رفض مصر القاطع لفكرة التهجير القسرى للفلسطينيين، وإصرارها على ألا تُمحى القضية الفلسطينية من جذورها، موقف أخلاقى وتاريخى لا يقبل المساومة. مصر لم تكتفِ بالرفض، بل تحركت، وحافظت على الحق، وصانت الكرامة. فخورة جدًا بموقف مصر، وفخورة أكثر بموقف الرئيس عبد الفتاح السيسى من غزة. الأصوات بدأت تتغير حول العالم. من فرنسا إلى بريطانيا، أصبح هناك إدراك لحقيقة أن لا سلام دون دولة فلسطينية. وهذا، فى رأيي، يُحسب لمصر ولرئيسها، الذى صمد فى وجه الضغوط، وتكلم باسم الإنسان قبل أن يتكلم باسم الدولة. كنت شاهدة على انطلاق القافلة رقم 11 من التحالف الوطنى للعمل الأهلى والتنموي. مئات الشاحنات، محملة بآلاف الأطنان من الغذاء والدواء، مصطفة على طريق مصر - الإسماعيلية، والمئات من المتطوعين يتحركون بمحبة، وإخلاص، وإيمان بالقضية. كان الحضور لافتًا: السفيرة نبيلة مكرم، التى تقوم بدور ميدانى محترم ونشيط، تستحق عليه كل الإشادة. والنائب الوطنى محمد أبو العينين، وكيل مجلس النواب، الذى وقف وسط الحشد، متحدثًا: «أنا مش جاى كسياسي، أنا جاى كمواطن مصرى شايف إن دعم غزة واجب وطنى وإنساني. محدش بيزايد على مصر، ولا على ضميرها.. مصر لا تعيش مواقف، مصر بتدفع من قوتها ومواردها وطاقتها عشان تدّي. اللى بيتعامل مع غزة كقضية مؤقتة مش فاهم التاريخ. واللى بيساوم على أهل فلسطين، بيساوم على شرف الأمة كلها». «اللى بيحصل مش شُغل حكومة بس، دا شُغل شعب. كل عربية ماشية فى القافلة وراها قصة، وراها ناس اشتغلت وسهرت وشاركت، علشان تقول لأهل غزة: أنتم مش لوحدكم». وأنا هناك، شاهدت مواطنين على طريق الإسماعيلية يتوقفون لتحية المتطوعين، يدعون لمصر، ويدعون لأهل غزة بالصمود والانتصار. كانوا يشعرون أن ما يحدث نابع من القلب، من بلد لا يقدم واجبًا، بل يعمل بكل الحب والإخلاص لقضية هى قضيته الأولى. وهنا أتذكر كلمات الشيخ محمد متولى الشعراوى التى تلخّص ما نعيشه اليوم: «إنها مصر.. إنهم يريدونها ألا تقوم، ولكنها قامت وستقوم لأنها مصر». اليوم، نحتاج أن نسد الثغرات أمام من يحاولون تشويه الحقيقة، أو اختراق البلد من الداخل. عرفنا الإخوان، ونعرف كيف يتعاونون مع الاحتلال لتحقيق أهداف لا علاقة لها لا بفلسطين ولا بالإسلام.. نعرف أنهم لا يريدون إلا سقوط مصر. لكن مصر باقية، وستبقى بأولادها، وبرئيسها، وبمن يعشقون ترابها.