جريمته. إن ما يحدث فى غزة يتطلب موقفًا عربيًا موحدًا، يتجاوز الخلافات، ويدعم الشعب الفلسطينى فى نضاله المشروع. هذا الدعم يجب ألا يقتصر على البيانات، بل يتجسد فى خطوات عملية، تشمل الدعم السياسى والاقتصادى والإعلامى.. كما يجب على الدول العربية أن تستخدم أوراق الضغط المتاحة لديها للدفاع عن غزة.. يجب عليهم أن يتعاملوا مع غزة على أنها الجرح المفتوح فى الجسد العربى. ويبقى السؤال متى يتحرك العالم لنصرة غزة ودعم شعبها وإنقاذ الإنسانية من فم خنزير مسعور يتغذى على دماء البشر؟!