البيوت الأصيلة ستجد دائمًا فى صالونها العتيق براويز ذهبية معلقة على الحائط تحتفظ بصور أصحابها فى زمن آخر، وعلى المائدة ألبوم حُفظت فيه صورهم القديمة بعناية ورفق. هذه الصور ليست فقط نبعًا لذكريات جميلة، وخلودًا لابتسامات وجوه ربما غاب أغلبهم، إنها صور تكشف المسافة بين ما كنا وما أصبحنا من ذوق وأخلاق وأسلوب حياة. صورنا القديمة توثق كيف كانت الأشياء البسيطة والصغيرة مصدر سعادتنا وتصالحنا الحقيقى مع حياتنا بكل تفاصيلها. فى صورنا القديمة يمكنك أن تكشف بمقارنة بين ضحكة الأمس وضحكة اليوم.. أن أرواحنا كانت هى التى تضحك والوجوه غير مرهقة ولا تحمل تحت جلدها همومًا خفية. فى صورنا القديمة سوف تتأكد أن بساطتنا كانت سر السعادة، فى صورة فرح مُقام فى صالون البيت مع باقة ورد أبيض وعلبتين دبل للعروسين وكاسيت يصدر أغانى فرح جميلة وسُفرة تحمل أطباق طعام صنعتها أم العروس وصديقاتها وجيرانها. فى صورنا القديمة يلفت النظر الملابس التى أجادت الأم خياطتها فى البيت لأولادها على ماكينة سنجر وضعت فى الصالة بجوار الثلاجة الإيديال والكنبة الإستنبولي. سوف تجد صورًا التقطت على البحر فى المَصيف سواء تحت شمسية فى رأس البر أو أبو قير وسيدى بشر والمعمورة الوجوه تلمع فى براءة وإحساس مدهش بالمرح، سوف تلمح ترمس الشاى وعلبة الحلويات الصفيح على جانب الصورة. فى الأعياد.. لسبب له علاقة بتوثيق الأيام السعيدة والملابس الجديدة.. تجد فى ألبوم الصور لقطات بملابس العيد فى ستوديو قريب من البيت وعلى ظهر الصورة ختم باسم المصور وتاريخها. فأهم فى هذا الزمن القديم المصور الذى ختم على ظهر الصور تاريخها لكى لا نفقد ذاكرتنا، ولكى نتأمل صورنا ونحن نقول ياه .. شوف كم سنة مضت؟ فى صورنا القديمة.. لن تغفل كيف كنّا أجمل قبل هوس جراحات التجميل والوجبات السريعة، شيئان حطما الصورة المثالية وانتقلا بِنَا إلى تشوهات الوجوه والأجساد والروح. صورنا من زمن إلى زمن.. نتصور أننا نكتسب سعادة، بينما فى الواقع كلما لمعت الصورة أكثر بفضل عصر الديجيتال.. انطفأت أشياء من النَّفْس، واختفت تفاصيل كانت هى وصفة الحياة الصافية من الصورة. اليوم لم يعد معنا ألبوم صور.. ولَم نعد نُعلق صور أيامنا الحلوة على حائط الصالون. أصبحنا مثل صور الموبايل نلتقط منها مئات اللقطات الافتراضية للحظات الحلوة دون أن نعيشها فى الحقيقة، نلتقطها لكى يشاهدها غيرنا.. لا لكى نكون سعداء بها ونخلق ذكريات جميلة.