التحرك الذكى لقوات الأمن بوزارة الداخلية للتصدى لمحاولة إعادة إحياء خلية (حسم) الإرهابية يعكس وعياً عميقاً بحجم المعركة، فالمعركة ليست فقط ضد من يحمل السلاح، بل ضد من يزرع الفكرة، ويمولها ويغلفها بالشعارات. الأجهزة الأمنية أكدت أنها يقظة، تتابع وتسبق الحدث بخطوة، وأن الثقة المتبادلة بين الشعب ومؤسساته الأمنية ضرورة لحماية الحاضر وصون المستقبل، فالأمن إحساس مجتمعى بأن هناك من يحرص أحلامنا ويصونها.. خاصة فى ظل وجود من لا يعرف سوى لغة الخراب، من يحاول جاهداً أن يعيد فكرة الهدم. على أية حال إن ما حدث ليس محاولة إرهابية تم إحباطها، بل هى فصل جديد فى كتاب مفتوح من المواجهات بين الدولة المصرية ومشاريع الفوضي، تلك المشاريع التى لا تزال تتغذى على ما تبقى من أوهام إقليمية وتنظيمية، تظن أن بأمكانها اختراق جدار الزمن والواقع. دعونا نعد إلى الوراء قليلاً، وتحديداً إلى ما بعد 2013 سنجد أن مصر قررت أن تضع الحد الفاصل بين الدولة وجماعة الإخوان، بين النظام والإرهاب، بين السلطة والمغامرة.. وهذا القرار لم يكن أمنياً فحسب، بل كان سياسياً وتاريخياً، يراد به أن تنقذ الدولة نفسها من عبث لا يعرف إلا طريقاً واحداً، هو طريق الهدم. الذين فكروا فى إحياء الخلية الإرهابية كانوا يراهنون على الزمن، ويظنون أن ذاكرة الدولة ضعيفة، وأن المؤسسات شاخت، وأن الشعب أنهكته الأزمات.. لكنهم أخطأوا التقدير لأن ما لم يدركوه أن مصر تعلمت وأن فى كل مؤسسة أمنية هناك درساً مستخلصاً من كل موجة عنف سابقة. الدولة الآن لا تتحرك برد الفعل، بل تملك القدرة على الاستباق، وتلك ميزة تحسب ليس فقط للأمن، بل للقرار السياسى الذى قرأ الخريطة بدقة وقرر أن الأمن لا يعنى فقط الحماية، بل يعنى المعرفة، والقدرة على تفكيك المشروع الإرهابى قبل أن يكتمل، المعركة لم تنته لكنها تدار الآن من مواقع أكثر وعياً.. وهذه هى قوة الدولة حين تتعلم من التاريخ ولا تكرر الأخطاء.. والرسالة كانت واضحة لمن يظن أن الوطن قد ينسى أو أن ذاكرته تضعف بأن هذه أرض لا تخدع، وشعب لا ينكسر، وأمن لا يخترق.