حسام بركات حث الإسلام على استثمار الوقت باعتباره نعمة عظيمة، وفرصة للتقرب إلى الله وفعل الخيرات، كما أن المسلم مسئول عن وقته، ومطالب باستغلاله فى الطاعات والعبادات والعمل الصالح. يُؤكِّد د. عبد الفتاح خضر، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر، أن للوقت فى الإسلام مكانة عظيمة، واستثماره يجب أن يكون من أهم أولويات المسلم فى حياته اليومية، فلا يضيّعه فى أمور لا فائدة منها فى الدنيا أو الآخرة، ولا يكرّس وقته فيما يُلهيه عن ذكر الله تعالى والعبادات والطاعات.. ويستدل بقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ»، حيث يُبيِّن الله تعالى فى هذه الآية عاقبة الخسران لمن يغفل عن ذكره، والانشغال بملذّات الدنيا، وتوجيه المؤمنين لاستثمار ما يملكونه من وقت وموارد للاستعداد للآخرة. ويُضيف أن سورة العصر قدَّمت منهجًا متكاملًا للمسلم، يقول الله تعالى: «وَالْعَصْرِ. إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِى خُسْرٍ. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ»، وفيها استثناء لطائفة من الناس أقاموا حياتهم على الإيمان، والعمل الصالح، والتواصى بالحق، والصبر على ذلك، وهى دعوة للمسلم لاستثمار وقته طلبًا لرحمة الله تعالى وتوفيقه. اقرأ أيضًا | تكريم حفظة القرآن الكريم بسوهاج ويُوضح أن التوجيهات الربانية لاستغلال الوقت جاءت فى القرآن الكريم والسنة النبوية، وظهرت جليًّا فى سيرة السلف الصالح رضى الله عنهم أجمعين. ويقول د. شريف أبو حطب، مدير عام وعظ القاهرة، إن الفراغ الزائد لدى الأبناء قد يؤدى إلى عدة مخاطر، منها:ضعف الانتماء الدينى والانحراف الأخلاقي، نتيجة غياب التوجيه، واستغلال الوقت فى سلوكيات خاطئة، وكذا الانحراف السلوكي، نتيجة تقليد السلوكيات السلبية أو مصاحبة رفقاء السوء، إلى جانب الوقوع فى الإدمان الرقمي، بسبب كثرة استخدام الهواتف والألعاب الإلكترونية بشكل مفرط، فضلا عن الاكتئاب أو القلق، إذ يؤدى الفراغ إلى شعور بعدم القيمة والملل، والفراغ النفسى قد يؤدى إلى اضطرابات نفسية.. ويُشير إلى أن العلاج يكمن فى شغل أوقات الفراغ بحفظ القرآن الكريم، والمشاركة فى الأنشطة المفيدة، وتعلُّم الهوايات والمهارات المختلفة، والاهتمام بالرياضة بأنواعها، والمشاركة المجتمعية، بما ينفع الأبناء ويُهذّب سلوكهم. تُشير د. سارة منصور، أستاذ الطفولة بجامعة حلوان، إلى أن الإجازة الصيفية من الفترات المهمة فى حياة الأبناء، إذ لا تقتصر على الراحة، بل تُعد فرصة لاكتشاف الذات، وتطوير المهارات، وتعزيز القيم.. وتُضيف أن هذا الوقت، إذا تُرك دون تنظيم أو توجيه، قد يتحوَّل إلى فراغ سلبى يؤثر على سلوك الأبناء وعاداتهم اليومية، ولأنهم فى مراحل عمرية حساسة، فإن الطريقة التى يُقضى بها وقت الإجازة تُسهم فى بناء شخصياتهم، وتنمية مهاراتهم، واكتشاف قدراتهم. وتقترح عدّة وسائل لاستثمار الإجازة الصيفية بشكل فعّال، منها: وضع خطة مرنة يُشارك فيها الأبناء، وتضمّ أوقاتًا للتعلُّم، والهوايات، والراحة، والتواصل الاجتماعي، والقراءة اليومية: وهى من أهم الأنشطة التى تُنمى الخيال، وتُغذّى الفكر، وتُثرى اللغة، واكتساب المهارات: مثل تعلم لغات جديدة، أو البرمجة، أو الفنون، أو المهارات اليدوية، ويمكن الاستفادة من الدورات التدريبية المجانية على الإنترنت، والنشاط البدنى والترفيه الصحي: من خلال ممارسة الرياضة أو التمارين المنزلية، لتعزيز الصحة الجسدية والذهنية،إلى جانب أهمية تقنين استخدام الشاشات: فالاستعمال المفرط للأجهزة الإلكترونية يؤثر على التركيز والصحة النفسية، لذا من المهم تحديد وقت مُعيَّن للاستخدام، وتوفير بدائل تفاعلية مفيدة. وتختم حديثها بأن استثمار الإجازة لا يعنى حرمان الأبناء من اللعب، بل تحقيق التوازن بين المتعة والفائدة، فالعقل ينمو بالتجربة والملاحظة والتفاعل، لا بالكتب وحدها.