تصريح ترامب بأن الولاياتالمتحدة «ستواصل دعم اسرائيل للدفاع عن نفسها»، يقلب الحقائق ويتجاهل الوقائع، وكأن العالم لا يرى ما ترتكبه إسرائيل من اعتداءات همجية، لا على إيران وحدها، بل على دول بأكملها وسط صمت دولى مريب ودعم أمريكى لا محدود. وهل من العدل أن تُمنح إسرائيل صكوكًا بالعدوان تحت راية «الدفاع عن النفس»، بينما يُسلب هذا الحق من الشعوب التى تعتدى عليها إسرائيل؟ ما تفعله إسرائيل فى غزة ليس فقط نموذجا صارخا لازدواجية المعايير، بل لعدم وجود معايير فى الأساس، وتدمير شامل وحصار خانق يدك المدينة يحولها إلى سجن كبير، تحت غطاء أمريكى ويصيبنه «دفاع شرعى».. فأى شرعية هذه التى تمنح المعتدى الحق، وتنزع من الضحية حتى حق الحصول على الغذاء؟ أمريكيا لا ترى فى الدعم اللامحدود لإسرائيل انتهاكًا للعدالة الدولية، بل تعتبره التزامًا أخلاقيًا وسياسيًا، ولا يدافع عن السلام وحق الشعوب فى الحياة ، بل عن مشروع توسعى عدوانى، جوهره السيطرة والهيمنة. العالم يعيش الآن مرحلة عودة الاستعمار بصورة أكثر فوضوية وهمجية، وتتوسع دوائر الخطر وتنذر باندلاع حروب وصراعات، تحت مظلة التوحش الامريكى والعجز الدولى، والدول التى كانت تحتمى بالشرعية الدولية، باتت ضحية للأقوياء، فى زمن تتصدر القوة الغاشمة مشهدًا دوليًا يعانى من العجز والتواطؤ. كان هناك ما يُعرف ب«الشرعية الدولية» ومؤسساتها، وعلى رأسها الأممالمتحدة ومجلس الأمن، ويُفترض أنها حارسة القانون الدولى وراعية السلام العالمي، لكنها اصبحت مثل «اللوكاندات الفاخرة» التى يؤمّها النزلاء لقضاء بعض الوقت ثم المغادرة. صار «حق الدفاع عن النفس»، كما تروّج له واشنطن وتنفذه تل أبيب، ذريعة جاهزة لضرب الشعوب الضعيفة وشرعنة العدوان.