تشهد إيران موجة حرّ قاسية وغير مسبوقة، تزامنت مع أزمة مياه متفاقمة دفعت السلطات إلى إعلان تدابير عاجلة، وسط تحذيرات من دخول البلاد في مرحلة حرجة يصعب السيطرة عليها. وبحسب تقارير الأرصاد الجوية الإيرانية، تجاوزت درجات الحرارة هذا الأسبوع حاجز ال50 درجة مئوية في عدد من المناطق، ما أجبر الحكومة على إعلان عطلات طارئة وتعليق الدوام الرسمي في محافظات عدة، أبرزها العاصمة طهران، في محاولة للحد من استهلاك الكهرباء والمياه. في مدينة شابانكاره جنوب غربي البلاد، سجلت أجهزة الرصد 52.8 درجة مئوية، وهي من أعلى الدرجات المسجلة عالميًا هذا العام، بينما شهدت مدن أخرى كعبادان والأحواز درجات حرارة فاقت 50 مئوية، أما في طهران، فقد بلغت الحرارة 41 درجة، لكن سكان المدينة يؤكدون أن الإحساس الفعلي بالحرارة يتجاوز ذلك بكثير. وقال أحد المواطنين من العاصمة في حديث لوسائل إعلام محلية: "الشمس حارقة وكأنها تلسع الجلد، لا يمكن الخروج دون تظليل. نسمع عن انقطاعات طويلة في المياه داخل أحياء قريبة، ما يثير القلق". وأضاف أن سد كرج، المصدر الرئيس لمياه العاصمة، وصل إلى مستويات غير مسبوقة من الانخفاض. تعاني إيران منذ سنوات من انخفاض في معدلات الأمطار، حيث دخلت عامها الخامس على التوالي من الجفاف، ما فاقم أزمة المياه ورفع من حدة التوترات الداخلية وحتى الخارجية. وأعلن وزير الطاقة الإيراني أن طهران بدأت محادثات مع دول مجاورة كتركمانستان وأفغانستان لاستيراد المياه، في خطوة نادرة تُظهر حجم التحدي الذي تواجهه البلاد. وفي مدينة مشهد، شمال شرق البلاد، يواجه السكان انقطاعات يومية للكهرباء قد تصل إلى تسع ساعات، وسط مخاوف متزايدة من نفاد مياه الخزانات والسدود القريبة، كما عبّر أحد سكان المدينة عن استيائه قائلًا: "العطش أكبر من الحر، نحن نخشى أن نستيقظ يومًا ولا نجد قطرة ماء". الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، حذّر خلال اجتماع لمجلس الوزراء من أن الوضع قد يتدهور أكثر، إذا لم يتم التحرك العاجل، وقال: "أزمة المياه ليست ملفًا عابرًا، بل تهديد استراتيجي. إذا استمرت هذه السلوكيات في الاستهلاك، سنصل إلى نقطة اللاعودة". ويأتي هذا كله في ظل أزمات بيئية وهيكلية مستمرة تعاني منها إيران منذ سنوات، مما يجعل مواجهة موجة الحرّ الحالية تحديًا يتجاوز فصل الصيف ليهدد البنية التحتية والاقتصاد وحتى الاستقرار الاجتماعي في البلاد.