تشهد الولاياتالمتحدة تصعيداً خطيراً في مواجهة الاحتجاجات الشعبية، إذ أصبحت خطط الرئيس دونالد ترامب للقمع العسكري للمظاهرات واقعاً ملموساً بعد أن ظلت مجرد تهديدات قبل توليه المنصب، وقد كشفت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية عن تفاصيل مثيرة حول استراتيجية الإدارة الأمريكية في التعامل مع المعارضة في المدن الكبرى. كشفت تقارير إعلامية أن إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية تخطط لنشر فرق خاصة شبه عسكرية في مدن سياتل وفيلادلفيا وشمال فيرجينيا ونيويورك وشيكاغو، وهي جميعها مدن يحكمها الديمقراطيون وكانت هدفاً دائماً لانتقادات ترامب اللاذعة، وحسب ما نقلته "ذا جارديان" عن شبكة إن بي سي، فإن هذا النشر يأتي استعداداً للاحتجاجات المتوقعة في نهاية الأسبوع. وتمثل عسكرة الشوارع وحملات الهجرة علامة واضحة على الأماكن التي تريد الإدارة معاقبة المعارضة فيها، وفقاً لما ذكرته الصحيفة البريطانية، إذ استخدمت الإدارة بالفعل وحدات الحرس الوطني الفيدرالية ومشاة البحرية للرد على الاحتجاجات في لوس أنجلوس. اقرأ أيضًا: ترامب: أي هجوم تتعرض له أمريكا من إيران سيقابل برد عسكري غير مسبوق قائمة المدن «المارقة» والتصعيد الفيدرالي نشرت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية نهاية الشهر الماضي قائمة بالولايات القضائية التي تعتبرها غير متوافقة مع القانون الفيدرالي بشأن إنفاذ قوانين الهجرة. وشملت هذه "المناطق الملاذ الآمن" ولايات كاملة مثل كاليفورنيا ونيويورك، إضافة إلى قائمة واسعة من المقاطعات والبلديات تتراوح من مدينة لوس أنجلوس الكبرى إلى مقاطعة هوكر الصغيرة في نبراسكا التي يبلغ عدد سكانها حوالي 700 نسمة فقط. وقد أثارت هذه القائمة حيرة وغضب المسؤولين المحليين والولائيين، كما أشارت "ذا جارديان"، حيث تواجه مدن مثل أثينا في جورجيا أو ممفيس في تينيسي قيوداً صارمة من الولاية ضد تبني سياسات الملاذ الآمن للمهاجرين. مواجهة متوقعة بين القادة المحليين والفيدراليين تستعد قيادات المدن الأمريكية لمواجهة محتملة مع الإدارة الفيدرالية، وفي تصريح مثير للجدل، قال شون بارنز، رئيس شرطة سياتل المعين حديثاً، أمام مجلس المدينة: "في مرحلة ما، ربما سأذهب إلى السجن لأن لدينا إدارة هددت بسجن السياسيين وهددت بسجن حاكم ولاية. سأفعل كل ما في وسعي لحماية أي شخص في سياتل من أي شخص يأتي إلى هذه المدينة بنية إيذائه أو تقييد حقوقه في التعديل الأول". من جانبه، وصف لاري كراسنر، المدعي العام لمقاطعة فيلادلفيا، استخدام القوات الفيدرالية بأنه استفزاز، واصفاً ترامب ب"الديكتاتور المتطلع"، حسب ما نقلته "ذا جارديان". وقال في مؤتمر صحفي: "فكرة أننا سنتحدث مع شخص مثل هذا بطريقة معقولة لا معنى لها لأننا جميعاً نعرف ما يخطط له فعلاً، وهو إقامة انقلاب عسكري في الولاياتالمتحدة". خطط مسبقة للقمع العسكري كشفت "ذا جارديان" أن راسل فوت، أحد المهندسين الرئيسيين لمشروع 2025 ورئيس مكتب الإدارة والميزانية حالياً، دافع في خطابات ألقاها أمام مجموعات خاصة في 2023 و2024 عن استخدام قانون التمرد لاستخدام الجيش لقمع الاحتجاجات التي توقع ظهورها نتيجة سياسات الإدارة. وقال فوت: "نريد أن نكون قادرين على إنهاء أعمال الشغب وألا تأتي الأوساط القانونية أو الدفاعية وتقول: هذا استخدام غير مناسب لما تحاولون فعله". تحدي قضائي لاستخدام القوات العسكرية في تطور قانوني مهم، انتقد القاضي الفيدرالي تشارلز آر بريير إدارة ترامب بسبب تفعيل وحدات الحرس الوطني في كاليفورنيا، وطالب بإعادة السيطرة على هذه الوحدات إلى حاكم الولاية جافين نيوسوم بحلول ظهر الجمعة، كما ذكرت "ذا جارديان". وأشار حكم القاضي، الذي جاء في 36 صفحة، إلى أن ادعاء ترامب بأن الاحتجاجات تشكل تهديداً للتمرد لا يبرر تفعيل الحرس الوطني، معلناً أن عدم العمل مع الحاكم ينتهك القانون. تُظهر هذه التطورات تصاعداً خطيراً في التوتر بين الحكومة الفيدرالية والولايات، وتثير تساؤلات جدية حول مستقبل الحريات المدنية في أمريكا في ظل استمرار هذا التصعيد.