أعلنت السلطات الإيرانية عن تشكيل مجلس دفاع جديد ضمن هيكل المجلس الأعلى للأمن القومي، فى محاولة واضحة لإعادة هيكلة آليات صنع القرار العسكرى وتعزيز الاستجابة للأزمات الأمنية المحتملة، بما فى ذلك الفراغ القيادى فى حال غياب المرشد الأعلى على خامنئي. وبحسب بيان رسمى صادر عن الأمانة العامة للمجلس الأعلى للأمن القومى فى 3 أغسطس، فإن المجلس الجديد يهدف إلى تمكين اتخاذ قرارات دفاعية سريعة ومركزية فى أوقات الحرب والطوارئ الوطنية، وذلك فى ظل ما وصفه محللون بأنه قلق مؤسسى عميق من بطء أداء المؤسسات القائمة وضعف التنسيق بين الأجهزة العسكرية والأمنية. اقرأ أيضًا | إيران تنشئ مجلس دفاع وطني لحماية البلاد من التهديدات الخارجية وكشفت حرب استمرت 12 يومًا بين إيران وإسرائيل فى يونيو الماضي، عن ثغرات هيكلية كبيرة فى منظومة الردع الإيرانية. حيث فشلت منظومة الدفاع الجوى فى التصدى لهجمات استهدفت منشآت عسكرية ونووية حساسة، فى وقت تأخر فيه رد طهران، ما أثار انتقادات داخلية نادرة. ووفقا للمحللين فإن تأخر إيران فى الرد كشف عن «أزمة فى هيكل اتخاذ القرار العسكرى الاستراتيجي»، كما أن غياب بنية رقمية آمنة يجعل انعقاد المجلس الأعلى بكامل أعضائه فى وقت الحرب محفوفًا بالمخاطر، بل وقد يكون هدفًا لهجمات استباقية. ولهذا السبب جاءت بنية المجلس الجديد منتقاة بعناية فسيرأس رئيس الجمهورية المجلس الجديد، على أن يضم عضوية رؤساء السلطتين القضائية والتشريعية، ووزير الاستخبارات، ورئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، إلى جانب ممثلَين اثنين عن المجلس الأعلى يعينهما المرشد الأعلى. وما يميز مجلس الدفاع عن المجلس الأعلى هو العضوية الدائمة لقادة الجيش والحرس الثورى ومقر خاتم الأنبياء المركزي، ما يمنحه طابعًا عملياتيًا، فى مقابل الطابع السياسى والإدارى للمجلس الأعلى. رغم أن المجلس الجديد يُصنّف رسميًا كهيئة فرعية، إلا أن مراقبين اعتبروا توقيت تأسيسه وتحولاته البنيوية تُشير إلى استشراف مرحلة انتقالية فى القيادة العليا. وفى حال غياب المرشد الأعلى، فإن رئيس الجمهورية، بصفته رئيسًا للمجلس الأعلى للأمن القومى ومجلس الدفاع، سيكون أعلى سلطة تنفيذية فى البلاد. وإلى جانب تشكيل المجلس الجديد، تم تعيين على لاريجانى ممثلا عن المرشد الإيراني، على خامنئي، فى المجلس الأعلى للأمن القومي. هذا التعيين يمنح لاريجانى عضوية رسمية مع صلاحية التصويت داخل المجلس، ما يعزز موقعه كلاعب أساسى فى مراكز اتخاذ القرار العليا فى طهران. وجاء هذا بعد أيام فقط من قرار الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، تعيين لاريجانى أميناً للمجلس الأعلى للأمن القومى الإيراني، ليجمع بذلك بين موقع الأمانة العامة والتمثيل المباشر للمرشد فى الوقت ذاته، وهو وضع يمنحه قدرة مضاعفة على التأثير فى الاتجاهات السياسية والأمنية للمؤسسة السيادية الأعلى فى إيران. وكان لاريجانى قد شغل سابقاً مناصب رفيعة منها رئاسة البرلمان ووزارة الثقافة والإرشاد، كما كان رئيساً لهيئة الإذاعة والتلفزيون، وأميناً للمجلس الأعلى للأمن القومى بين عامى 2005 و2007 حين تولّى ملف المفاوضات النووية مع القوى الغربية. ويعتبر محللون أن ما حدث هو أكبر إعادة هيكلة للبنية الدفاعية منذ عقود فى إيران، وأن ذلك يُظهر تصاعدًا فى عدم ثقة القيادة والمؤسسات فى الهيكل الموجود. وفى حين اعتبر العديد من المحللين على أنها محاولة للعودة إلى حوكمة أكثر فعالية، اعتبرها آخرون خطوة سياسية لاستعادة السيطرة وتهدئة الخلافات الداخلية داخل النظام.