الموقف الأمريكى الرافض لاقامةَ الدولة الفلسطينية المستقلة لا يتعارض مع رغبة الإدارة الامريكية فى انهاء حرب غزة لم يأت بجديد هاكابى السفير الأمريكى فى اسرائيل حينما قال إن واشنطن لا تؤيد. اقامة دولة فلسطينية مستقلة .. فإن موقف ترامب الرافض لحل الدولتين. معروف وثابت لدرجة انه خلال الحملة الانتخابية لم يعد العرب الأمريكان بأى شىء فى هذا الصدد رغم حاجته الشديدة لاستعمالهم وكسب أصواتهم، كل ما وعد به هو انهاء الحرب البشعة ضد أهل غزة! لكن الجديد حقا فى تصريحات سفير امريكا فى إسرائيل الرافضة للدولة الفلسطينية المستقلة هو اعتباره أرض الضفة الغربية ملكا لإسرائيل وليست أرضا فلسطينية مثلها كأرض غزة والقدس .. فهو يبرر رفض الإدارة الأمريكية للدولة الفلسطينية المستقلة بانها ليس مقبولا اجبار اسرائيل عن التنازل عنها لاقامةَ دولة فلسطينية عليها! والأكثر من ذلك فإن تصريحات السفير الأمريكى فى اسرائيل تكشف عن ان واشنطن تُمارس ضغوطا على فرنسا ومعها بريطانيا حتى لا تعترفا بالدولة الفلسطينية المستقلة فى مؤتمر نيويورك الذى يعقد بعد أيام قليلة .. فهذه التصريحات تضمنت هجوما على فرنسا لانها متحمسة لاقامةَ الدولة الفلسطينية ، لدرجة ان هاكابى اقترح على فرنسا اقامة هذه الدولة الفلسطينية فى الريفيرا الفرنسية ، مثلما اقترح ايضا اقامتها على أرض لدولة مسلمة ! .. وهكذا بينما يرغب ترامب فى الاستيلاء على قطاع غزة لتحويله الى ريفيرا يقترح سفيره فى اسرائيل على فرنسا اقامة تلك الدولة الفلسطينية على جزء من الريفيرا الفرنسية!.. ولعل هذا يفسر التوقعات التى تقول إن فرنساوبريطانيا قد تتراجعا عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية فى مؤتمر نيويورك! والموقف الأمريكى الرافض لاقامةَ الدولة الفلسطينية المستقلة لا يتعارض مع رغبة الإدارة الامريكية فى انهاء حرب غزة أو بالأصح مقتلة غزة المستمرة منذ نحو عشرين شهرا .. فإن واشنطن بات يؤرقها استمرار تلك الحرب خاصة وانها تسعى لتسوية سياسية مع ايران ليس فقط بخصوص مشروعها النووى وانما ،وهذا هو الأهم بخصوص دورها ونفوذها بالمنطقة . واستمرار تلك الحرب يعطل ذلك مثلما يقلق العرب الذين يصفهم ترامب بالرائعين لانهم قدموا له أكثر من خمسة تريليونات من الدولارات فى رحلته لثلاث دول خليجية.. كما ان الإدارة الأمريكية تريد انهاء هذه الحرب تقريبا بالشروط الاسرائلية، والمتمثلة بانهاء أى وجود عسكرى أو سياسى أو إدارى لحركة حماس فى غزة ، وإخضاع القطاع وأهله للسيطرة الاسرائيلية غير المباشرة من خلال المليشيات التى تسلحها وتجهزها حكومة نتانياهو بحجة مواجهة حماس ومن خلال السيطرة على المساعدات وتوزيعها! ولعل ذلك يفسر لماذا لا يتحمس ترامب وإدارته للخطة العربية لإعادة أعمار قطاع غزة والتى لاقت قبولا من الدول الاسلامية والدول الاوروبية ..فهذه الخطة التى أعدتها مصر تفضى فى نهاية المطاف ليس فقط إعادة اعمار القطاع فى وجود أهله ودون الحاجة لتهجيرهم، وانما ايضا لخوض مفاوضات لاقامة الدولة الفلسطينية .. وهذا ما لا تقبله إدارة ترامب وكشف عنه بوضوح السفير الامريكى فى اسرائيل بتصريحاته الأخيرة والتى دفن فيها فكرة الدولة الفلسطينية خلال حياته كما قال ! وهكذا صار احياء فكرة الدولة الفلسطينية الصادر بها قرار أممى فى أواخر الأربعينيات من القرن الماضى يحتاج لمجهود كبير ضخم يبدأ بالطبع بانهاء حرب الابادة التى تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلى ضد أهل غزة ، ثم يستمر لفرض فكرة حل الدولتين على الإدارة الأمريكية بربطها بمصالحها لدينا وهى مصالح كبيرة وكثيرة إن حل الدولتين يلقى الآن قبولا عالميا متزايدا يوما بعد الآخر وبات لا يرفضه سوى إدارة ترامب وحكومة نتانياهو .. وإدارة ترامب إذا وجدت ان مصالحها تقتضى اقامة دولة فلسطينية سوف تتراجع وتقبل بحل الدولتين ،حماية لهذه المصالح ، خاصة وانها ترفع شعار أمريكا أولا!.