يمكن اعتبار مسلسل «فات الميعاد» الذى يُجرى عرضه حاليًا على قناة DMC ومنصة «واتش إت»، من أفضل الأعمال الدرامية المصرية خلال النصف الأول من 2025، بعد أن نجح فى جذب الجمهور وحقق نِسب مشاهدات عالية، محافظًا على توهجه وبريقه منذ بداية الحلقات وحتى منتصفها، بفضل موضوعه الجذاب والأداء المتقن لأبطاله، والسيناريو البارع الذى تم كتابته بحرفية «محمد فريد وناصر عبدالحميد وعاطف ناشد وإسلام أدهم» وبجُرأة شديدة لقضية العنف النفسى والجسدى ضد المرأة. تدور الأحداث حول بسمة - أسماء أبو اليزيد- الزوجة التى تحلم بالخروج من بيت العائلة وأن يكون لها مسكن خاص بعيدًا عن والدة زوجها، والزوج مسعد- أحمد مجدى- أمين المخازن سريع الغضب وقليل الثقة بالنفس، الأمر الذى يجعله يُعنِّف زوجته بالضرب والإهانة كلما فقد أعصابه على أتفه الأسباب، مما يُعقِّد علاقتهما الزوجية ويصل بهما الأمر إلى طريق مسدود وتطلب الزوجة على إثره الطلاق. طلب الطلاق كان يمكن أن يكون «طلب عادى»، ولكنه يتحوَّل إلى «كرة ثلج» تُعبِّرعن الأزمات العائلية والاجتماعية الناتجة عن العنف الأسرى، وتحديات العلاقة الزوجية. لا يقتصر العمل على قصة «بسمة ومسعد» فقط، فهناك أيضًا نماذج زوجية أخرى مثل شقيق بسمة وزوجته، وأشقاء مسعد وأزواجهم، بالإضافة إلى منتصر- أحمد صفوت- وسارة - ولاء الشريف- اللذين يواجهان معاناة مختلفة تتمثل فى عدم القدرة على الإنجاب، فيقرران التبني، لكن حياتهما لا تسير كما كانا يأملان. المسلسل يقدم تفكيكًا واقعيًا للنموذج الذكورى المهيمن فى العلاقات الزوجية، من خلال شخصية «مسعد»، ويعرض العمل حالات من العنف ضد المرأة سواء حسية بالضرب، أو قانونية كإنذار الطاعة، ومشاهد الكذب والتدليس وشهادة الزور أمام المحكمة والغش عند استرجاع «عفش الزوجية» بطريقة ملتوية. نجح المخرج سعد هنداوى فى تقديم معالجة إخراجية متوازنة بين الرمزية والواقعية، خاصة فى المشاهد التى دارت فى أروقة المحاكم والبيت، واستخدم الكاميرا لتكثيف الشعور بالحصار والاختناق، لقطات من زوايا مُغلقة، ضوء خافت بمنزل الزوجية، ولعب بالاضاءة لتوصيل رؤيته بين مشاهد الهدوء «طبيعية فى بيت والد بسمة ومشاهد التوتر صفراء داكنة فى بيت الزوج» واستخدم الألوان لخدمة الحالة النفسية؛ حيث رأينا ملابس بسمة تتحول تدريجيًا من الألوان المحايدة إلى الألوان الصريحة فى مراحل المقاومة. أسماء ابو اليزيد قدمت أحلى أدوارها من خلال شخصية مركبة بصدق وعمق، ونجحت فى التحوّل من امرأة خائفة إلى شخصية مُدافعة عن نفسها بكل الوسائل، مع أداء جسدى وانفعالى عالٍ. وقدم أحمد مجدى دورًا صعبًا لا يسمح بالتعاطف معه، من خلال شخصية مركبة بين الرقة الظاهرة والقسوة الداخلية، ليُسجِّل أفضل أدواره الفنية مُمسكًا بتفاصيل الشخصية فى كافة مراحلها وتحولاتها.