في الوقت الذي انشغلت فيه إسرائيل بمواجهة التهديد الإيراني وتداعيات الحرب الأخيرة، كانت خان يونس جنوب قطاع غزة، تعيد قوات الاحتلال الإسرائيلي ترتيب أوراق حرب الإبادة الدائرة في القطاع المحاصر لتؤسس جبهة جديدة بين الأحياء المدمرة، فلم تنته حرب إسرائيل في غزة بل دخلت فصلا جديدا من الدمار. خان يونس تشتعل بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار مع إيران، عادت غزة إلى واجهة الأحداث، وبالتحديد منطقة خان يونس، التي تحولت مجددا إلى مركز لاشتباكات ضارية، ووفقًا لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإنه مع انسحاب بعض وحدات قوات الاحتلال خلال الأسبوعين الماضيين، خاصة بعد تصعيد الجبهات في الضفة الغربية والحدود الشمالية، اتسعت مساحة الاشتبكات المسلحة في رفح الفلسطينية وخان يونس. وتتركز الاشتباكات حاليًا في شرق خان يونس، وتحديدا في حي العباسين، حيث استأنفت المقاومة نشاطها العسكري رغم تمشيط قوات الاحتلال المستمر منذ 7 أكتوبر. وحسب الصحيفة العبرية التي نقلت عن مصادر إسرائيلية، فإن حركة حماس في شرق خان يونس تعد من الأقوى، وتحتفظ ببنية قيادة فعالة، إلى جانب شبكات أنفاق لم تُكتشف بعد، مما يُعقّد عمليات التمشيط ويُزيد من الخسائر في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي. أحد العوامل التي في تصعيد الأوضاع، بحسب مسؤولين عسكريين إسرائيليين هو انخفاض نشاط طائرات سلاح الجو المسيّرة بسبب التركيز على إيران، ما سمح لعناصر حماس ب"التنفس" والتحرك بحرية نسبية، وفي المقابل، عزز جيش الاحتلال الإسرائيلي وجود طائرات هجومية مسيّرة ومدفعية ميدانية، في حين تصاعدت عمليات القنص وزرع العبوات الناسفة. أزمة إنسانية محتدمة وتواجه منطقة خان يونس تحديًا إنسانيًا معقدًا يتمثل في احتكاك عشرات الآلاف من سكان القطاع الذين يسعون للحصول على المساعدات مع قوات الاحتلال، فعند معبر موراج الذي أقامته قوات الاحتلال لفصل مدينة رفح الفلسطينية عن باقي قطاع غزة، تتجمع جماهير تتجاوز 50-60 ألف فلسطيني يوميًا قبل ساعات العمل، في محاولة للدخول إلى أربعة مراكز توزيع غذائي أقامتها إسرائيل عبر مقاول أميركي. ويوميا يطلق جنود الاحتلال طلقات نارية تؤدي في كثير من الأحيان إلى سقوط عشرات الشهداء والإصابات موثقة بالفيديو، مما يهدد بإعادة إشعال الحملات الدولية ضد إسرائيل في الإعلام العالمي. مساعدات مشبوهة وزعمت "يديعوت أحرونوت" أن إسرائيل تقدم مساعدات طعام لنحو مليون فلسطيني في غزة يوميًا، مشيرة إلى أنه رغم الزيادة اللافتة في تدفق المساعدات، تظل الجهة الممولة لهذا المشروع الغامض غير معلنة. وعاد أكثر من 800 ألف فلسطيني إلى شمال غزة خلال الأشهر الأربعة الماضية، وهو ثلاثة أضعاف عددهم في بداية العام، ويتمركزون الآن في أحياء الصبرة، الخطاطي، والشيخ عجلين، وهو خلق واقعا جديدا سيُشكل كارثة إنسانية مستمرة في هذه المناطق، إذ إن التجمع السكاني الكثيف يقع فريسة لهجمات جوية أو ميدانية تنتج تكاليف إنسانية باهظة.