منى ربيع عندما يقول الخالق عز وجل في كتابه الحكيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه: «وإنما أموالكم وأولادكم فتنة»، فالله هنا يحذرنا من هذه الفتنة، لكن للأسف الشديد صار الميراث بين العائلات وبعضها البعض مثل لعنة تنتهي بجرائم بشعة، طمع يعمى القلوب التي هي في الصدور قبل العيون، جرائم تندى لها جبين البشرية تفوقت من بشاعتها على خيال كتاب الدراما والمخرجين؛ فهذا أخ يقتل أخيه وأولاده بدم بارد طمعًا فيما حصل عليه من إرث مثله تمامًا، وآخر فقد إنسانيته ورجولته ولم يتورع عن تلفيق فيديو فاضح لشقيقته يهددها به بنشره على وسائل التواصل الاجتماعي إذا لم تعطه نصيبها الشرعى من ثروة والدها، وعائلات كاملة في صعيد مصر لا تعطى لبناتها حقهن الشرعي في المال أو الأرض بزعم أنه سوف يذهب إلى الأغراب الذين هم هنا أزواجهن. نعم، مهما برع الفن في تصوير حكايات الناس وصراعهم على الميراث بكل ما فيه من غرائب وتناقضات وصراعات، سيظل الواقع صاحب الضربة القاضية والمفاجآت الأكثر بشاعة وغرابة؛ فقضية عائلة الدجوى خير مثال على ذلك لهذا الصراع الغريب على الثروة، قضية فيها تفاصيل وملابسات وغموض وألغاز وتبادل اتهامات وتناقض شهادات لم تنته بعد، وغيرها الكثير والكثير من مثل هذه القضايا التي تنتهي بجرائم قتل بشعة. «أخبار الحوادث» فتحت هذا الملف من قبل في عدة قضايا كثيرة عرضتها ولن نمل من فتحه مرارًا وتكرارًا طالما كانت الجريمة مستمرة بسبب إما الطمع أو عقول متحجرة تحرم النساء من حقهن في الإرث، رغم أن القانون بتعديلاته الجديدة شدد من عقوبة الحرمان من الميراث، استعرضنا لقضايا وجرائم كثيرة، سألنا رجال القانون وأساتذة الطب النفسى وعلماء الاجتماع ورجال الدين، وتطرقنا إلى هذه الجريمة في العالم أيضًا، حيث يقتل الأزواج بعضهم بعضا من أجل الحصول على قيمة بوليصة التأمين، واشقاء يقتلون آباءهم للاستيلاء على ثرواتهم التي تقدر بالملايين. قضايا الحجر من القضايا التى تجعل القلوب تعتصر ألمًا، على ما وصل إليه الأبناء من جحود تجاه والديهم، الذين كان الفضل لهم في تربيتهم والانفاق عليهم حتى صاروا آباءً وأمهات هم الآخرين، لكنهم اختاروا طريق المحاكم حتى يسيطرون على اموال ذويهم فقط، صحيح أحيانًا تكون مثل هذه الدعاوى من باب الضرورة للحفاظ على الأموال والحقوق لكن في بعضها الآخر يكون هدفها الاستيلاء على المال والعقار، داخل محكمة الأسرة كان هناك مجموعة من الآباء الذين وقفوا امام القضاء ليثبتوا أنهم مازالوا بقواهم العقلية، لم يصابوا بالجنون قادرين على التصرف في املاكهم وحياتهم دون أن يتدخل فيها احد من أبنائهم، وعلى الرغم من مرارة تلك القضايا التى تعتبر اكبر دليل على العقوق والجحود إلا أن القانون اعطى الحق للأبناء لرفعها إلى أن يثبت العكس أنها كيدية بدافع سيطرة الأبناء على اموال ذويهم، في السطور التالية ننشر بعض قضايا الحجر والتى نظرتها محكمة الاسرة ورأي القانون فيها. لم يكن يعلم الحاج حسين انه بعد تربيته لأبنائه والذى ضاع عمره عليهم بعد وفاة والدتهم، فكان لهم الاب والام، وهب حياته لهم ولعمله، حتى انهوا تعليمهم واصبحوا في مراكز مرموقة واصبح لكل واحد منهم حياته المستقلة بالزواج والانجاب، لكن هذا لم يكن كافيًا للابناء فكانوا يريدون المزيد، وهي اموال ابيهم حتى يقيمون المشروعات، طلبوا منه أن يوزع أمواله عليهم وهو على قيد الحياة إلا انهم فوجئوا بوالدهم يرفض ذلك، ليقرر الابناء بكل خسة وجحود رفع دعوى حجر على والدهم وهم يوجهون له اتهامات ليس لها اساس من الصحة، حيث اتهموه بالجنون وأنه فاقد الاهلية، الاب عندما وصل اليه اعلان المحكمة في دعوى الحجر لم يستطع تمالك نفسه من الصدمة وكأن كل حواسه واعضائه ترفض الوقوف امام ابنائه الذى احبهم وكبرهم ولم يحرمهم من شيء امام المحكمة، لتكون نهاية الاب الوفاة نتيجة تعرضه لأزمة قلبية بعدما تم إعلانه بقضية الحجر ليغلق ملف القصية رقم 6725بانقضاء الدعوى لوفاة المدعى عليه. رفضوا خدمته سنوات طويلة قضاها الاب وحيدًا يخدم نفسه بعد وفاة زوجته وزواج أبنائه، لايراهم إلا عندما يريدون منه اموالا فقط، وعلى الرغم من انشغال ابنائه عنه إلا أن جارته والتى كانت تصغره بعشر سنوات كانت تسأل عنه وتلبي له احتياجاته، احبها وقرر أن ترافقه ماتبقى من سنوات عمره، خاصة بعدما اخبروه الاطباء انه اصيب بالسرطان، كان الاب يظن أن جارته سوف ترفض الارتباط به بعد اصابته بالمرض اللعين لكنها تمسكت به اكثر نظرًا لتشابه ظروفهما فهي تعيش وحيدة بعد وفاة زوجها وسفر أبنائها، أبلغ الاب أولاده بقراره وتزوج من جارته التى كانت تخدمه وترعاه، لتكون النتيجة رفع الابناء دعوى حجر على والدهم يتهموه فيها بأنه اصبح سفيهًا ينفق أمواله بلا حساب. وامام المحكمة وقف الاب والدموع تملأ عينيه مدافعًا عن نفسه في دعواه والتى حملت رقم2879 أن ابناءه لم يتحملوه بعد إصابته بالمرض الخبيث لم يقفوا بجانبه رغم عمره الذى ضيعه من أجلهم، قاطعوه بعد زواجه واتهموه بالجنون واتهموا زوجته التى تخدمه وترعاه بالنصب والاحتيال وفي النهاية رفعوا دعوى حجر ضده والتى رفضتها المحكمة بعد أن جاء التقرير الطبي للاب بأنه غير فاقد للاهلية. زهايمر وقف الابن وشقيقته أمام محكمة الأسرة يطالبان بالحجر على والدتهما المسنه والتي تبلغ من العمر 67 عاما، اتهم الأبناء والدتهما أنها فاقدة للأهلية وانها أيضا لا تستطيع إدارة شؤونها المالية، زاعمين في الدعوى أنهما فوجئا بعد وفاة والدهما بأكثر من عشرين عاما بوالدتهما تخبرهما بأنها ستتزوج من ابن خالها لانها تحتاج إلى شخص يشاركها حياتها ويؤنس وحدتها وأنها لاترى فيه عيب فهو في مثل عمرها. وقال الأبناء في الدعوى: إن والدتهما مؤخرًا تعاني من حالة نفسية سيئة، فانعزلت عن الجميع، وأصبحت غير قادرة على الاهتمام بنفسها، أو اتخاذ قرارات متزنة، والدليل بعد كبر سنها قررت الزواج، وبعدها فوجئوا بتوقيعها على مستندات بيع لأجزاء من أرضها الزراعية دون مراجعة، أو وعي كافٍ، ما يثير شكوكًا حول تعرضها للاستغلال من أطراف خارجية. وطلب الابناء من المحكمة توقيع الحجر القانوني عليها، ومنع أي تصرف مالي قد يُهدر ثروتها أو يضر بمستقبلها ومستقبل الأسرة، مستندين إلى تقارير طبية أولية تفيد بإصابتها بضعف إدراكي واضح، مع احتمالية معاناتها من أعراض أولية ل ألزهايمر. الا أن المحكمة رفضت دعوى الحجر، ليتقدم الشقيقان بطلب استئناف على الحكم. شروط كانت تلك بعض القضايا والتى نظرتها محكمة الاسرة لكن ماذا عن رأي القانون فيها وماهي شروط تلك الدعاوى؟ ومن يحق له رفعها؟ ومن يحق له تعيينه قيم؟ طرحنا تلك الاسئلة على شعبان سعيد المحامي بالنقض والذى أكد؛ أن القانون وضع مجموعة من الشروط يجب توافرها منها تعرض الأب إلى الإصابة بأحد الأمراض النفسية التي تجعله غير قادر على التفكير بطريقة صحيحة وغير قادر على إدارة أمواله. كذلك الإصابة بالجنون أو بأحد الأمراض التي تؤثر على العقل مثل الإصابة بمرض الزهايمر، أيضا عدم توازن العقل وبالتالي التفكير بطريقة غير صحيحة وخالية من المنطق. واخيرًا في في حالة أن الأب سفيه وينفق أمواله على أعمال مخالفة للشريعة الإسلامية. ويستطرد شعبان سعيد حديثه قائلا: إن كافة تلك الشروط جاءت بقانون رقم 119 لسنة 1952 الخاص بأحكام الولاية علي المال، وأن المشرع المصري ذهب إلى أن توقيع الحجر ورفعه لا يكون إلا بمقتضى حكم محكمة وذات اختصاص وينوب القيم عن المحجور عليه نيابة قانونية ولكنها قاصرة على إدارة أموال المحجور عليه واستثمارها في الوجوه التي تعود عليه بالحفظ والمنفعة فقط. ويضيف سعيد؛ أن نص المادة 68 من القانون تكون القوامة للابن البالغ ثم للأب ثم للجد وأخيرا لمن تختاره المحكمة ولكن يجب أن تتوافر في الشخص الذي يتولى إدارة أموال المحجور عليه القيم عدة شروط منها: أولا: ألا يكون قد حكم عليه في قضية مخلة بالآداب او ماسة بالشرف أو النزاهة ومع ذلك إذا انقضى على تنفيذ العقوبة مدة تزيد على خمس سنوات يجوز عند الضرورة التجاوز عن هذا الشرط. ثانيًا: ألا يكون سيئ السيرة. ثالثا: ألا يكون قد سبق سلب قوامته من محجور عليه آخر. رابعًا: ألا يكون بينه والمحجور عليه نزاع قضائي أو عداوة يُخشى منها علي مصلحة المحجور عليه وعلي أمواله. خامسًا: ألا يكون القيم قد حكم عليه بالإفلاس إلى أن يرد اليه اعتباره ويجوز عند الضرورة التجاوز أيضا عن هذا الشرط إذا رأت المحكمة ضرورة في ذلك لمصالحة المحجور عليه إذا كان القيم الابن أو الاب أو الجد. وانهى سعيد حديثه قائلا: بإن القانون قد اوجب حقوقًا للمحجور عليه، حيث ألزم القيم بالإنفاق على المحجور عليه بأن تكون نفقاته من علاج وغيرها من مصروفات مقدمة علي أي شيء فأمواله هي أولى برعايته وبالتالي فقد أعطى المشرع لهذا النوع من النفقات أولوية عن أية مصروفات اخرى في الترتيب كما أن المشرع المصري أجاز للمحجور عليه للسفه أو الغفلة أن يتسلم أمواله كلها أو بعضها لإدارتها وهنا تسري على المحجور عليه الأحكام التي تسري على القاصر المأذون له بإدارة أمواله أي التصرفات النافعة نفعًا محضًا والأخرى الضارة ضررًا محضًا ويكون ذلك بإذن من المحكمة المختصة. اقرأ أيضا: خلافات على الميراث| أمن القاهرة يكشف تفاصيل مشاجرة بين شقيقين بالمطرية