لم نكد نلتقط أنفاسنا من صدمة حتى أطلّ علينا رئيس وزراء إسرائيل بوجهه المتغطرس، يزعم فى تصريح فجّ: «بعد إيران، سنتفرغ لباكستان، فلا ينبغى لأى دولة إسلامية أن تمتلك سلاحًا نوويًا».».. هكذا، ببجاحة المستعمر، يتحدث من يعيش على فلسفة الإبادة، ويملك أكثر من 80 رأسًا نوويًا، من يدفن الأبرياء تحت ركام صواريخه كلّ صباح، ومن قامت دولته على أنقاض القرى المسلوبة والجماجم المحترقة. والأدهى أن رؤوس الغرب الكبرى يشاركونه رقصة النفاق، وكأنهم لم يصنعوا بأيديهم الجحيم الأرضي، ولم يُلقوا القنابل النووية على المدن باسم «الردع»، ولم يبيدوا الملايين باسم «الديمقراطية». أليس من اخترع المسدس هو الأمريكى صمويل كوليت؟ ومن اخترع الديناميت السويدى نوبل؟ ومن أسّس ثقافة القصف الجوى إيطالي؟ ومن قاد مشروع القنبلة الذرية أوبنهايمر؟ ألم يسجل التاريخ أن أمريكا هى من ألقت القنبلة على هيروشيما وناجازاكي، لتحرق مدينة وتحوّل الإنسان إلى رماد، دون أن يرف لهم جفن؟ إن قائمة القتلة تطول، وجميعهم يحملون أسماء أوروبية وأمريكية، لا عربية ولا إسلامية. لقد أنشأوا حضارة البارود، وأسطورة الرعب النووى والنابالم. أما نحن، أبناء حضارة كُتب لها أن تبنى لا أن تهدم، أن تنير العقول لا أن تُطفئ الأرواح. لم يعرف تراثنا فكرة محو مدينة عن بكرة أبيها، ولا تحويل الأجنة فى الأرحام إلى شظايا. أمريكا وحدها قصفت أكثر من 20 دولة منذ الحرب العالمية الثانية. أحرقت الأرض، وأزهقت الأرواح، وأطاحت بأنظمة، وشردت شعوبًا. فهل فُرضت عليها عقوبات؟ هل وصفهم الغرب بالإرهاب؟ من الذى ينبغى له أن يخجل من تاريخه؟ من الذى يجب أن يُحرم من امتلاك السلاح؟ من الذى صنع الموت ووضعه فى قنينة وأطلق عليه اسم «السلام»؟ نحن؟ أم أنتم؟ وما يزيد الطين بلة، تصريح نتنياهو بأن ترامب -راعى صفقة القرن، ومفجّر الأزمات، ومن أشعل النيران فى القدس، ونقل سفارته فوق جرح العرب، وأطلق يد الاحتلال فى الدم- يستحق «جائزة نوبل للسلام»! أى سلامٍ هذا الذى يُمنح فيه القاتل جائزة، وتُكافأ فيه الوحشية بقلادة ذهبية؟! إنه عالم يوزّع الجوائز كما يوزّع الأكاذيب والدمار. لقد حان الوقت لنعيد كتابة الرواية بأقلامنا، ونفضح كل كاذب يتحدث عن السلام، وهو يخبئ فى قلبه قنبلة، وفى عقله حلم إبادة جديد.. أنتم الخطر الحقيقي.. وأنتم من يجب تجريده من سلاحه، لا نحن.