سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
د. عبلة الألفى :الولادة الطبيعية تحمى الطفل من الحساسية والتوحد وضعف المناعة «الألف يوم الذهبية»| تتصدى لكارثة الولادة القيصرية مصر الأولى عالميَّا بنسبة 72% والمتوسط الدولى 21%
تشهد مصر فى السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا فى معدلات الولادات القيصرية، حتى باتت تتجاوز النسب الموصى بها عالميًا بشكل يثير القلق، ويرى الخبراء أن هذا الارتفاع لا يرتبط فقط بالحالات الطبية التى تستدعى التدخل الجراحي، بل يعود أيضًا إلى عوامل تتعلق بالممارسات الصحية الخاطئة، والرغبة فى تسهيل إجراءات الولادة، سواء من جانب الأطباء أو بعض الأمهات، فضلًا عن غياب الوعى الكافى بمخاطر الولادة القيصرية غير المبررة طبيًّا. وفى مواجهة هذا التحدي، جاءت «مبادرة الألف يوم الذهبية» لتشكل خطوة نوعية تهدف إلى تعزيز صحة الأم والطفل منذ ما قبل الحمل وحتى إتمام الطفل لعامه الثاني، كما يهدف المحور الثانى لهذه المبادرة الرئاسية إلى الحد من معدلات الولادة القيصرية، من خلال التوعية المجتمعية، وتدريب الفرق الطبية على دعم الولادة الطبيعية، وتحفيز المستشفيات لتوفير بيئة آمنة تشجع الأمهات على خوض تجربة الولادة بشكل طبيعي.. وهذا ما تتطرق له «الأخبار» فى التحقيق الآتي: اقرأ أيضًا | خدعوك فقالوا.. الولادة القيصرية تحافظ على شكل الجسم بداية، تتحدث الدكتورة عبلة الألفي، نائب وزير الصحة والسكان، والمشرف على المجلس القومى للسكان، ومؤسس ورئيس الجمعية المصرية لأعضاء الكلية الملكية البريطانية لطب الأطفال، لصحيفة «الأخبار»، قائلة إن مبادرة الألف يوم الذهبية هى مبادرة شاملة تحمى حقوق الطفل فى بداية آمنة منذ لحظة وجوده برحم الأم، وتوفر له كل السبل التى يحتاجها طوال حياته ليحيا حياة سوية ومتوازنة، بعيدًا عن المفاهيم الخاطئة التى ظلت تتوارثها الأجيال لسنوات عديدة. وتؤكد أن من بين حقوق الطفل التى يغفل عنها الكثيرون هى الولادة الطبيعية الآمنة، وضرورة الحد من الولادات القيصرية غير المبررة طبيًا، خاصة بعد الإحصائيات التى رصدها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء ضمن المسح الصحى للأسرة المصرية لعام 2021، والتى تشير إلى وجود ارتفاع فى الولادات القيصرية بصفة عامة على مستوى جميع الأقاليم مقارنة بمسح عام 2014، مع ارتفاعها بشكل خاص فى الحضر، حيث زاد معدل الولادة القيصرية ليصل إلى 72% مقابل 52%، وهى نسبة تعد مشكلة كارثية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، إذ لا تكمن مشاكل القيصرية فقط فى تكلفتها المرتفعة أو احتمالية حدوث مضاعفات صحية، وإنما فى حرمان الطفل من مزايا كثيرة وضعها الله عز وجل فى الولادة الطبيعية. مزايا الولادة الطبيعية من هذه المزايا البكتيريا الحميدة التى يحصل عليها الطفل عند خروجه من مجرى الولادة الطبيعية، والتى تنمو على جسمه بالكامل وتدخل الجهاز الهضمي، فتُحدث ضبطًا لكيمياء خلايا الجسم، ما يحميه من الإصابة بكثير من الأمراض، أهمها الربو، الحساسية، التوحد، ضعف المناعة، سوء الأداء المدرسي، والسمنة، التى تعد من أهم أسباب الولادة القيصرية. كما تؤدى الولادات القيصرية إلى زيادة الطلب على دخول الأطفال إلى الحضّانات، وزيادة معدلات الولادات المبكرة، ما يؤدى إلى ارتفاع معدلات المرض ووفيات حديثى الولادة، أما على مستوى الأم، فتمثل القيصرية خطرًا يتمثل فى احتمالية الإصابة بنزيف شديد قد يعرضها للأنيميا المزمنة، كما قد تحدث مضاعفات مثل ناسور بين مجرى البول ومجرى الولادة، أو ما يعرف ب«المشيمة المتوغلة»، التى قد تنتهى إما بنزيف شديد يودى بحياة الأم أو استئصال الرحم للسيطرة على النزيف. مليارات الجنيهات أما من الناحية المادية، فتشير د. عبلة إلى أن تكلفة عمليات الولادة القيصرية فى مصر تصل إلى 5 مليارات جنيه سنويًا، فى حين تصل تكلفة مضاعفاتها على الأم والطفل إلى 120 مليار جنيه. كذلك، فإن دخول الأطفال إلى الحضّانات يزيد الضغط على موارد الدولة المالية، حيث تصل تكلفة اليوم الواحد فى الحضانة إلى 2500 جنيه، وبالتالى تصل تكلفة الحالات الناتجة عن الولادات القيصرية إلى 78 مليار جنيه سنويًا، وتؤكد أن كل 10% زيادة فى نسب الولادة القيصرية تؤدى إلى زيادة الطلب على الحضّانات بنسبة 2%، وإذا كانت نسب الأطفال الذين يحتاجون إلى حضّانات بعد الولادة فى العالم لا تتعدى 10%، فإن هذه النسبة فى مصر تتراوح بين 20% إلى 25%. لذلك، تم تنفيذ نظام متكامل لإعادة الولادات القيصرية إلى المعدلات المطلوبة فقط، أى تلك المبررة طبيًا، وقد بدأ هذا النظام منذ أكثر من سنتين، وبدأ يُظهر نتائج إيجابية فى المستشفيات الحكومية، حيث انخفضت معدلات الولادة القيصرية إلى 60%، وتتضمن هذه التدخلات توفير كافة الإمكانيات والأجهزة والآليات المطلوبة للولادة الطبيعية بالمستشفيات، إلى جانب إلزام الأطباء بأخذ رأى ثانٍ قبل اتخاذ قرار الولادة القيصرية، والمتابعة والإشراف على المستشفيات لمراقبة نسب الولادة القيصرية، كما يتم تدريب الأطباء، وفى حالة رصد نسب مرتفعة يتم دراستها والتأكد من وجود أسباب علمية لذلك. أدوار مهمة وتضيف أنه سيتم توفير قابلات وهنّ الممرضات المولدات المدربات المعتمدات من وزارة الصحة فى جميع المحافظات، واللاتى يمكنهن مساعدة الحوامل والإشراف على حالتهن حتى لحظة الولادة، واستدعاء الطبيب عند الحاجة، كذلك سيتم توفير مساعدات الولادة «الدولا»، اللاتى يقمن بدعم الحامل نفسيًا وجسديًا، وتعليمها تمارين رياضية تساعدها على الولادة الطبيعية، ويقدمن لها الدعم النفسى قبل وبعد الولادة، ويرعينها فى الساعة الذهبية الأولى بعد الولادة وتوعيتها بأهمية الرضاعة الطبيعية من اللحظة الأولى. إلى جانب ذلك، هناك دور فعال لمقدمى المشورة، الذين يتولون مهمة تثقيف الأمهات وتمكينهن من اتخاذ قرارات مستنيرة قائمة على معلومات دقيقة، وتشمل هذه المشورة، التوعية قبل الزواج، مهارات الرضاعة الطبيعية، التثقيف الصحى للأم الحامل، دعم الحامل خلال الولادة، التغذية السليمة، قياس التطور العصبى لدى الطفل، تحفيز الطفل وتدعيم نمو أعصابه، الاكتشاف المبكر لأى تأخر فى النمو، التربية الإيجابية، وتنمية الذكاء. وتوضح د. عبلة أنه تم إنشاء غرف مشورة أسرية داخل معظم مراكز الرعاية الصحية الأولية بالمحافظات، وكذلك داخل المستشفيات المتخصصة فى الولادة، لتوفير دعم للأمهات فيما يخص الولادة الطبيعية، مع التوعية بأضرار الولادة القيصرية غير المبررة طبيًا، والتشجيع على تركيب وسيلة لتنظيم الأسرة بعد الولادة مباشرة، دون تأجيل أو تغافل، وتؤكد أن هذه الخطوة تساهم بشكل كبير فى تقليل حالات الحمل غير المخطط له، والتى تمثل نحو 20% من حالات الحمل فى مصر، أى ما يعادل نحو 400 ألف طفل يولدون سنويًا دون تخطيط مسبق من الأهل. وتختتم حديثها بالتأكيد على أن الاستثمار فى تربية طفل سليم معافى هو أفضل استثمار قومي، إذ إن كل جنيه يُنفق على رعاية الطفل يوفر نحو 155 جنيهًا حين يبلغ الطفل سن السادسة، وهى مبالغ كانت ستُنفق على علاج أمراض مثل التوحد، التقزم، السمنة، سوء التغذية، السكري، ضعف الأداء المدرسي، والأمراض الوراثية، كما تؤكد على أهمية الدقة المطلقة فى ملء إخطار الولادة، كونه مستندًا رسميًا هامًا، مشيرة إلى أنه لوحظ أن بعض الإخطارات تُسجل بها الولادة على أنها طبيعية وهى فى الحقيقة قيصرية، وتهيب الوزارة بالأطباء والأهالى تحرى الدقة فى هذا الأمر، إذ إن أى معلومة خاطئة ستعرض الطبيب والأهل للمساءلة القانونية. أرقام صادمة ومن جانبه يوضح الدكتور إسلام عنان، أستاذ اقتصاديات الصحة والسياسات الصحية بجامعة المستقبل، أن معدلات الولادات القيصرية فى مصر شهدت ارتفاعًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة، وفقًا لأحدث تقرير صادر عن المجلس القومى للسكان، فقد تظهر الإحصاءات التى أُجريت داخل المستشفيات الخاضعة للحصر أن نسبة الولادات القيصرية كانت 28% فى عام 2008، ثم ارتفعت إلى 52% فى عام 2014، لتبلغ ذروتها فى عام 2021 بنسبة وصلت إلى 72%، هذه النسبة تعادل نحو 3 أضعاف المعدل العالمي، الذى يبلغ فى المتوسط 21%، فى حين لا تتجاوز 16% فى دول أوروبا، وبهذه الأرقام أصبحت مصر تتصدر قائمة الدول الأعلى فى معدلات الولادة القيصرية، تليها البرازيل وتركيا، بينما تتراوح النسب فى دول الخليج بين 30 و40%. وأشار عنان إلى وجود تجارب ناجحة فى بعض الدول مثل التى قدمت الولادة الطبيعية بشكل مجاني، مما شجع النساء على الإقبال عليها، وأوضح أن الاتجاه إلى دعم الولادة الطبيعية فى مصر يتطلب العمل على عدة محاور أساسية، أولها يخص الأمهات، إذ يجب أن تزداد قناعتهن بأهمية الولادة الطبيعية لصحة الأم والطفل، وهو ما تسعى إلى تحقيقه «مبادرة الألف يوم الذهبية»، أما المحور الثاني، فيرتبط بالأطباء، حيث يجب أن تتوافر لديهم حوافز تجعل الولادة الطبيعية مجدية ماديًا، بحيث لا يكون هناك فارق كبير فى هامش الربح بينها وبين الولادة القيصرية. وتابع د. عنان موضحًا أن تكلفة الولادة القيصرية فى المستشفيات الحكومية تتراوح بين 3000 و30.000 جنيه، فى حال وجود مضاعفات معقدة، بينما تتراوح تكلفة الولادة الطبيعية بين 1000 و2000 جنيه فقط، هذا الفارق الكبير يؤكد أن تقليل معدل الولادات القيصرية من شأنه أن يسهم فى تعزيز النمو الاقتصادى على مستوى الأسرة والدولة. وبيّن أن الولادات القيصرية تعد من بين أعلى الخدمات الصحية تكلفة على الحكومة، فالإنفاق الصحى فى مصر يُمول بنسبة 60% من جيب المواطن، بينما تتحمل الحكومة نحو 40% من هذا الإنفاق، ومع بلوغ عدد الولادات فى العام الحالى نحو مليون و300 ألف مولود، فإن تقليل عدد الولادات القيصرية قد يخفف العبء المالى بشكل كبير عن موازنة الدولة. وأضاف أن للولادة القيصرية مخاطر صحية أكبر من الولادة الطبيعية، حيث تزداد احتمالات إصابة الأم بعدوى خلال فترة النفاس، كما أن الأطفال المولودين بهذه الطريقة يكونون أكثر عرضة لدخول الحضانات بنسبة تزيد بنحو 25% عن نظرائهم المولودين ولادة طبيعية. ويؤكد أن تقليل نسبة الولادات القيصرية سيسهم فى خفض الإنفاق الصحى الحكومي، كما سيخفف العبء المادى عن المواطن، وتعمل مبادرة الألف يوم الذهبية على التوعية بأهمية الولادة الطبيعية والرضاعة الطبيعية، مشيرًا إلى أن الاستثمار فى صحة الطفل منذ الولادة يمكن أن يوفر للدولة نحو 18 جنيهًا لكل طفل، وهو رقم مرتفع عند تطبيقه على مستوى السكان. وشدد على أهمية الرقابة على المستشفيات، مؤكدًا ضرورة وجود تصنيفات واضحة وتوثيق طبى دقيق للحالات التى تستدعى الولادة القيصرية، على أن تتم هذه العمليات تحت مسئولية المستشفى والطبيب المعالج، وليس بناءً على رغبة الأم فقط، وذلك لضمان تقديم الرعاية الصحية المثلى والحد من اللجوء غير المبرر للجراحة القيصرية. الدولا تدعم النساء وفى هذا الصدد، تقول الدكتورة هند عبد السلام، استشارى رضاعة طبيعية ومدربة الدولا ومؤسس نظم ولادة طبيعية غريزية، أن من الأمور المهمة التى تساعد الأم على التعريف بأهمية الولادة الطبيعية هى الدولا، التى تقدم دعمًا نفسيًّا وجسديًّا أثناء الولادة، وذلك للتوعية بأن الولادة الطبيعية هى دور الأم الذى يجب أن تقوم به دون خوف أو قلق، حتى تتجنب اللجوء إلى الولادة القيصرية دون مبرر طبي. وتوضح أن هناك ثلاث فئات من الدولا، هن دولا الحمل، ودولا الولادة، ودولا ما بعد الولادة، حيث تساعد دولا الحمل الأم على فهم جميع التغيرات التى تطرأ على جسدها، وتشرح لها ما تمر به خلال مراحل الحمل المختلفة، بينما تعمل دولا الولادة على تعليم الأم مفهوم الولادة، ووقت بدايتها ونهايتها، وما ستشعر به خلالها، وفكرة الطلق، وكيفية تقليل الإحساس بالألم بشكل طبيعي، وتجنب السلوكيات التى تزيد الألم، وتشرح ذلك بمثال أن الطلق يشبه الموج؛ يأخذ الأم ليصل بها إلى بر الأمان هى وطفلها، فإذا تعاملت معه بهدوء واسترخاء ستصل بأمان، أما إذا شعرت بالخوف والقلق، فستشعر بعكس ذلك، بسبب التوتر والضغط النفسي. وتتابع أن هذا يتم من خلال توعية الأم وفهمها لطبيعة الولادة، ومساعدتها على المرور بها بسلام، ومنحها الفرصة الكاملة لخوض تجربة الولادة الطبيعية من خلال ممارسة بعض التمارين، والتأهيل العضلي، وتعلّم الأوضاع الصحيحة أثناء الولادة، ومعرفة التوقيت السليم للتدخلات الطبية. أما الدولا أثناء الولادة، فلها دور كبير فى تقليل نسب الولادة القيصرية فى مصر بنسبة كبيرة، حيث إنها تقف بجانب الأم، وتفهم احتياجاتها، وتعلمها الأوضاع المريحة، وتقوم بعمل جلسات مساج، وتوفر أجواء مريحة أثناء الولادة، بعيدًا عن الضغط العصبى الذى يعطل سير عملية الولادة، وبعد الولادة، تساعد الدولا الأم فى الرضاعة الطبيعية، وتوفر لها الدعم المطلوب فى هذه المرحلة الحساسة. منهج علمى معتمد وتؤكد د. هند أن الدولا تعمل وفقًا لمنهج علمى معتمد من منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة البريطانية، وهذا البروتوكول موجود بالفعل ضمن أدلة وزارة الصحة المصرية، ولكن المشكلة تكمن فى أن بعض المستشفيات الخاصة لا تطبق هذا النظام، مشيرة إلى أن الدولا هى تخصص قائم على دراسات أجنبية، وعددهن فى مصر قليل جدًا، لذا يتم حاليًا إعداد دورات تدريبية معتمدة لهذا المنهج، سواء للممرضات أو لمقدمى المشورة من السيدات المؤهلات، اللاتى يمتلكن الأساسيات اللازمة لمساعدة الأم فى مراحل الحمل والولادة وما بعد الولادة. ويتم تقديم هذا الدعم من خلال صفحات مخصصة على مواقع التواصل الاجتماعي، لتوفير المعلومات مجانًا للجميع، أو من خلال عيادات النساء ومراكز دعم الأمهات، فى محاولة لتوسيع نطاق الوعى والاستفادة من هذا الدور الهام فى تحسين تجربة الولادة الطبيعية وتقليل الحاجة غير المبررة للقيصرية. فوائد وأضرار وفى السياق، يوضح الدكتور محمود حسام الدين زعتر، أستاذ مساعد أمراض النساء والتوليد والعقم بالمركز القومى للبحوث، أن الولادة الطبيعية تحمل فوائد كبيرة للأم، فهى لا تتطلب إجراء جراحيا فى البطن، مما يعنى عدم وجود جروح، كما أن احتمالية حدوث نزيف تكون أقل بكثير من الولادة القيصرية، أما عن ألم الطلق، فهو ببساطة نتيجة لانقباضات متتابعة فى عضلات الرحم تساعد فى دفع الجنين نحو الحوض، لكن تطور الطب أتاح وسائل فعالة للتعامل مع هذا الألم، مثل التخدير النصفى أو استخدام الحقنة الخاصة بالولادة بدون ألم، مما يخفف الشعور بالوجع بشكل كبير، مع ضرورة المتابعة الدقيقة للانقباضات من قبل الفريق الطبي. وعلى الرغم من ذلك فلا ينصح بها فى بعض الحالات النادرة التى تشكل خطورة على الجنين، مثل حالات الأطفال المبتسرين «غير مكتملى النمو» حيث لا تُكمل الأم شهرها التاسع، وكذلك فى حالة الأمهات اللاتى يعانين من مرض السكري، ويكون حجم الجنين كبيرًا، أى يتجاوز 3.800 أو 4 كيلوجرامات، مما قد يؤدى إلى حدوث مضاعفات أثناء الولادة.. ويشير د. محمود إلى أن الولادة القيصرية أيضًا حل آمن فى كثير من الأحيان، ولكن فقط عندما يكون هناك مبرر طبى واضح، إذ إن اللجوء إليها دون ضرورة يحمل مخاطر على الأم، أهمها فترة الاستشفاء الأطول، بالإضافة إلى احتمالية حدوث التصاقات داخلية، وهى من المضاعفات المزعجة، خاصة فى حالات تكرار القيصرية، كما أن نسبة استخدام البنج النصفى فى القيصرية تكون أعلى مقارنة بالولادة الطبيعية، ما يزيد من الأعباء الصحية المحتملة. ويؤكد أن قرار إجراء القيصرية يجب ألا يتخذ بشكل عشوائي، بل بناءً على عوامل يمكن التعرف عليها منذ بداية الحمل، مثل الشكل التشريحى لعظام الحوض الذى قد يمنع نزول الجنين بشكل آمن، أو وضعية الجنين إذا لم يكن رأسه متجهًا إلى أسفل، إضافة إلى المشكلات الطارئة مثل تسمم الحمل، أو الإصابة بسكرى الحمل الذى يؤدى إلى كِبر حجم الجنين، وكذلك فى حالة انفجار كيس الماء وجفاف السائل المحيط بالجنين، وهو ما لا يسمح بالانتظار طويلًا لإجراء ولادة طبيعية، وتشمل الأسباب الأخرى وجود أمراض مزمنة لدى الأم، مشكلات فى العمود الفقري، أو إصابة الأم بشلل الأطفال. ويُبين أنه فى حال سبق للأم أن خضعت لولادة قيصرية واحدة، فمن الممكن أن تخضع لولادة طبيعية لاحقة، لكن الأمر يتطلب متابعة دقيقة واحتياطات خاصة، خاصة لأن الرحم يحتوى على جرح سابق، أو فى حال عدم كفاءة الطلق الطبيعي.. وفيما يخص التوعية بأهمية الولادة الطبيعية، يؤكد د. محمود أنها تبدأ من شقين أساسيين: الأول يسبق الزواج، من خلال الحفاظ على اللياقة البدنية والصحة العامة، بما فى ذلك تقوية العضلات، ما يُسهم فى تسهيل الولادة الطبيعية بعد الزواج، أما الشق الثانى فيبدأ من بداية الحمل، عبر المتابعة الطبية المنتظمة والحصول على الفيتامينات اللازمة، لتجهيز الجسم لعملية الولادة بأفضل شكل ممكن.