للحروب كُلف باهظة، لا تقتصر على أطرافها المباشرين فحسب، بل تمتد آثارها إلى أطراف إقليمية ودولية عديدة، فتطالها تداعيات جسيمة قد تكون مدمرة. ولا تقتصر هذه الخسائر على الجوانب المادية والمالية رغم كونها الأبرز والأكثر وضوحًا بل تشمل أيضًا أبعادًا اجتماعية، ونفسية، وإنسانية، يصعب حصرها أو قياس مآلاتها بدقة.. ويأتى هذا الحديث فى سياق الحرب التى اندلعت مؤخرًا بين إيران وإسرائيل، بعد أن شنّت الأخيرة هجومًا عسكريًا واسع النطاق استهدف منشآت ومرافق حيوية داخل الأراضى الإيرانية، بمشاركة مباشرة من الولاياتالمتحدةالأمريكية، تجلّت بقيام قاذفات الشبح «B-2» بشن ضربات مركزة على المنشآت النووية الإيرانية. لست هنا بصدد استعراض تفاصيل المواقف أو السيناريوهات السياسية، إنما الغاية تسليط الضوء على كلفة الحرب الباهظة ونتائجها الكارثية، ليس فقط على طرفى النزاع، بل على المنطقة والعالم بأسره. فإن إسرائيل كانت الخاسر الأكبر، فقد واجهت صدمة أمنية وعسكرية غير مسبوقة، تمثلت فى حجم الدمار الكبير الذى لحق بالبنى التحتية فى تل أبيب ومناطق أخرى، وتعطل المرافق الحيوية مثل ميناء حيفا، وتوقف حركة الملاحة الجوية، فضلًا عن مشاهد الهجرة الجماعية، وفشل أنظمة الدفاع الجوى فى اعتراض أعداد كبيرة من الصواريخ والطائرات المُسيّرة، التى أرهقت السماء الإسرائيلية ليلاً ونهارًا. وفى المقابل، دفعت إيران كلفة باهظة أيضًا، فقد خسرت عددًا من منشآتها النووية، وفقدت كوكبة من قياداتها، وتعرضت بنيتها التحتية لأضرار بالغة، ناهيك عن الخسائر الاقتصادية الكبيرة التى لحقت باقتصادها الوطنى.. كل ذلك يُظهر أن الحروب، حتى وإن انحصرت جغرافيًا، لا تلبث أن تتحول إلى أزمات دولية شاملة. وما دامت أدوات الحرب بيد قادة متشددين مثل نتنياهو، فإن العالم يظل مهددًا بأن يُدفع نحو المجهول، وسط غياب صوت العقل والمنطق، فى زمن يُهيمن فيه «سماسرة الحروب» على مراكز القرار.