استيقظوا ليجدوا أنفسهم مشاركين فى لعبة مميتة داخل مكان غامض مليء بألعاب الطفولة، وأصبح عليهم الصراع من أجل حياتهم. «العالم الآن أسوء مما كان عليه عندما صنعت الموسم الأول. تفاقم التفاوت الاقتصادي، وانتشرت الحروب وأزمات المناخ، ويشعر الناس بالعجز. لذا قمت بتغيير النهاية السعيدة فى الجزء الأخير بأخرى صادمة لعلها توقظ ضمير هذا العالم». هكذا تحدث هوانج دونج هيوك، المؤلف والمخرج الكورى الشهير صانع مسلسل «لعبة الحبار» والذى حقق نجاحًا عالميًا، وأثار نقاشًا واسعًا حول قضايا الفقر والعدالة الاجتماعية، وتحول إلى ظاهرة فنية. المسلسل يدور حول مجموعة من الأشخاص يستيقظون ليجدوا أنفسهم مشاركين فى لعبة مميتة داخل مكان غامض مليء بألعاب الطفولة، وأصبح عليهم الصراع من أجل حياتهم والفوز بمبالغ مالية مغرية إن كتب لهم النجاة. المخرج قدم مجموعة من المشاهد الدرامية الكاشفة مع إسقاطات على الأوضاع السياسية فى العالم، فى أحد المشاهد يقوم اللاعبون بالاتفاق على التصويت الديموقراطى للتخلص من طفلة رضيعة ساقها القدر أن تولد بينهم وتصبح جزءًا من اللعبة!!. منتهى القسوة عندما يتخلى الإنسان عن إنسانيته حتى بعد أن تعرض هو نفسه للظلم والاستغلال والقهر. حراس اللعبة يحاصرون اللاعبين من كل اتجاه، ومع كل مرحلة يقتل الحراس عددًا كبيرًا منهم حتى تحول اللاعبون أنفسهم إلى قتلة يقتلون بعضهم البعض بعد أن تملكهم الطمع والجشع ودب بينهم الخلاف. بطل المسلسل حاول تدمير اللعبة لكنه كان محاطًا بالخونة من كل اتجاه وفشل فى تحقيق مراده. أما فى غزة فهناك لعبة حبار فلسطينية تدار أمام أنظار العالم فى مسلسل درامى مستمر منذ أكثر من 630 حلقة. الفلسطينيون استيقظوا فجأة على حرب إبادة وجنود يلهون ويتلذذون بقتلهم واصطيادهم خلال رحلة بحثهم البائسة عن الطعام، كل ذلك لأنهم حاولوا يومًا التخلص من حراس لعبة الاحتلال. فى الأفق بدت بوادر هدنة مؤقتة لمدة 60 يومًا فى قطاع غزة، تشمل تبادل الأسرى، وفتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية. أخشى ما أخشاه أن الإسرائيليين يجهزون لإشعال حرب أهلية بين الغزاويين خلال تلك الهدنة. منذ أيام أعلنت حماس أنها أمهلت ياسر أبو شباب زعيم مجموعة مسلحة فى قطاع غزة عشرة أيام لتسليم نفسه لاتهامه بالخيانة والعصيان وتشكيل عصابة مسلحة والتعامل مع إسرائيل. وتوعدت حماس بملاحقته مع جماعته. واعترف رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو الشهر الماضى بدعم إسرائيل جماعة مسلحة فى غزة تعارض حماس، دون أن يسميها. لكن وسائل الإعلام الإسرائيلية قالت إنها مجموعة أبو شباب. ما يجب الحذر منه هو الوقوع فى فخ اللعبة الإسرائيلية، فيتحول الطرفان الغارقان فى مستنقع الاحتلال إلى أعداء يقتلون بعضهم البعض. عندما ينشغل الفلسطينيون بصراعات داخلية، يصبحون أسهل تدميرا. وهناك أيضًا لعبة أخرى تطبخ على نار هادئة، حيث خرجت أصوات عربية تطالب بضرورة استيعاب إسرائيل داخل الإقليم، وباعتبار أصولها العبرانية واليهودية مستمدة من تاريخ المنطقة!!. اتفاق إبراهيمى يلزم الجميع بالمشاركة والتأييد والتطبيع، أما الترويج فتقوم به ماكينة إعلام جبارة تثير الجدل حتى تفرض الأمر الواقع. إلى متى سيظل العالم يشاهد هذه المأساة وكأنها مجرد حلقة من مسلسل مثير؟ أم أن الضمير العالمى يحتاج إلى نهاية أكثر صدمة من تلك التى قدمها المخرج الكورى ليستيقظ من سباته؟ الحقيقة المرة هى أننا جميعًا مشاركون فى هذه اللعبة، إما بالصمت أو بالمشاهدة أو بالتواطؤ، والثمن يدفعه أبرياء لا حول لهم ولا قوة. الخديعة الكبرى تكمن فى تلك الأصوات العربية التى تسوق ل»شرعنة» إسرائيل تحت ذرائع تاريخية زائفة، بينما تُفرض سياسة التطبيع والتهجير بالترغيب تارة، وبالترهيب تارة أخرى.. جماعة «حسم» الإرهابية، الذراع العسكرية لجماعة الإخوان المسلمين التى كانت قد اختفت لسنوات بعد توجيه ضربات أمنية كاسحة لها داخل مصر، ظهرت مؤخرًا فى فيديو دعائى مسلح يبدو أن تصويره تم من سوريا أو ليبيا وتتوعد فيه الدولة المصرية بعمليات إرهابية وإثارة الفوضى.. فلماذا الآن؟! هى لعبة حبار حقيقية، لكن بجوائز مزيفة: فبدلا من المال، يفرض على العرب سلام مؤقت وشرق أوسط بخرائط جديدة مقابل التخلى عن حقوقهم المشروعة.