في الوقت الذي تتسابق فيه المدن حول العالم لإعادة تعريف مستقبلها فى مواجهة تحديات المناخ والتحضر المتسارع، كانت المدن المصرية تواجه سؤالًا ملحًا عن كيفية بناء مدن أكثر استدامة وعدالة ومرونة في ظل فجوات عمرانية ومجتمعية متراكمة؟ وجاء «أطلس المدن المصرية المستدامة» كأول محاولة علمية متكاملة لرسم خريطة رقمية دقيقة لحالة التنمية فى 249 مدينة مصرية، اعتمادًا على 100 مؤشر موزعة على 6 محاور رئيسية، تشمل جودة الحياة، والحوكمة، والتنافسية، والاستدامة البيئية، والعدالة الاجتماعية، والمرونة الحضرية. يمثل الأطلس، الذى تم إطلاق مرحلته الأولى خلال حفل رسمي بالقاهرة، ثمرة تعاون فنى ومؤسسى واسع النطاق، ويُعد نقلة نوعية فى أدوات التخطيط الحضرى فى مصر، وقد سبق أن جرى الإعلان عن المشروع من قلب المنتدى الحضرى العالمي بالقاهرة في نوفمبر الماضي، لكنه عاد إلى صدارة الاهتمام بعد الإطلاق الرسمى للمرحلة الأولى منه، وبدء استخدامه كأداة تخطيط فعلية من قبل المحافظات وأجهزة الإدارة المحلية. الأطلس لا يقتصر على تجميع البيانات، بل يعكس تحولًا فى فلسفة التخطيط من نموذج مركزى قائم على المبادرات العامة إلى نموذج تشاركى يعتمد على التحليل المكانى الدقيق واتخاذ القرار من أسفل إلى أعلى، وهو ما أكدت عليه وزيرة التنمية المحلية، د. منال عوض. ◄ اقرأ أيضًا | وزيرة التنمية المحلية تبحث مع مؤسس شركة «إزري» العالمية مجالات التعاون وقالت عوض، إن الوزارة تولى أهمية كبرى لتوظيف نظم المعلومات الجغرافية فى دعم خطط الدولة التنموية، موضحة أن المدن أصبحت المحرك الرئيسى للتنمية المستدامة، وأن الإدارة المحلية المستندة إلى بيانات دقيقة تمثل حجر الزاوية لتحقيق العدالة المكانية وتحسين جودة الحياة فى المحافظات. وأوضحت، أن مشروع «أطلس المدن المصرية»، يُعد أول أطلس رقمى شامل يغطى المحافظات والمراكز والمدن والقرى باستخدام أحدث تقنيات نظم المعلومات الجغرافية، ويمثل نقلة نوعية فى أدوات التخطيط الذكى على مستوى الدولة. وأشارت إلى أن الوزارة تعمل حاليًا على تحويل الأطلس إلى منصة رقمية تفاعلية، تتيح للوزارات والجهات الحكومية إدخال وتحديث بياناتها، ومشاركة المتغيرات المكانية والقطاعية، بما يعزز التنسيق بين مستويات التخطيط المختلفة. وأضافت: «نهدف إلى بناء خريطة معرفية ديناميكية تشمل الأبعاد المكانية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية، لتكون أداة استباقية فى اتخاذ القرار، وداعمة للتخطيط الشامل والتكامل الإقليمي». وأكدت وزيرة التنمية المحلية أن نظم المعلومات الجغرافية أصبحت من الركائز الأساسية فى إعداد ومتابعة الخطط المحلية والإقليمية، وسيتم استخدامها فى التخطيط المكاني، وتنسيق المشروعات القومية، وضمان توافقها مع أولويات التنمية الفعلية.