تزداد الشكوك يوماً بعد يوم حول الدور الذى تلعبه «منظمة غزة الإنسانية» الأمريكية فى غزة، بعدما تسببت تلك المنظمة التى تأسست لتوزيع المساعدات فى القطاع كبديل عن مؤسسات الأممالمتحدة، فى استشهاد وإصابة حوالى 5 آلاف فلسطينى ما دعا أكثر من 170 منظمة إنسانية للمطالبة بوقف نشاطها والعودة لمؤسسات الأممالمتحدة. وقد أثارت المنظمة، التى تمولها أمريكا ب 30 مليون دولار، الجدل من أول يوم عمل لها فى 27 مايو، حين أدى سوء التنظيم، واستخدام الذخيرة الحية من عناصر الأمن وقوات الاحتلال لاستشهاد 112 فلسطينيًا وإصابة أكثر من 760 نتيجة لتدافعهم للحصول على الغذاء بعد شهور من الحصار والتجويع. ومن حينها لم يتوقف نزيف الدم لطالبى المساعدات، حيث وصل عدد الضحايا لأكثر من 600 شهيد و4200 مصاب و39 مفقودًا، ما دفع الأممالمتحدة لوصف المنظمة ب«فخ الموت» المصمم لقتل وتهجير سكان غزة. اقرأ أيضًا | الأممالمتحدة: القانون الدولي والميثاق يتعرضان للانتهاك في الحرب الإسرائيلية على غزة والحقيقة أن ملابسات إنشاء هذا الكيان تؤكد واقعية اتهامات الأممالمتحدة فالمنظمة التى تأسست على وقع خطة إسرائيلية - أمريكية لتهجير سكان قطاع غزة، تدير 3 مراكز لتوزيع الغذاء فى رفح جنوب القطاع، وموقع رابع قرب ممر نتساريم مخصص لخدمة سكان مناطق وسط القطاع كالنصيرات ودير البلح، وجنوب مدينة غزة ولا يمتد نشاطها لمناطق شمال القطاع، ما يؤكد أن هذه المنظمة اللا إنسانية إحدى أدوات الاحتلال الإسرائيلى لتغيير الواقع الديمغرافى للقطاع، حيث تهدف من وراء إقامة منافذها جنوب القطاع لدفع سكان الشمال للنزوح جنوباً إذا ما أرادوا الحصول على الغذاء، وذلك فى إطار خطتها لتفريغ الشمال وحشر الفلسطينيين فى مناطق محدودة فى الجنوب لمفاقمة أزمتهم الإنسانية ودفعهم للهجرة الطوعية. كذلك فإن وضع منافذهم فى المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلى، يُجبر سكان القطاع على المرور عبر مناطق عسكرية تجعلهم أهدافًا سهلة لنيران قناصة ومسيرات ودبابات الاحتلال ما يرفع حصيلة الشهداء والمصابين كل يوم. وقد نقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أوائل يونيو عدة روايات لشهود عيان عن تعرض مدنيين للاستهداف أثناء سعيهم للحصول على الطعام من مواقع التوزيع. يضاف لذلك اتهامات حماس باستخدام المنطمة نقاط المساعدات لتجنيد متخابرين والالتقاء بهم. كاشفة عن احباط محاولات لضباط مخابرات ضمن طاقم المساعدات لتهريب أدوات تجسس وهواتف حديثة لمتخابرين وكميات مخدرات كبيرة تستخدم لتوريط الشباب لتسهيل تجنيدهم وتكليفهم بمهام تجسسية. وقد كشفت وكالة «أسوشيتد برس» استخدام المنظمة لأنظمة مراقبة مزودة بتكنولوجيا التعرف على الوجوه، يتم استخدامها لتحديد عناصر المقاومة وتمرير المعلومات للجيش الإسرائيلى. وكشفت بعض المصادر داخل المنظمة للوكالة أن محللين أمريكيين وجنودًا إسرائيليين يجلسون معاً فى غرفة تحكم، ويحللون نتائج برنامج التعرف على الوجوه، الذى يعمل على أساس تسجيلات آنية لمواقع التوزيع. والمتتبع للقيادة التنفيذية للمنظمة سيكتشف شبكة معقدة من المحاربين القدامى ومسئولى المخابرات السابقين والمسيحيين الإنجيليين. حيث يترأسها جون أكرى، المسئول السابق فى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وجونى مور، مستشار ترامب السابق والذى شارك فى حملة مسيحية إنجيلية لإقناع الرئيس بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها. كما يتولى فرانسيس رايلى «الرئيس السابق لوحدة العمليات السرية للسى اى ايه» إدارة الأمن والمراقبة التقنية فى مراكز توزيع المنظمة. ويعمل من خلال شركته «سيف ريتش» وبالتعاون مع شركة أخرى تدعى «يو جى سوليوشنز» على تجنيد ضباط مخابرات سابقين ومحاربين قدامى فى القوات الخاصة لإدارة العمليات فى غزة. ووفقاً لإعلان وظيفة نشرته «يو جى سوليوشنز» كان هناك طلب لأعضاء سابقين فى القوات الخاصة وقوات دلتا التابعة للجيش الأمريكى، ممن يتمتعون «بمهارة فى تكتيكات الحرب غير التقليدية»، ويمكنهم الانتشار فى موقع خارجى. كما استفسر الإعلان عن الكفاءة فى استخدام «المدافع الرشاشة ذات الحزام»، ما يثير التساؤل حول اهداف المنظمة، خاصة وأنها ليست مؤسسة الإغاثة الوحيدة التى حاول مسئولون سابقون فى الجيش والاستخبارات الأمريكية تأسيسها فى غزة، حيث سبق وخططت شركة فوجبو، وهى فرع من شركة «فيراسيتى وورلد وايد» الأمريكية للاستخبارات إيصال المساعدات لغزة عبر رصيف عائم لكن لم ينجح الأمر.