غادر وهو رئيس للحكومة.. وعاد رئيساً مؤقتاً للجمهورية فى بداية يونيو عام 2004، بدأت الشائعات والحديث عن تغيير حكومة الدكتور عاطف عبيد، التى تولت المسئولية عام 1999، مع هذه الشائعات بدأت التوقعات حول الحكومة الجديدة، ومن الذى سوف يكلف بتشكيلها، وخاصة أنها تأتى فى توقيت بالغ الحساسية، حيث كانت مصر تجتاز مرحلة صعبة من الإصلاح الاقتصادى الذى بدأ مع حكومة الراحل الكبير الدكتور عاطف صدقى، مروراً بحكومة الدكتور كمال الجنزورى. كان التكليف الأساسى لهذه الحكومات هو ألا تكون الإصلاحات الاقتصادية على حساب العدالة الاجتماعية، وهو الهدف الذى تحقق بالفعل إلا قليلاً!! تصدت حكومة الدكتور عاطف عبيد لملف الخصخصة، وبوتيرة أسرع من كل الحكومات السابقة، تعرضت الحكومة لهجوم شديد من الإعلام، وبدأت الصحف تنشر الكثير من الإخفاقات التى تعرضت لها عملية الخصخصة، وبعيداً عن أى تقييم لأداء حكومات صدقى والجنزورى وعبيد، إلا أن المناخ العام بدأ يميل إلى ضرورة تغيير الحكومة. بدأ سؤال يطرح نفسه حول شخصية وخبرات الرئيس الجديد الذى سيتم اختياره، وضرروة أن يكون من خبراء الاقتصاد. بالطبع انعكس ذلك كله على المناخ العام داخل مقر مجلس الوزراء، وبدأ بعض العاملين بمقر مجلس الوزراء فى نقل بعض الأشياء الخاصة برئيس الوزراء، مثل بعض الملابس وأربطة العنق، وعشرات من الملفات، وكلها إشارات تعودنا عليها مع كل تشكيل وزارى جديد، وكصحفى مسئول عن تغطية أخبار مجلس الوزراء لفترة طويلة، كانت لى مصادرى الخاصة داخل المجلس، وكان من بين هؤلاء عمال البوفيه الخاص برئيس الوزراء، ورجال الاستعلامات فى المدخل الخلفى، وبعض رجال الشرطة والمرور بمنطقة مجلس الوزراء، وكانوا يحيطوننى علماً بكل ما يحدث داخل المجلس، وأسماء الضيوف الذين لهم مواعيد مع رئيس الوزراء. كانت قد جمعتنى علاقة خاصة مع الدكتور عاطف عبيد منذ سنوات، عندما كان وزيراً لقطاع الأعمال والبيئة، قبل ان يصبح رئيساً للوزراء، وقد طلبت مقابلته بعد وصوله لمقر المجلس ظهراً، وبالفعل التقيت معه، وسألته هل صحيح أنه سيترك الحكومة؟، ومن هو الرئيس الجديد؟. وقال لى: نعم سوف أترك الحكومة، ولكن لا أعرف حتى الآن من سيأتى بعدى.. وبالأحضان ودعته، فقال لى: قل للأستاذ جلال دويدار يشوف لى شغلانة بالأخبار من بكره.. وغادرت مكتبه، وكان المجلس كله يعيش حالة من الوجوم والإحساس بالحيرة وعدم الراحة، فمع كل ما يتردد عن الحكومة الجديدة، كان هناك حديث آخر حول صحة الرئيس مبارك رحمة الله عليه، والذى سافر لألمانيا للعلاج. فى المساء يوم 20 يونيو 2004، أذاعت وسائل الإعلام خبراً حول صدور قرار جمهورى بتفويض الدكتور عاطف عبيد رئيس الحكومة كل الاختصاصات الدستورية والقانونية للرئيس مبارك، وطوال الفترة التى يقضيها فى العلاج، وإجراء عملية جراحية بالعمود الفقرى.. عاد الدكتور عبيد مرة أخرى لمكتبه، ومارس عمله المعتاد كرئيس للوزراء، وأيضاً كرئيس مؤقت للجمهورية، واستمر فى ممارسة هذا التكليف، حتى عاد الرئيس مبارك، وصدر قرار جمهورى بتعيين الدكتور أحمد نظيف وزير الاتصالات رئيساً للحكومة يوم 14 يوليو 2004، والتى ضمت عدداً كبيراً من التكنوقراط ورجال الأعمال، وفى أول أيامه كرئيس للوزراء، أدلى ببعض التصريحات، وحدث أن اختفى زميلنا المذيع الكبير أحمد حسنى من المؤتمر الصحفى، واضطررت أن أكون مذيعاً، ووجهت للدكتور نظيف عدة أسئلة، وتكرر إذاعتها على مدى اليوم.. بعدها بخمسة شهور، أجريت أول حديث صحفى مع الدكتور أحمد نظيف، صاحب الخلق الرفيع.