فاصل جديد من العنف والفوضى التي تشهدها الولاياتالمتحدة في السنوات الأخيرة، ولكن تلك المرة تصل الفوضى إلى أعلى مستوياتها، لتتحول إلى سلسلة من الاغتيالات ذات الدوافع السياسية كما وصفها المسئولون والإعلام الأمريكي بعد إعلان حادثى اغتيال استهدفا نوابا من الحزب الديمقراطي أحدهما انتهى بمقتل نائبة وسياسية ديمقراطية بارزة وزوجها، والحادث الآخر أسفر عن إصابة سيناتور ديمقراطي وزوجته بجروح خطيرة. حادثان وراءهما جاني واحد، ودافع واحد، هو استهداف أبرز السياسيين الديمقراطيين المعارضين لسياسات الرئيس الأمريكي ترامب، وهو ما أعلن عنه حاكم ولاية مينيسوتا «تيم والز» ليؤكد مقتل النائبة ميليسا هورتمان، 55 عامًا، وزوجها مارك،57 عاما، في منزلهما في بروكلين بارك، تُعرف النائبة هورتمان، على نطاق واسع بخبرتها السياسية ودعواتها وحروبها المستمرة كواحدة من أقوى المشرعين الديمقراطيين وأكثرهم نفوذا في المشهد السياسي بولاية مينيسوتا وخاصة فيما يتعلق بقضايا الديمقراطية والانسانية. تنكيس الإعلام تشير الصحف الأمريكية إلى مكانة هورتمان التي ترأست مجلس النواب في السابق، وقادت حملات انتهت بانتصارات تشريعية كبرى بشأن حقوق الإنجاب، وحماية التصويت، وإجازة الأسرة مدفوعة الأجر، والتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، وبعد انتخابات عام 2024 انقسم الديمقراطيون والجمهوريون في المجلس،تم تعيين هورتمان رئيسًا فخريًا وزعيمًا للحزب كجزء من اتفاقية نادرة لتقاسم السلطة بين الحزبين، وقالت هورتمان في ختام دورة عام 2024: «إن التشريع الأكثر مكافأة بالنسبة لي، هو الإجازة العائلية والطبية مدفوعة الأجر»، وقبل أن تبدأ هورتمان مسيرتها المهنية تدربت مع نائب الرئيس السابق آل جور وعملت مع السيناتور جون كيري. وصف حاكم الولاية وفاة هورتمان وزوجها بأنها عملية «اغتيال سياسي» خطيرة، وأمر بتنكيس الأعلام تكريمًا لهما، وأشار إلى دورها البارز مؤخرًا لحماية العملية الانتخابية ومطالبتها بحماية الناخبين، وفرض عقوبات أكثر صرامة على التدخل في الانتخابات، واشتهر زوجها مارك بدعم المسيرة السياسية التي استمرت لعقود من الزمن لزوجته كما ظل نشطًا في مجتمع بروكلين بارك ولديهما ابنان. اغتيالات عائلية لم يكن اغتيال هورتمان وزوجها هو الصدمة الوحيدة في ليلة السبت الماضي، ولكن بفارق 90 دقيقة فقد نجح نفس الجاني في إطلاق النار على السيناتور الديمقراطي جون هوفمان، 60 عاما، وزوجته إيفيت، بالقرب من منزلهما في شامبلين إلا انهما اُصيبا بجروح خطيرة لم تؤد إلى مقتلهما، حاولت الزوجة إيفيت حماية ابنتهما الوحيدة هوب لحمايتها من طلقات الرصاص بينما استمر الجاني في مطاردتهما وإطلاق عدة طلقات عليهما داخل منزلهما، وكاد المسلح أن يصوب سلاحه نحو الأعضاء الحيوية لهوفمان ليقتله في الحال وزوجته إلا انهما نقلا على وجه السرعة إلى المستشفى مصابين بجروح خطيرة. الجدول الزمني كشف «درو إيفانز» رئيس مكتب التحقيقات في ولاية مينيسوتا في بيان رسمي المزيد من التفاصيل مؤكدًا إن شرطة تشامبلن استجابت لبلاغ طارئ من منزل هوفمان حوالي الساعة الثانية صباحا، بالتعاون مع شرطة بروكلين بارك، وبمجرد وصولهم، وجدوا هوفمان وزوجته مصابين بطلقات نارية متعددة، وبعد وقوع الحادث اقترح رقيب الشرطة التحقق من أحوال نواب الكونجرس بشكل استباقي في كافة انحاء المدينة، وعندما وصلت دورية الضباط إلى منزل عائلة السيناتور هورتمان بعد حوالي ساعة ونصف، اكتشفوا إصابتها الخطيرة وزوجها. شاهد رجال الشرطة سيارة رياضية تشبه سيارات الشرطة مزودة بأضواء طوارئ استخدمها مرتكب الحادث الذي ارتدى ملابس اشبه بالملابس العسكرية، وحاول الخروج من منزل هورتمان وتبادل إطلاق النار مع الضباط قبل أن يهرب من الباب الخلفي سيرًا على الأقدام تاركا سيارته، اعلن مكتب الطب الشرعي مقتل النائبة هورتمان التي توفيت على الفور في موقع الحادث متأثرة بإصابات متعددة بطلقات نارية، بينما توفي زوجها في مستشفى نورث ميموريال الصحي، وخرج السيناتور هوفمان من العملية الجراحية وحالته مستقرة، لكنه وصف إصاباته بالخطيرة للغاية، ولا تزال حالة زوجته غير مستقرة. هروب الجانى يقول المحققون إن الجاني كان يرتدي ملابس تبدو كملابس رجال الشرطة، واخفى معالم وجهه مرتديًا قناعًا مخيفًا من اقنعة الهالوين أثناء ارتكابه جرائمه، وحدد درو إيفانز للاعلام هوية الجاني مؤكدًا انه «مسلح وخطير» ويدعى فانس بولتر، 57 عاما هو المشتبه به الرئيسي بمقتل النائبة ميليسا هورتمان وزوجها، وشوهد في فيديو مراقبة التقطته إحدى الشركات في مينيابوليس، وهو يرتدي قبعة رعاة البقر، واعترفت السلطات في ولاية مينيسوتا الأمريكية بهرب الجاني المسلح على الرغم من اشتباكها معه في تبادل لإطلاق النار مباشرة بعد وقوع جرائم القتل في حوالي الساعة الرابعة صباحا يوم السبت، وتعتقد السلطات أن المتهم غير ملابسه بعد إطلاق النار وبعد ارتكاب الحادثين حاول الخروج من المنطقة، وأخطرت إدارة أمن النقل بمراقبة الطرق وتحركات المتهم الذي ظل هاربا يومين كاملين. قائمة الأهداف عرض مكتب التحقيقات الفيدرالي مكافأة تصل إلى 50 ألف دولار أمريكي لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى توقيف المشتبه به وتوجيه الاتهام إليه، استمرت المطاردة عبر نشر مئات من عناصر الأمن في شمال مدينة مينيابوليس، وذكرت وكالة الامن والحراسة التي تتولى تأمين خدمات أمنية للمنازل على موقعها الإلكتروني، أن الجاني هو المسئول عن الدوريات الأمنية لديها، كما اكد زميله في السكن ديفيد كارلسون أنه تلقى رسالة نصية غامضة من المشتبه به يبلغه فيها أنه سيتغيب وأنه قريبا لن يكون على قيد الحياة. أشارت السلطات إلى جانب خطير للغاية وهو قائمة الأهداف المحتملة للجاني وكانت واسعة النطاق، وهو ما تأكد للمحققين بعد تفتيش سيارة المتهم من الداخل حيث عثرت الشرطة على ثلاث بنادق هجومية وأوراق عديدة داخل السيارة تضمنت احداها قائمة بها أكثر من 70 شخصًا، من بينهم مسئولين من خارج ولاية مينيسوتا، ومن بينهم مناصرين لحقوق الإجهاض، وقال أحد المسئولين في ولاية مينيسوتا إن القائمة ضمت أشخاصًا بارزين، بما في ذلك العديد من المشرعين الديمقراطيين ممن يتخذون مواقف سياسية معارضة للجمهوريين حول قضية حق الاختيار في الاجهاض، وكشفت صحيفة نيويورك تايمز في وقت لاحق أن القائمة المثيرة للقلق تضمنت أطباء ومراكز رعاية صحية ومنظمات تنظيم الأسرة، وأدرج المتهم أسماء عدد من السياسيين السابقين والحاليين، بالإضافة إلى قادة مجتمع ورجال أعمال في داخل الولاية وخارجها. بيانات إدانة أصدر العديد من قادة الولايات والسياسيين بيانات عقبت حادثى إطلاق النار، وعلى رأسهم الرئيس ترامب قائلا: «لقد اطلعت على حادث إطلاق النار المروعة التي وقعت في مينيسوتا، والتي يبدو أنها هجوم مستهدف لنواب ومشرعي الولاية، تجري المدعية العامة، بام بوندي، ومكتب التحقيقات الفيدرالي، تحقيقاتهم في الحادث، وسيلاحقا أي شخص متورط فيها قضائيًا بأقصى ما يسمح به القانون، لن نتسامح مع هذا العنف المروع في الولاياتالمتحدةالأمريكية»، وأنهى كلماته قائلا: «بارك الله في شعب مينيسوتا العظيم، إنه مكان رائع». استعاد الاعلام الأمريكي الوقائع السابقة المشابهة للحادثين ومنها واقعة الاعتداء على النائبة السابقة جابي جيفوردز من ولاية أريزونا، وهى زوجة السيناتور مارك كيلي التي نجت من محاولة اغتيال باصابة برصاصة في الرأس عام 2011 نفذها مسلح قتل ستة أشخاص وأصاب 12 آخرين، وأطلقت جابي بيان لها قائلة: «أنا وعائلتي نعرف جيدا هول إطلاق النار المستهدف، إن الهجوم على المشرعين هو هجوم على الديمقراطية الأمريكية نفسها، يجب على القادة أن يعبروا عن آرائهم ويدينون التطرف العنيف المؤجج الذي يهدد كل ما تمثله هذه البلاد». رسالة الجاني تناول الاإلام تفاصيل شهادة صديق المتهم بولتر وزميله في السكن، ويدعى ديفيد كارلسون ليؤكد أن بولتر من المؤيدين المتحمسين لدونالد ترامب وقام بالتصويت لصالح المرشح عن الحزب الجمهوري المعارض للحزب الديمقراطي، ووصفه بشخص محافظ يعارض قوانين وأفكار الحزب الديمقراطي وخاصة قوانين الإجهاض، واكد أن بولتر كان لديه الكثير من الأصدقاء، وتمنى لو كان موجودًا لإيقافه». كشفت واشنطن بوست المزيد من التفاصيل حول الليلة التي سبقت إطلاق الرصاص الصادم، أرسل بولتر رسالة نصية إلى زميليه في السكن قام ديفيد بقراءتها امام كاميرات القنوات التليفزيونية مفادها انه «سيغيب لفترة من الوقت»، وقال في نص رسالته: « ديفيد ورون، أحبكما، لقد اتخذت بعض القرارات، وأنتما لا تعلمان شيئا عن هذا، سأغيب لفترة، ربما سأموت قريبا»، واشار مكتب التحقيقات الفيدرالي أن بولتر كان يخطط للهرب من مدينتى مينيابوليس وسانت بول. السيرة الذاتية يواجه المتهم بولتر اتهامات على مستوى الولاية والمستوى الفيدرالي، حيث أعلنت السلطات أن هناك مذكرة وطنية لاعتقاله بتهمة ارتكاب جرائم قتل ومحاولة قتل اخرى على مستوى الولاية، بالإضافة إلى مذكرة فيدرالية بتهمة الهروب غير القانوني لتجنب الملاحقة القضائية. قبل ارتكاب الحادث قام بولتر بتحديث حسابه وسيرته الذاتية على موقع LinkedIn قبل شهر اثناء بحثه عن عمل في صناعة الأغذية، وكشف حساباته على المواقع عن علاقاته العميقة بالسياسة، حيث طلب من متابعيه التصويت قبل انتخابات عام 2020، وبحسب سيرته الذاتية يمتلك بولتر، احد أنصار ترامب، خبرة أمنية مسلحة كبيرة في الشرق الأوسط وافريقيا وأوروبا الشرقيةوأمريكاالشمالية من خلال خدمات أمن الحرس الامبراطوري. جاء في بيان سابق لمؤسسة الامن التي يعمل بها بولتر لوصف قدراته ووظيفته «بولتر يمنح مكان عمله جانبًا أمنيا رائعا تم صياغته من خلال العديد من الخبرات الميدانية مع التدريب الذي تلقاه من قبل شركات الأمن الخاصة وبجانب أشخاص في الجيش الأمريكي، وركز كل خبرته للتأكد من أن خدمات أمن الحرس تسهم في الحفاظ على سلامة العائلات والممتلكات»، عمل بولتر ايضا في مجال الخدمة العامة قبل ارتكاب جرائمه، خدم في مجلس تنمية القوى العاملة التابع لحاكم الولاية والز لتقديم المشورة بشأن القوى العاملة في الولاية، وخدم بولتر في العمل العام إلى جانب السناتور هوفمان أحد ضحاياه. الجانى وزوجته ظل المتهم بولتر هاربًا لمدة يومين إلى أن ألقت الشرطة القبض عليه بعد رصده امام كاميرا مراقبة في بلدة ريفية في مقاطعة سيبيلي، وكاد البحث عنه أن ينتهي بالفشل لولا صورة كاميرا المراقبة التي نبهت فرق التدخل السريع للتوجه إلى المنطقة الريفية، وتم تحديد موقعه بمساعدة طائرات بدون طيار واستمرت مطاردته ساعة تقريبا إلى أن نجح ثمانية من أفراد قوات التدخل السريع بالزحف في ممر ارضي ليستسلم في النهاية. في الليلة السابقة لإلقاء القبض على المتهم اعتقلت الشرطة زوجته جيني بالقرب من متجر صغير أثناء قيادتها سيارة مع ثلاثة من أقاربها وبحوزتها سلاح وذخيرة ومبلغ مالي وجوازات سفر على بعد نحو 75 ميلا من مكان وقوع إطلاق النار في بروكلين بارك وتشامبلين بولاية مينيسوتا، وأفادت مصادر امنية عن حصار أكثر من 12 ضابطا سيارة جيني بولتر أثناء توقف حركة المرور وظلوا في مكان الحادث لمدة تتراوح بين ساعتين وثلاث ساعات إلى أن ألقوا القبض عليها للتحقيق معها بعد عثور الشرطة على الأغراض داخل السيارة، عاشت عائلة بولتر في عقار ريفي في مقاطعة سيبيلي ولدى المتهم وزوجته خمسة ابناء، وانتقل فانس بولتر في شقة مستأجرة في شارع فريمونت في شمال مينيابوليس مع زميلين له في الغرفة من اجل العمل. احتجاجات المعارضة تزامن حادثا الاغتيال مع احتجاجات او مظاهرات «لا للملوك» في جميع أنحاء الولاياتالأمريكية المعارضة للرئيس دونالد ترامب، واندلعت أعمال عنف واسعة النطاق بالتزامن مع عيد ميلاد الرئيس دونالد ترامب في واشنطن العاصمة وغيرها وخاصة بعد اعلان رغبته في اقامة عرض عسكري احتفالا بتك المناسبة لتنطلق المسيرات المناهضة لترامب في جميع أنحاء البلاد، اندلع حوالي ألفى مظاهرة واحتجاج على ما وصفوه بمسيرة ترامب نحو الاستبداد في قضايا مثل قوانين الهجرة والحقوق المدنية وتخفيض التكاليف في الحكومة الفيدرالية، شهدت مدينة بورتلاند مشاهد من الفوضى، واصيب أربعة من رجال الشرطة في بورتلاند وقاد شاب يدعى جوزيف ،21 عاما، سيارته لدهس حشد من المتظاهرين في ولاية فرجينيا حيث تحولت احتجاجات «لا للملوك» إلى حالة من الفوضى في جميع أنحاء البلاد، كما أصبحت الأعلام المكسيكية عنصر أساسي في الاحتجاجات في لوس أنجلوس ضد مداهمات الهجرة، واشتبك مئات المتظاهرين الذين يرتدون ملابس سوداء مع ضباط فيدراليين في مكتب إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك بالولاياتالمتحدة، واستخدم ضباط فيدراليون يرتدون معدات تكتيكية قنابل الدخان والغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية وغيرها من المقذوفات للسيطرة على الاحتجاجات. اقرأ أيضا: الشرطة الفيدرالية تطارد أخطر عصابات أمريكا الوسطى فى شوارع الولايات المتحدة