يحرص الرئيس فى كل خطاب أو مناسبة على توجيه رسائل مباشرة ومطمئنة للمصريين لطالما كان وعى المصريين حجر الزاوية فى استراتيجية الرئيس عبد الفتاح السيسى للحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية، وتحصين الدولة ضد المخاطر والتحديات المتزايدة، يدرك الرئيس أن قوة أى أمة تكمن فى وحدتها وتلاحم أبنائها، ودائمًا ما يراهن على وعى الشعب المصرى وتماسكه كخط الدفاع الأساسى فى مواجهة تحديات الأمن القومى. تتجلى أهمية هذا الرهان فى تحصين الشعور العام ضد محاولات إثارة الفتنة وزعزعة الاستقرار، ومن الأمثلة البارزة على ذلك، الأكذوبة التى روجتها القوى المعادية بخصوص حصار مصر لغزة، لقد كانت هذه الرواية المضللة تهدف بوضوح إلى تفتيت عضد التماسك الداخلى المصري، وإحداث شرخ بين الشعب وقيادته، خاصة فى ظل الأوضاع الإقليمية المعقدة. فالاتهامات التى تواجهها مصر وتحميلها مسؤولية حصار قطاع غزة أمر غريب حقًّا، وقد وصل الأمر لحد تنظيم مظاهرات أمام السفارات والقنصليات المصرية فى عدة دول للمطالبة بفتح معبر رفح وإدخال المساعدات، وكأن مصر هى من تقصف غزة أو تتسبب فى تجويع أهلها، هذا الأمر يعرف فى تخصص الإعلام بالتأطير وكأن قوى الصهيونية تحاول حذف صورة إسرائيل من المشهد ووضع صورة مصر بدلاً عنها. ورغم توالى هذه الضغوط والاتهامات، تلتزم مصر خطابًا رسميًا متزنًا، وترفض بشكل قاطع التورط فى أية سياسات تهدف لتصفية القضية الفلسطينية أو تهجير أهل القطاع، وتؤكد أن أبوابها الإنسانية مفتوحة دائماً، وأن ما يعرقل وصول المساعدات هو الاحتلال، لا السلطات المصرية. يدرك الرئيس السيسى صعوبة المهمة فى حشد وعى الشعب حول قضايا أمنية قد يصعب كشف تفاصيلها للعلن، نظراً للطبيعة السرية لبعض الإجراءات والمداولات التى قد تضر بالأمن القومى للبلاد إذا أفصح عنها، ومع ذلك، يحرص فى كل خطاب أو مناسبة على توجيه رسائل مباشرة ومطمئنة للمصريين، تبث الثقة وتشرح الخطوط العامة من غير الخوض فى التفاصيل الدقيقة، لتفادى إعطاء خصوم الدولة فرصة استغلال تلك المعلومات أو تحويلها إلى مادة للهجوم الإعلامى أو النفسي. لقد ظل الرئيس السيسى ولا يزال يراهن على وعى المصريين العميق وإدراكهم لما يحاك للدولة المصرية من مؤامرات تستهدف أمنها القومي، ففى كل مناسبة، لا يفوت الرئيس الفرصة للتأكيد على أهمية هذا الوعي، مشدداً على أن فهم الشعب لتلك المخططات هو خط الدفاع الأول ضدها، هذا النهج ليس مجرد خطاب سياسي، بل هو استراتيجية محكمة تعتمد على إيمان راسخ بقدرة المصريين على التمييز بين الحق والباطل، وبين ما يخدم مصلحة الوطن وما يهدده، ومن أقوى الرسائل التى يوجهها الرئيس للمصريين: ■ المساس بأمن مصر القومى خط أحمر لا يمكن اجتيازه. ■ الدولة تراهن على وعيكم وحرصكم على الوطن. ■ تحذير من الشائعات والمخططات التى تستهدف كسر تماسك المصريين، والتأكيد أن قوة مصر فى وحدة شعبها، وليس الجيش والشرطة فقط. ■ لدينا خيارات متعددة للحفاظ على أمن مصر القومى ولن نُسقط حقنا فى الدفاع وقت الحاجة. هذه الإدارة الذكية للأزمات تتطلب من القيادة موازنة دقيقة بين مكاشفة الشعب وإشراكه فى الهم القومي، وبين التحفظ، حماية للمصالح العليا، ولذلك يحرص بشكل دائم على توجيه تلك الرسائل، مؤكداً على أهمية تفهم المصريين للموقف الدقيق الذى تمر به البلاد، دون الحاجة للكشف عن تفاصيل قد تضر بالأمن القومي، إنها معادلة صعبة بلا شك: كيف يمكنك إقناع شعب بأكمله بقضية مصيرية، وتحفيزه على الصمود، دون الغوص فى تفاصيل قد تكون حساسة أو سرية؟ هذا هو الرهان الذى يضعه الرئيس السيسى على وعى المصريين. والمصريون، بوعيهم الفطرى وإدراكهم العميق لتاريخهم ومصيرهم، أثبتوا مراراً وتكراراً أنهم على قدر هذا الرهان. أستاذ الإعلام بجامعة المنوفية