في مثل هذا اليوم، 23 يونيو عام 1995، رحل عن عالمنا المخرج الكبير عاطف الطيب، أحد أبرز رموز الواقعية في تاريخ السينما المصرية، بعد مسيرة فنية قصيرة نسبيًا امتدت ل14 عامًا، لكنه خلالها أبدع 21 فيلمًا لا تزال محفورة في ذاكرة الجمهور، وتعبّر بصدق عن هموم الإنسان المصري. عاطف الطيب لم يكن مجرد مخرج، بل صوتًا صادقًا نقل نبض الشارع، وآمن بالبسطاء وهمومهم، رافضًا تزييف الواقع أو الالتفاف عليه، جعل من المواطن العادي بطلاً لأعماله، ومن الشارع المصري ديكورًا دائمًا لأفلامه، فاستحق لقب «مخرج الواقعية» عن جدارة. نشأة وبدايات مهنية وُلد عاطف الطيب في 26 ديسمبر 1947 في حي بولاق الدكرور، لأصول صعيدية، تخرج في المعهد العالي للسينما، وبدأ مشواره الفني كمساعد مخرج في عدد من الأفلام التسجيلية مثل: المتهم، جريدة الصباح، المقايضة، ومن قلبي. كما شارك كمساعد مخرج في فيلم جيوش الشمس عام 1974، وساعد المخرج الكبير يوسف شاهين في إسكندرية ليه؟ عام 1979. أخرج أول أفلامه الروائية الطويلة الغيرة القاتلة عام 1982، بطولة نور الشريف ونورا، لكن انطلاقته الحقيقية جاءت مع فيلم سواق الأتوبيس عام 1983، الذي نال استحسانًا نقديًا وجماهيريًا كبيرًا. أفلامه وبصمته السينمائية قدم عاطف الطيب مجموعة من أبرز أفلام السينما المصرية، منها: الحب فوق هضبة الهرم (1985) البرئ الدنيا على جناح يمامة التخشيبة كتيبة الإعدام قلب الليل ناجي العلي إنذار بالطاعة كشف المستور ضد الحكومة ليلة ساخنة (1994) جبر الخواطر (آخر أفلامه) وقد عُرف الطيب بمشاركته في كتابة السيناريو، ليس بدافع السيطرة، بل لإيمانه بأن دور المخرج يبدأ من أول سطر في النص، وليس من لحظة التصوير. شهادات الكبار عنه صلاح أبو سيف قال: "عاطف الطيب هو الأقرب إلى مشاعري، وأحيانًا أشعر أنني أنا من أخرجت بعض مشاهده". أشرف فهمي: "استطاع بفيلم سواق الأتوبيس أن يتحول من مخرج موهوب إلى مخرج شباك". توفيق صالح: "كان مخرجًا حرفيًا، ومع الوقت أصبح فريدًا في أسلوبه". جوائز وتكريمات سواق الأتوبيس نال جائزة العمل الأول بمهرجان قرطاج (1983)، وجائزة السيف الذهبي بمهرجان دمشق. البرئ حاز الجائزة الفضية بمهرجان يونج يانج بكوريا الشمالية. الهروب عُرض في ثلاث مهرجانات دولية، وفاز بالجائزة البرونزية بمهرجان فالنسيا في إسبانيا (1991). ليلة ساخنة حصد جائزة الهرم الفضي وجائزة لجنة التحكيم الخاصة بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي. مخرج الكليبات أيضًا أخرج الطيب أيضًا كليبين: "كتبتلك" للفنانة لطيفة "لسه ناوي على الرحيل" للفنانة أنغام، واستغرق تصويره 10 أيام بسبب اهتمامه البالغ بالصورة والتفاصيل. عناده ورفضه للعلاج على نفقة الدولة عانى عاطف الطيب من حمى روماتيزمية منذ الصغر أثّرت على قلبه، رفض العلاج بالخارج أو على نفقة الدولة، مفضلًا أن تُخصص تلك الموارد لمن هم أكثر احتياجًا، وأصرّ أن تُجرى له الجراحة داخل مصر وعلى يد أطباء مصريين. الرحيل المفاجئ رحل عاطف الطيب في 23 يونيو 1995 عن عمر 47 عامًا، عقب عملية قلب دقيقة، تاركًا وراءه إرثًا سينمائيًا مهمًا، وأفلامًا لا تزال مرآة صادقة للمجتمع المصري، وآماله، وأوجاعه. المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم