هجمات ليلية جديدة.. غارات إسرائيلية وصواريخ إيرانية    الصدارة مشتركة.. ترتيب مجموعة الأهلي في كأس العالم للأندية    "بعد مباريات الجولة الأولى".. جدول ترتيب مجموعة الأهلي بكأس العالم للأندية    "بعد لقطة إنتر ميامي".. هل يلقى حسين الشحات نفس مصير محمد شريف مع الأهلي؟    أحمد سعد يشعل حفل الجامعة الأمريكية، ويحيي الأوائل    إيران.. الدفاعات الجوية تسقط مسيرات إسرائيلية في مناطق مختلفة من البلاد    نشوة البداية وخيبة النهاية.. لواء إسرائيلي يكشف عن شلل ستعاني منه تل أبيب إذا نفذت إيران خطتها    ترامب: آمل في التوصل لاتفاق بين إيران وإسرائيل.. وسندعم تل أبيب في الدفاع عن نفسها    زيادة جديدة ب 400 للجنيه.. أسعار الذهب اليوم الإثنين بالصاغة وعيار 21 الآن بالمصنعية    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأثنين 16 يونيو 2025    صرف الخبز البلدي المدعم للمصطافين في عدد من المحافظات    منافس الأهلي... التعادل السلبي ينهي الشوط الأول من مباراة بالميراس وبورتو    إمام عاشور: أشكر الخطيب.. ما فعله ليس غريبا على الأهلي    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    فينيسيوس: نسعى للفوز بأول نسخة من مونديال الأندية الجديد    مصرع 4 أشخاص في حادث انهيار مدخنة مصنع طوب بالصف    متابعة دقيقة من الوزير.. ماذا حدث في أول أيام امتحانات الثانوية العامة 2025    وفاة تلميذ متأثرًا بإصابته بلدغة ثعبان في قنا    يضم طائرات مسيرة ومتفجرات.. إيران تكشف عن مقر سري للموساد بطهران    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل الدراسة في فارم دي صيدلة إكلينيكية حلوان    سعر الفراخ البيضاء والبلدى وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الإثنين 16 يونيو 2025    محافظ قنا يقود دراجة عائدًا من مقر عمله (صور)    شركة مياه الشرب بكفر الشيخ تُصلح كسرين في خط مياه الشرب    بى إس جى ضد أتلتيكو مدريد.. إنريكى: نسير على الطريق الصحيح    مباريات كأس العالم للأندية اليوم الإثنين والقنوات الناقلة    ملخص وأهداف مباراة بى إس جى ضد أتلتيكو مدريد فى كأس العالم للأندية    سمير غطاس: إيران على أعتاب قنبلة نووية ونتنياهو يسعى لتتويج إرثه بضربة لطهران    رجال الأعمال المصريين الأفارقة تطلق أكبر خريطة استثمارية شاملة لدعم التعاون الاقتصادي مع إفريقيا    رابط نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 الترم الثاني محافظة القاهرة.. فور ظهورها    «بشرى لمحبي الشتاء».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الإثنين: «انخفاض مفاجئ»    تحريات لكشف ملابسات انهيار مدخنة مصنع طوب ومصرع 3 أشخاص بالصف    رصاص في قلب الليل.. أسرار مأمورية أمنية تحولت لمعركة في أطفيح    حريق داخل مدينة البعوث الإسلامية بالدراسة    ختام فعاليات اليوم الأول من برنامج "المرأة تقود" بكفر الشيخ    وزير الثقافة يشيد ب"كارمن": معالجة جريئة ورؤية فنية راقية    ليلى عز العرب: كل عائلتى وأصحابهم واللى بعرفهم أشادوا بحلقات "نوستالجيا"    لا تسمح لطرف خارجي بالتأثير عليك سلبًا.. توقعات برج الجدي اليوم 16 يونيو    يسرا: «فراق أمي قاطع فيّا لحد النهارده».. وزوجها يبكي صالح سليم (فيديو)    «الأهلي محسود لازم نرقيه».. عمرو أديب ينتقد حسين الشحات والحكم (فيديو)    حدث بالفن | وفاة نجل صلاح الشرنوبي وموقف محرج ل باسكال مشعلاني والفنانين في مباراة الأهلي    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    عانى من أضرار صحية وتسبب في تغيير سياسة «جينيس».. قصة مراهق ظل 11 يوما دون نوم    سبب رئيسي في آلام الظهر والرقبة.. أبرز علامات الانزلاق الغضروفي    لدغة نحلة تُنهي حياة ملياردير هندي خلال مباراة "بولو"    صحة الفيوم تعلن إجراء 4،441 جلسة غسيل كلوي خلال أيام عيد الأضحى المبارك    عميدة إعلام عين شمس: النماذج العربية الداعمة لتطوير التعليم تجارب ملهمة    الثلاثاء.. تشييع جثمان شقيق الفنانة لطيفة    "نقل النواب" تناقش طلبات إحاطة بشأن تأخر مشروعات بالمحافظات    غرفة الصناعات المعدنية: من الوارد خفض إمدادات الغاز لمصانع الحديد (فيديو)    3 طرق شهيرة لإعداد صوص الشيكولاتة في المنزل    كيف تنظم المرأة وقتها بين العبادة والأمور الدنيوية؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    وزير الشئون النيابية يحضر جلسة النواب بشأن قانون تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات المملوكة لها    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    تنسيقية شباب الأحزاب تحتفل بمرور 7 سنوات على تأسيسها.. وتؤكد: مستمرين كركيزة سياسية في الجمهورية الجديدة    جبل القلالي يحتفل بتجليس الأنبا باخوميوس أسقفًا ورئيسًا للدير (صور)    صحيفة أحوال المعلم 2025 برابط مباشر مع الخطوات    بمناسبة العام الهجري الجديد 1447.. عبارات تعليمية وإيمانية بسيطة للأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بسبب الميراث l فاضح شقيقته بفيديو ملفق .. وآخر شرع فى قتل اخوته البنات


الشرقية: ‬إسلام ‬عبدالخالق
»ابني ابنك ولا تبني له».. كلمات بسيطة ومثل قديم يعرفه عامة الناس في الريف، لكنه يحمل في طياته خلاصة قرونٍ من الخبرة، ونصيحة قد يودي عدم الإصغاء إليها إلى جرائم لم تعرفها البشرية من قبل، جرائم سببها الإرث والطمع في نصيب أكبر من الميراث المحدد من فوق سبع سماوات، وحينها تجد الأخ يستبيح جسد شقيقته ويسلبها ما يسترها لأجل أن يدفع بها في خانة المذنبات ويزج بها إلى غياهب الوصمات حتى يظفر بنصيبها بتنازل منها بملء خوفها من أن يراها الناس عارية، وآخر يسفك دماء شقيقتيه ليفوز بنصيبهما من الميراث، وثالث يتحول من حمل وديع إلى وحش يسلب حياة أخيه وأبنائه حتى لا يعود ويطالبه بنصيبه في الميراث.
لم تكن الأستاذة الجامعية التي يُشار إليها بالبنان تدري أن ميراثها الشرعي من والديها في الأرض والمال، والذي كان بمثابة العهدة لدى شقيقيها الأصغر منها، ستكون مطالبتها به وبالًا عليها، بل ودافعًا لأن يتحول أحد أشقائها إلى شيطان يستحل أن يخطط لأجل تصويرها عارية ويدفعها إلى التنازل عن ميراثها بكل خسة ونذالة.
استعان الأخ بأحد أصدقائه، وأفهمه ما ينتوي فعله جيدًا، وفي الموعد والمكان المحدد استدرج الصديق «الأستاذة» بمعاونة شقيقها، لمحاولة تصويرها في وضع مخل ونزع عنها ملابسها لإجبارها على التنازل عن ميراثها، إلا أن القدر كان رحيمًا بالمجني عليها وأصبحت الواقعة مثار حديث الجميع، وسط استنكار كبير لما تحمله من جُرمٍ وإثم انتهى بعد جلساتٍ عدة نظرتها المحكمة قبل أن تصدر حكمها بمعاقبة الأخ المتهم بالسجن المشدد 10 سنوات للمتهم، وألزمته بالمصاريف الجنائية، وعاقبت صديقه بالسجن المشدد 5 سنوات، وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة.
كانت سيرته الطيبة بين جموع الناس بمثابة لغز كبير وهم يطالعون ما أقدمت عليه يداه حين سفك دماء أقرب الناس إليه هناك في مركز أبو كبير شمال محافظة الشرقية؛ ف«محمد» كان مثل الخط المستقيم في أفعاله، يومه تتكرر تفاصيله دون انحراف في الذهاب إلى عمله مدربًا لقيادة السيارات، ومن ثم العودة إلى المنزل للطعام والنوم، في سجال لا يقطعه شيئًا يعكر صفو الصورة، حتى توفى الأب والأم ليجد الأخ الأكبر نفسه يستحق نصيبًا في التركة، لكن نفسه سولت له التفكير في مضاعفة نصيبه عن طريق إزهاق حياة شقيقه الذي يصغره بنحو ثلاثة أعوامٍ.
مبكرًا، أعد الأخ عدته لتنفيذ مآربه والخلاص من شقيقه، ارتدى قناعًا قد أعده سلفًا، وعلى أطراف أصابعه تسلل إلى المنزل الذي يقطنه شقيقه في الوقت الذي كانت زوجة شقيقه معتادة الذهاب إلى سوق القرية لأجل شراء حاجيات المنزل، وما أن رأى شقيقه «بلال» حتى أطبق على عنقه بكلتا يديه ولم يتركه حتى خر صريعًا وقد فارقت الحياة جسده، فيما تصادف وجود طفليه «حور» و«عبدالرحمن» اللذان علت وجوههما الصمت وهما يريان عمهما يزهق حياة والدهما، فما كان للعم إلا أن كرر فعلته من أبناء شقيقه ليرديهما قتيلين ويعاود إحكام القناع الذى كان شقيقه قد أزاح بعضًا منه عن وجهه أثناء مقاومته.
ألقت الأجهزة الأمنية القبض على المتهم بعد ساعات من هروبه بعيدًا عن القرية وأجوارها، قبل تقديمه إلى المحاكمة العاجلة أمام محكمة جنايات الزقازيق، التي قررت في جلستها المنعقدة قبل أيام إحالة أوراق المتهم إلى مفتي الجمهورية لأخذ الرأي الشرعي في معاقبة المتهم بالإعدام شنقًا، وحددت جلسة الأحد الأخير من شهر يونيو الجاري موعدًا لجلسة النطق بالحكم.
وسط الزقازيق العاصمة في محافظة الشرقية، وبينما يسدل الليل أستاره على المنطقة التي كانت شاهدة على ميلادهما، كانت سيارات الإسعاف تستعد لمغادرة المكان والإضاءة التي تعلو سطحها بلونيها الأزرق والأحمر قد بدأت في جذب الأنظار، قبل أن يعلو صوت «سرينتها» ليشق صمت الوجوم الذي يعلو الجميع وهم يشاهدون إحدى السيارات تحمل جثمان «نجلاء» والأخرى تحمل شقيقتها التي كانت مصابة إصابات بالغة لكنها لا تزال بين الأحياء، جراء تعدي وحشي من جانب شقيقهما «محمد» الذي أنهى حياة شقيقته الكبرى وشرع في قتل الثانية طمعًا في الميراث.
ألقى رجال الشرطة القبض على القاتل وتم اقتياده إلى خلف القضبان، قبل أن يمثل أمام محكمة الجنايات التي عاقبته بتهمة قتل شقيقته الكبرى عمدًا مع سبق الإصرار والترصد، وكذا الشروع في قتل شقيقته الثانية بسبب خلافات غلفها الطمع وعنونها إيثار نفسه لأجل زيادة نصيبه من الميراث الذي كان حقًا لشقيقتيه المجني عليهما، قبل أن يلقى عقابه بحكم المحكمة الذي صدر عقب عدة جلسات، حيث قضت المحكمة بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة سبع سنوات.
تدين شعبى
ترى الدكتورة هالة منصور، أستاذة علم الاجتماع في جامعة عين شمس؛ أن الميراث من القضايا التي خصها الله سبحانه بالتوضيح وضوحًا شديدًا في القرآن الكريم ولم يترك تلك القضية للنسبية، وبالتالي فالأمر يتعلق بالثقافة الدينية والتربية السليمة، بالإضافة إلى الوعي المجتمعي، وما إذا كان الناس يتفهمون أم يتعاملون دون وعي وإدراك لخطورة القضية وغيرها من الأمور التي قد تتفاقم حال الإخلال في الاهتمام بأي جزء من تلك الأمور.
وتطرقت أستاذة علم الاجتماع، خلال حديثها ل «أخبار الحوادث»، إلى درجة الإيمان الحقيقي، في إشارة إلى أن غالبية أفراد المجتمع منخدعون في تلك النقطة بشأن الاهتمام بظاهر الإيمان دون جوهره، خاصةً وأن المفهوم الشعبي للدين هو السائد، فهناك من يهتم بالعبادات ويغفل المعاملات؛ قبل أن تشير إلى نماذج عديدة تسير على هذا المنوال في قضايا الميراث؛ فهناك من يأكل نصيب شقيقته ويذهب ليحج ويعتمر، وغيره من النماذج التي تسير على عكس أوامر الشرع في قضايا الميراث.
وشددت الدكتورة هالة منصور، على أن هناك قطاعًا كبيرًا غير مدرك لم قد يحدثه الجور على حقوق المستحقين للميراث، وهناك قطاع آخر بات يستبسط الأمور ويركز على العبادات ويترك المعاملات، حتى تفاقمت القضية وباتت بحاجة مُلحة إلى تكاتف كافة أجهزة المجتمع المعنية بتنمية الفكر والثقافة، سواء كانت مؤسسات تعليمية أو ثقافية أو إعلامية أو دينية، بالإضافة إلى ما يتعلق بالقوة النعامة، مثل الدراما والفن بوجه عام، وأن تكون الأعمال التي تتناول مثل هذه القضايا يتم التعامل معها بوعي شديد كونها قضية اجتماعية محورية وشديدة الأهمية.
وأشارت أستاذة علم الاجتماع، إلى تلاحظ انتشار وطغيان المادية بشكل مؤسف، ف باتت الغالبية تبرر السرقة والاحتواء وأمور كثيرة مقابل ارتكاب العديد من الجرائم التي يغلفها العنف، بالإضافة إلى ما أسمته ب «الغباء الاجتماعي»، وهو ما تمثله نماذج من الناس يهتمون بترضية الأبناء خلال حياتها على حساب التربية التي فشلت فيها وفشلت في غرس قيم أهم بكثير من المال والممتلكات، ودون التعامل من البداية بأن من لا يتعب في شيء لا يمكنه أن يحافظ عليه؛ فالأب يمكنه التصرف في ممتلكاته وقت حياته كيفما أراد، لكن عليه قبل ذلك أن يهتم بتنشئة أبنائه وتقوية الروابط الأسرية والأخوة بينهم حتى لا يتحول الأمر إلى جرائم بينهم فيما بعد.
وأكدت، على أن العنف والجرائم التي تتعلق بالميراث هي نتاج مخزون وحالة عنف بشعة تستشري في المجتع، تتعلق بعدة أمور؛ منها بطء إجراءات التقاضي وطول أمد القضية ولا توجد آلية لتنفيذ مثل هذه الأحكام من القضاء بالإضافة الى عدم وجود ثقافة قانونية سليمة، فضلًا عن ثقافة الغاب لدى البعض، حيث يرون أنفسهم فوق القانون، وتعتمد الجشع والطمع وإبراز القوة لكسب نفوذها وحقوق الآخرين فيما يتعلق بالميراث، في حين أن الصورة الذهنية السليمة يجب أن تكتمل باكتمال وعي المواطن وثقافته، وأن يكون واثقًا في أن القانون سيأتي له بحقه.
واختتمت أستاذة علم الاجتماع في جامعة عين شمس، حديثها بالتأكيد على أن هناك جرائم تتم بسبب غياب التوثيق وكثرة إجراءات التسجيل التي قد تؤدي فيما بعد إلى أن يجور طرف على نصيب الآخر وحقه في الميراث، في الوقت الذي يتطلب من جميع مؤسسات المجتمع القيام بدورها المنوط به، والصرامة في تطبيق القانون، مع وعي ديني وثقافة مجتمعية وأشياء كثيرة غيرها؛ فالمجتمعات لا تبنى بالضمائر، وإذا كان هناك تجاوز يجب أن يكون هناك رادع فوري وصارم تحت مظلة قانونية تحكم الجميع وتكفل الحقوق لأصحابها.
تدخل تشريعى
وفى هذا الشأن يؤكد المستشار الدكتور حسام عبدالمجيد جادو، أستاذ القانون الجنائي وعضو الجمعية المصرية للتشريع، على أن المال من أهم وأخطر أدوات الفتنة بين العباد؛ فأكل المال بغير حق يوغر الصدور وينبت الأحقاد ويشعل الضغائن والكراهية، بل وفي الكثير من الأحوال يصير دافعًا للعدوان وارتكاب الجرائم وإراقة الدماء بين الأخوة أبناء الدم الواحد، وهو ما يكون مآله في النهاية تفكك الروابط الاجتماعية والأسرية وانتشار الفتن بين العباد كانتشار النار في الهشيم، لذا فقد أودع الرحمن عز وجل في قرآنه الكريم تنظيمًا دقيقًا لأحكام الميراث لحماية عباده من الفتن وكفالة رابطة الوحدة والتآخي والاستقرار في المجتمع الإسلامي، لكن مع ذلك، ونتيجة الخروج والتحايل على الأحكام الشرعية للميراث، فإن الواقع يشهد ما تؤكده سجلات وزارتي الداخلية والعدل بشأن تزايد معدلات الجرائم الناتجة عن توريث الأموال، كالضرب والجرح العمدي والقتل والحريق العمدي، وخلافها من صور الخروج والتحايل على أحكام المواريث.
وعدد «جادو»، خلال حديثه ل «أخبار الحوادث»، صور الخروج والتحايل على أحكام المواريث، فمنها استيلاء أحد الورثة على كامل التركة واستئثاره بها وامتناعه عن تقسيمها وعن تسليم كل وارث حصته الشرعية منها، أو الاستيلاء على كامل التركة وحرمان الضعفاء من نصيبهم الشرعي منها، كحرمان النساء والصغار؛ إذ جرت العادة في بعض القرى مثلًا على أن الأخ الأكبر يستولى على نصيب أخواته البنات في ميراثهن الشرعي في الأرض الزراعية مقابل زيارتها في بعض المناسبات، وهو ما يعرف ب «المواسم» التي يتم خلالها إعطائها بعضًا من المحاصيل والحبوب نظير استمرار صمتها عن المطالبة بحقوقها في الميراث، وهناك قضايا يُقدم خلالها الأب أحيانًا قبل وفاته على توزيع أمواله توزيعًا غير عادل بمقتضى عقد قسمة، فيتعمد محاباة البعض دون البعض الآخر، وقد يعطي الابن الفلاح نصيبًا أكبر من الابن المتعلم أو يزيد نصيب الابن الأصغر عن أخيه الأكبر، أو يعطي الابن الفقير نصيبًا أكبر من الابن الذي يعمل بالتجارة، أو حرمان بعض الأبناء من أمواله وتوزيعها على إخوانهم الآخرين لمجرد وجود مشكلة بينه والابن الذي حرمه، وغيرها من صور التحايل لمنع التوريث أو التلاعب في الحقوق، وغيرها العديد من الجرائم الجنائية التي تتسبب في انهيار الترابط الأسري والعائلي وتكدير السلم الاجتماعي والأمن العام.
وأوضح عضو الجمعية المصرية للتشريع، أن المشرع المصري اضطر عام 2017 إلى تعديل قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943، وذلك بإضافة مادة جديدة حملت الرقم 49 بالقانون 219 لسنة 2017؛ حيث تقرر هذه المادة جريمة جنائية جديدة هي جريمة الامتناع عن تسليم حصة ميراثية، وذلك بقولها: «مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها أي قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من امتنع عمدًا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي في الميراث، أو حجب سندًا يؤكد نصيبًا لوارث، أو امتنع عن تسليم ذلك السند حال طلبه من أي من الورثة الشرعيين، وتكون العقوبة في حالة العود الحبس الذي لا تقل مدته عن سنة»، لافتًا إلى أنه يجوز الصلح في الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة في أي حالة تكون عليها الدعوى ولو بعد صيرورة الحكم باتًا.
وأشار عضو الجمعية المصرية للتشريع، إلى أنه رغم وضوح عبارات هذه المادة إلا أن الواقع العملي يشهد إفلات الكثير من المتهمين من العقوبة المقررة، عبر ادعاءات مختلفة، منها أن الوارث لم يطلب حصته في الميراث، أو أن التركة لم تقسم، أو أن المتهم لم يمتنع عن التسليم وخلافه، ومن ثم أصبح هذا التدخل التشريعي الحميد لكبح جماح الجرائم الناتجة عن الاستيلاء على حصص الميراث غير كافي لحل هذه المشكلة، وتشهد وسائل التواصل الاجتماعي بالعديد من الجرائم الشهيرة التي ترتد إلى الاستيلاء على الحقوق والأنصبة الميراثية.
ويرى الخبير القانوني، أن الحل لا بُد أن يبدأ من تكثيف برامج التوعية الدينية في شأن التوريث وبيان الحق من الباطل فيها، لإزالة الجهل الذي يسكن عقول البعض بشأنها، فضلًا عن تعديل قانون المواريث بما يكفل تخصيص لجنة دائمة للتوريث بالنيابة العامة أو نيابة الأسرة، يمنحها القانون كافة الصلاحيات اللازمة للحصول على مستندات تركة المتوفى من كافة الجهات الحكومية، كالمرور والبنوك والجمعيات الزراعية والسجلات التجارية وخلافه، بالإضافة إلى صلاحية اللجنة في جرد مفردات تركة المتوفى ومعاينتها على الطبيعة وبيان حائزها والمنتفع بها وبيان كافة الورثة في تلك التركة، على أن تقوم هذه اللجنة بإصدار قرار ملزم منها يتمتع بالحجية بتحديد الورثة وتقسيم التركة بينهم وفقًا للأحكام الشرعية مع تسليم كل وارث حصته ولو بالقوة، على أن يدخل في تشكيل اللجنة أحد القضاة رئيسًا لها، وأحد رجال الأزهر الشريف وخبيرًا زراعيًا وآخر هندسيًا وثالث ماليًا، وتساند هذه اللجنة في أعمالها كالمعاينات والتحريات والتسليم الجبري لحصص الميراث قوات الشرطة، فيما يبدأ عمل اللجنة بشكوى تقدم إليها من أحد الورثة، على أن ينص القانون على حد أقصى ستة أشهر لإنجاز عملها، ويكون لهذه اللجنة حق إحالة من يمتنع عن تنفيذ قرارها إلى المحكمة الجنائية، مع تشديد عقوبته قانونًا، وكذلك حق التحفظ على ما تراه من عناصر التركة؛ لعل ذلك يضمن توزيع وتسليم الحصص الشرعية للميراث توزيعًا عادلًا.
واختتم أستاذ القانون الجنائي وعضو الجمعية المصرية للتشريع، حديثه، بالتأكيد على أن تلك اللجنة حال تشكيلها وفقًا لما تم إيضاحه من شأنها أن تضمن الحصول على كافة أدلة ومستندات التركة التي قد يعجز الوريث عن الحصول عليها لإثبات عناصر التركة، وتضمن كذلك عدم تهريب بعض مفردات التركة، وكذلك الحماية الآمنة للطرف الضعيف من الورثة، وأخيرًا مع إجازة التصالح العادل في الأحكام الصادرة بالعقوبات على من يخالف قرارات اللجنة حتى لو كانت تلك الأحكام باتة، وذلك حرصًا على الروابط العائلية والأسرية، فيما تضمن هذه اللجنة انخفاض معدلات الجرائم الجنائية بسبب الميراث، ما يوفر مزيدًا من الأمن والسلام الاجتماعي بين المواطنين.
اقرأ أيضا: بسبب الميراث.. شقيقان يهشمان رأس شقيقهما بالفأس في البحيرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.