إيمان النحاس تُعد اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA) أحد أكبر المشاريع الاقتصادية فى القارة السمراء منذ تأسيس الاتحاد الإفريقي، ويمثل تفعيلها الكامل تحوّلًا استراتيجيًا عميق الأثر فى بنية العلاقات التجارية والاستثمارية بين الدول الإفريقية. وفى هذا السياق، تبرز جمهورية مصر العربية كفاعل محورى يسعى إلى تعظيم الفوائد الاقتصادية، وتعزيز موقعه التنافسى إقليميًا ودوليًا، من خلال التوظيف الأمثل للاتفاقية. تأتى هذه الاتفاقية كخطوة استراتيجية لتعزيز التجارة البينية بين الدول الإفريقية وتحقيق تنمية مستدامة قائمة على التعاون والتكامل، وتعد جمهورية مصر العربية أحد أبرز الداعمين والمستفيدين المحتملين من تفعيل هذه الاتفاقية، نظرًا لموقعها الجغرافى المتميز، وقوتها الاقتصادية، ودورها المحورى فى القارة الإفريقية. كما تمثل هذه الاتفاقية فرصة تاريخية لمصر لتعزيز مكانتها كقوة اقتصادية إقليمية ودولية، وكمركز لوجستى وتصديرى فى قلب إفريقيا ، وقد كانت مصر من أوائل الدول التى وقّعت وصدّقت على اتفاقية التجارة الحرة القارية، بل واستضافت بعض مراحل التفاوض المتعلقة بها، ويؤكد هذا الالتزام السياسى والاقتصادى حرص الدولة المصرية على الانخراط الفعّال فى منظومة التجارة الإفريقية الجديدة، التى من شأنها أن تخلق أكبر منطقة تجارة حرة فى العالم من حيث عدد الدول المشاركة،تتيح الاتفاقية لمصر الوصول الحر إلى أسواق تضم أكثر من 1.4 مليار نسمة، ما يعزز من فرص التصدير للسلع والخدمات المصرية ويقلل من الاعتماد على الأسواق التقليدية. كما أنها ستجعل مصر نقطة انطلاق إلى السوق الإفريقية بأكملها مما يعمل على تشجيع المستثمرين إقامة مشروعاتهم على أرض مصر، والعمل على تحفيز الصناعات الوطنية: من خلال إزالة الحواجز الجمركية وغير الجمركية، تصبح المنتجات المصرية أكثر قدرة على المنافسة، مما يدفع نحو تطوير الصناعة وزيادة الإنتاج ، حيث تتبنى رؤية اقتصادية طموحة تعتمد على التوسع فى التصدير، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتعزيز التصنيع المحلى الموجه للتصدير. يعد تولى مصر رئاسة مجلس وزراء اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية فى شهر ابريل من هذا العام خطوة بالغة الأهمية على المستويين السياسى والاقتصادى، وتترتب عليها مكاسب استراتيجية مباشرة وغير مباشرة لمصر منهاتعزيز الدور القيادى لمصر داخل الاتحاد الإفريقى حيث سيمنح هذا المنصب لمصر منصة سياسية قوية للتأثير فى رسم السياسات التجارية الإفريقية، بما يضمن توافق التوجهات القارية مع أولوياتها الاقتصادية ، فرصة لتسريع إزالة الحواجز غير الجمركية: من خلال قيادة المفاوضات الفنية بين الدول الأعضاء، يمكن لمصر الدفع نحو تفعيل آليات تسوية النزاعات التجارية وتبنى معايير موحدة للمنتجات والخدمات، وهو ما يسهل نفاذ السلع المصرية للأسواق الإفريقية ، وابراز مصر كمركز إقليمى للوجستيات والصناعة ، ودفع التعاون فى البنية التحتية العابرة للحدود: ، والذى يتيح لمصر لعب دور تنسيقى فى تسريع تنفيذ مشروعات الربط القارى، بما فيها ممرات النقل والطاقة، التى تُعد ضرورية لتفعيل الاتفاقية على أرض الواقع ، وتعزيز الحضور المصرى فى سلاسل القيمة الإفريقية، لا سيما فى قطاعات مثل الزراعة، التصنيع الغذائى، والصناعات الهندسية. إن تفعيل هذه الاتفاقية ليس مجرد إجراء اقتصادى، بل هو خيار استراتيجى لبناء مستقبل مشترك ومزدهر للقارة الإفريقية، تكون مصر فى طليعة من يسهم فى صناعته.