«موزاييك» أو «الفيسفساء» من الفنون العريقة التى وُجدت منذ القدم، وتقوم على آلية زخرفية تتجاور فيها قطع صغيرة جدًا من خامات وأشكال مختلفة لتصنع لوحة متناسقة، تنطق بالجمال. لوحات الفسيفساء هى فى الأغلب قطع عشوائية لا تشكل أيا منها قيمة فى حد ذاتها، لكنها عندما تتشكل مجتمعة مع غيرها من القطع المختارة بعين فنان، وحس شاعر فإنها تصنع عملًا فنيًا مبهرًا، عرف فن الفسيفساء فى الشرق والغرب، الفن المعمارى العربى الأندلسى، به الكثير من الجداريات والنوافير واللوحات التى استخدمت هذا الفن الراقى، ذا المعنى العميق، المفعم بالإنسانية. استلهاما من هذا المعنى الجميل للكلمة «موزاييك» اختار «والى دولاتى» اسم الصالون الثقافى الذى قرر إقامته فى إحدى كمبوندات التجمع الخامس. بصراحة، فاجأتنى الفكرة، وأسعدتنى، فأنا أعتبر أى ملتقى للثقافة يقام فى أى مكان على أرض مصر، هو شعاع أمل حقيقى يؤكد أننا دولة تتنفس الفن، معجونة بتراث غنى متنوع، عمره آلاف السنين. دولة سلاحها الحقيقى هو الثقافة، ومصدرعظمتها هو قوتها الناعمة. لذلك لم أتردد لحظة عندما طلب منى «والى دولاتى» رئيس مجلس إدارة الكمبوند المشاركة معه فى تأسيس هذا الصالون بالتعاون مع الكاتب الكبير الأستاذ ماجد منير رئيس تحرير جريدة الأهرام. احتشدنا جميعا للفكرة بحماس وشغف حقيقى. ورغم مشاغل ثلاثتنا اجتمعنا فى عدة جلسات للتحضير لهذا الحدث الثقافى المهم، الذى يحمل فى طياته دلالات ومعانى كثيرة. وكان فريق العمل من الشباب المليء بالمهارات العالية، الحماس، وحب الفكرة هو الدينامو الرائع المحرك لتحويلها إلى حقيقة مبهجة، مشعة بالأمل والحياة، ليس لسكان الكمبوند فحسب، بل لمصرنا الحبيبة. أضاء صالون «موزاييك» فى حفل تدشينه الأول قامة رفيعة من قامات مصر الثقافية هو الأستاذ محمد سلماوى، وهو شخصية تتلامس مسيرته المشرفة، وإنجازاته الكبيرة مع اسم الصالون «موزاييك». فقد حفر بصمات عميقة ومؤثرة فى الصحافة التى بدأ فيها محررا وتدرج إلى أن تولى رئاسة تحرير الأهرام إبدو لسنوات طويلة. وفى الأدب أبدع العديد من الروايات والمسرحيات والمجموعات القصصية وكتابيه عن سيرته الذاتية. وفى العمل النقابى الصحفى والإبداعى تولى مواقع الصدارة كعضو مجلس نقابة الصحفيين لدورات عديدة، ورئيس اتحاد الكتاب المصريين، ورئيس اتحاد الكتاب العرب. ووكيل أول وزارة الثقافة للعلاقات الخارجية. كذلك حصد العديد من الجوائز المصرية والدولية. أما الحوار الذى دار على مدى ثلاث ساعات متواصلة معه فى تلك الليلة، والذى لم يكن أحد من الحضور يريده أن ينتهى فسوف أحكى عنه فى المقال القادم بإذن الله.