في ظل تصاعد التوتر العسكري بين إسرائيل وإيران، برز انقسام واضح داخل الكتلة الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأمريكي، وسط تحذيرات من إقدام الرئيس السابق دونالد ترامب على توجيه ضربة عسكرية لطهران دون العودة إلى الكونجرس، ويأتي ذلك بالتزامن مع تحركات محدودة من قبل مجموعة صغيرة من الديمقراطيين لمحاولة منع تدخل رئاسي أحادي في الصراع المحتدم. قيادة تلتزم الصمت مع تصاعد الوضع الإقليمي، بدأت تتضح الشقوق القديمة داخل الحزب الديمقراطي بشأن السياسة الخارجية، ورغم خطورة التهديدات العسكرية المتبادلة، فإن ردّ فعل الحزب ظلّ متباينًا، فقد أيد عدد قليل فقط من أعضاء مجلس الشيوخ قرارًا تقدم به السيناتور تيم كاين (ديمقراطي من فرجينيا)، يهدف إلى إعادة تأكيد صلاحيات الكونجرس الحصرية في إعلان الحرب، وفق وكالة "أكسيوس" الأمريكية. في المقابل، رفض زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر (نيويورك)، دعم مشروع قانون منفصل قدمه السيناتور بيرني ساندرز (مستقل، فيرمونت) لحظر تمويل أي عملية عسكرية ضد إيران، رغم أن شومر كان قد دعم المشروع نفسه في عام 2020، ولم يُصدر شومر أي بيان علني منذ أن نشر ترامب منشوره الذي دعا فيه الجميع إلى "إخلاء طهران"، وهو ما أثار القلق بين صفوف بعض الديمقراطيين. تباين في تقييم الصراع الهجوم الإسرائيلي الأخير على مواقع إيرانية فجّر الخلافات داخل الحزب، فقد وصفه عدد من الديمقراطيين، من بينهم ساندرز وجاك ريد (آيوا)، بأنه "متهور"، في حين تمسك آخرون، مثل شومر والسيناتور جاكي روزن (نيفادا)، بحق إسرائيل الكامل في الدفاع عن نفسها، مع التأكيد في الوقت ذاته على ضرورة عدم السماح لإيران بتطوير سلاح نووي. ورغم هذه التباينات، فقد أجمعت الغالبية، بمن فيهم شومر وروزن، على ضرورة تبنّي حل دبلوماسي كأولوية في التعامل مع الأزمة. ما وراء الكواليس وفقًا لمصادر نقلتها وكالة "أكسيوس" الأمريكية، فإن موقف شومر في تجنب دعم مشروع ساندرز يعكس توجهًا عامًا داخل الكتلة الديمقراطية، التي باتت ترى أن الظرف الراهن يختلف عن عام 2020، خاصة في ظل تصاعد نشاط إيران في المنطقة. ويشير عدد من أعضاء الحزب إلى أن إيران باتت تشكل تهديدًا مباشرًا لإسرائيل وربما للقواعد الأمريكية، مما يتطلب مرونة في اتخاذ القرارات العسكرية. ورغم هذا التصعيد، لم يوقّع على مقترح ساندرز سوى سبعة أعضاء ديمقراطيين فقط، مما يعكس مدى التردد والانقسام داخل الحزب. أصوات معارضة في مواقف لافتة، أعرب بعض أعضاء مجلس الشيوخ عن رفضهم التام لتدخل عسكري رئاسي دون تفويض قانوني، وكتب السيناتور كريس مورفي (كونيتيكت) عبر منصة X: "لا يملك الرئيس صلاحية اتخاذ هذا القرار، لا يوجد تهديد وشيك لأمريكا من إيران، لا يمكنه اتخاذ هذا الإجراء دون إذن من الكونجرس". كما أضاف السيناتور كريس كونز (ديلاوير): "يجب على الإدارة أن تأتي إلى الكونجرس فورًا لتقديم إحاطة سرية حول استراتيجيتها، بدلًا من تعريض أفراد خدمتنا في الشرق الأوسط للخطر من خلال التغريدات". وفي الجانب الآخر من الكونجرس، بدأت تتشكل نواة لتحالف ثنائي الحزب يسعى إلى فرض تصويت في الكونغرس على أي تفويض باستخدام القوة العسكرية ضد إيران. هذا الحراك التشريعي يعكس محاولة واضحة لإعادة ضبط ميزان الصلاحيات بين السلطة التشريعية والتنفيذية، في وقت تعلو فيه التحذيرات من اندفاع غير محسوب نحو الحرب.