لا يزال قطاع غزة يئن تحت وطأة آلة الحرب الإسرائيلية المستعرة منذ 22 شهرًا، وسط محاولات مصر وعدد من دول العالم لوقف نزيف الحرب وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية لسكان القطاع الذين تفرقت بهم السبل ويعيشون فى مأساة ويواجهون فيها شبح المجاعة وانعدام الخدمات بعد انهيار البنى التحية والقطاع الصحي بالكامل، وسعى إسرائيل إلى احتلال غزة بالكامل. ووسط هذه الأجواء العاصفة تواصل مصر تقديم المساعدات لأهل غزة رغم التضييق الإسرائيلى والتعنت فى إدخال الشاحنات، وهو ما أكده سائقوها الذين تحدثت إليهم «آخر ساعة» من رفح. ◄ يعرقلون دخولنا ويضعون شروطًا غريبة.. ونناشد المجتمع الدولي لوقف الحرب ◄ جئنا من محافظات مختلفة.. ونقيم داخل الشاحنات بالشهور الزيارة الميدانية التى قمنا بها إلى معبر رفح التقينا خلالها عددًا من سائقي شاحنات المساعدات وبعض المتطوعين من شباب الهلال الأحمر والتحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى، لمعرفة كواليس ما يدور عند المعبر ولدى وصولهم إلى معبر كرم أبو سالم وتعامل الاحتلال معهم، ورصدنا اصطفاف عشرات الشاحنات المتوقفة أمام المعبر من الجانب المصرى. يقول سامح: أنا من أبناء محافظة الدقهلية، وأعمل سائقًا على شاحنة مساعدات، ومنذ وصولى إلى محافظة شمال سيناء قبل عدة شهور، أجد أنا والسائقون كل التيسيرات من جانب مصر، وكل جهات الدولة متعاونة لتقديم أكبر قدر من المساعدات. ■ آخرساعة تستمع إلى محافظ شمال سيناء من أمام معبر رفح وتابع: العقبة الكبرى التى تواجهنا من الجانب الإسرائيلى، بسبب التعنت ورفض دخول العديد من شاحنات المساعدات إلى غزة، بحجج مختلفة وبأسباب غريبة فى كل مرة، وأكثر الشاحنات التى ترفض إسرائيل أو تتعنت فى دخولها تلك المحملة ب«الدقيق»، لأنهم يريدون تجويع أشقائنا فى غزة. توجهنا إلى سائق آخر لكنه رفض الحديث أو التصوير، مكتفيًا بقوله إن الوضع كارثى فى غزة، والأطفال والنساء يموتون جوعاً رغم الجهود المصرية الكبرى ووجود عدد كبير من الشاحنات أمام معبر رفح وفى المنطقة اللوجستية للهلال الأحمر، كما أننا نبذل مجهودًا كبيرًا فى التحرك والانتظار بالساعات أملا فى الدخول، لكن نفاجأ بإدخال عدد قليل جدًا من الشاحنات من قبل الاحتلال ورفضه دخول الباقى. بينما يقول محمود «ابن محافظة الشرقية» دخلت 3 مرات عبر معبر كرم أبو سالم، وأكثر من مرة تم منعى من الدخول، بعد الوصول لآخر نقطة، رغم المجهود الكبير الذى تم بذله، وكما ترى، نحن متواجدون تحت لهيب الشمس أملاً فى الدخول من خلال كرم أبوسالم، وكل سائق يتحرك بطعامه الذى يقوم بطهوه بنفسه. وأضاف: ذات مرة تم منع الشاحنات من الدخول لوجود علم فلسطين على العبوات لمختلف المساعدات الإنسانية، ومرة أخرى زعمت قوات الاحتلال أن الحمولة الموجودة على الشاحنة كبيرة، أو أعداد الكراتين والعبوات الغذائية التى تحملها الشاحنة أكثر من طاقتها، ومنعوا مرورها، كلها عوائق وحجج يضعها الاحتلال بهدف تقليص عدد الشاحنات التى تمر عبر معبر كرم أبو سالم. اقتربنا من عبدالوهاب سلام «سائق آخر» من أبناء محافظة الجيزة، كان يقوم بتجهيز «الشاى» أسفل شاحنته، وقال: شاحنات المساعدات أصبحت بيوتنا البديلة، فنحن ننام بها ونحتفظ بطعامنا داخل أدراجها، المتمثل فى أرز وبعض أنواع الخضار، ونقوم بطهوه على أدوات بدائية صغيرة على نار هادئة، كما أننا ننام بداخلها، حتى لا نشعر بوقت الانتظار الطويل، أنا تركت أسرتى منذ شهور ومتواجد فى سيناء لتأدية رسالتى الإنسانية، لكننا نعانى صعوبة التعامل مع قوات الاحتلال، رغم أن الكلام معهم قليل جداً، وعندما نصل إلى كرم أبو سالم، كل سائق يقول اسمه ورقم الشاحنة، حيث يتم التأكد من البيانات من الكشف الموجود معهم وجرى التنسيق عليه، وأكثر الشاحنات التى تتعرض للمنع من الدخول المحملة بالدقيق، وفى إحدى المرات رفض الاحتلال دخول الشاحنة بحجة أن الدقيق غير مغلف وطلبوا إعادة تغليفه فى عبوات صغيرة. ■ أحد شاحنات المساعدات عقب تفريغ حمولتها وعودتها ◄ اقرأ أيضًا | مصر تتصدى لاحتلال غزة| دعت لتحرك دولي فوري لوقف سياسة «القوة» الإسرائيلية «شكراً للرئيس السيسي، وشكراً لمصر وشعبها الكريم، إنتم بتعملوا اللى عليكم وأكتر، والشعب الفلسطينى عارف كدة والعالم كله شايف الضغط المصرى على الاحتلال، لإدخال المساعدات»، بهذه الكلمات بدأ الشاب الفلسطيني عدى سفيان، الذى دخل إلى مصر قادمًا من غزة عبر معبر رفح، عندما وصل مع أسرته ضمن مجموعات المصابين الشهور الماضية، وأكد أن أمنيته الوحيدة أن تنتهى الحرب ويتم إنقاذ الشعب الفلسطينى من الموت جوعاً أو قتلا من قبل الاحتلال، مؤكداً أنه سيكون أول العائدين إلى أرض فلسطين حال وقفت الحرب وسمحت الظروف بذلك، وأنه لا يوجد فلسطينى وطنى يريد ترك أرض وطنه. ويقول عدد من متطوعى الهلال الأحمر المصري وشباب التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى: نقف فى اصطفاف وطنى أمام معبر رفح، يؤدى كل منا دورا مختلفا، فهناك من يقوم بتنظيم عملية مرور شاحنات المساعدات، ومن يتولى التنسيق مع الجهات المعنية، لتذليل أية عقبات، وكلنا هدفنا واحد وهو إنقاذ الأشقاء الفلسطينيين من الجوع. فيما قال سائق آخر فى العشرينيات من عمره يُدعى إسلام سعد: لا نكل أو نمل، وسنواصل عملنا التطوعى، ورغم تعنت الجانب الإسرائيلى ورفض دخول العديد من الشاحنات رغم المجهود الكبير المبذول لوصولها إلى معبر كرم أبو سالم، فإن مصر وشعبها بكل أطيافه يواصل تقديم كل الدعم للأشقاء الفلسطينيين، ونحن متواجدون باستمرار أمام البوابة المصرية لمعبر رفح ولم نرَ إغلاقاً لها نهائيًا، ونطالب كل الدول الكبرى وعلى رأسها الولاياتالمتحدة بالتدخل لإنهاء هذه الحرب الظالمة وإدخال المساعدات، بالكميات التى تكفى، فقطاع غزة يحتاج يوميًا نحو 700 شاحنة لتلبية الاحتياجات، لكن العدد الذى سمح بعبوره قليل جدًا مقارنة بالاحتياجات.