في السابع من يونيو من كل عام، يتوقف العالم عند واحدة من القضايا الأكثر ارتباطًا بصحة الإنسان وسلامته، وهي سلامة الأغذية، وفي عام 2025، يحتفل العالم باليوم العالمي لسلامة الأغذية تحت شعار "سلامة الأغذية: العلم وأُسس اتخاذ القرارات"، ليؤكد على أهمية الاعتماد على الأدلة العلمية عند وضع السياسات الغذائية، واتخاذ القرارات التي تمس صحتنا وأمننا الغذائي. يمثل هذا اليوم فرصة لتعزيز الوعي المجتمعي والمؤسسي حول أهمية الغذاء الآمن، وللتذكير بأن الطعام الذي نتناوله لا ينبغي أن يكون مغذيًا فقط، بل آمنًا أيضاً. أولاً: لماذا نحتفل باليوم العالمي لسلامة الأغذية؟ أقرّت الأممالمتحدة هذا اليوم رسميًا في عام 2018، ليكون منبرًا عالميًا لتسليط الضوء على قضية تؤثر على حياة الملايين حول العالم. منذ ذلك الحين، يُحتفل به سنويًا في 7 يونيو بمشاركة منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، إلى جانب الحكومات والمؤسسات البحثية والمجتمعات المحلية. يهدف الاحتفال إلى: رفع الوعي بمخاطر الأغذية غير الآمنة. تشجيع التعاون الدولي لتحسين معايير سلامة الغذاء. تعزيز دور العلم في ضبط النظم الغذائية. حث الحكومات والمزارعين والمصنعين والمستهلكين على تحمل المسؤولية المشتركة في ضمان سلامة الغذاء. ثانيًا: ما أهمية سلامة الأغذية؟ سلامة الأغذية = صحة الإنسان تُعد سلامة الأغذية الركيزة الأولى لصحة الإنسان، حيث إن الغذاء هو المدخل الرئيسي إلى أجسامنا. وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن: الأغذية غير الآمنة مسؤولة عن أكثر من 200 نوع من الأمراض، من التسمم الغذائي الحاد إلى السرطان. 600 مليون شخص يُصابون سنويًا بأمراض منقولة عن طريق الطعام، أي تقريبًا 1 من كل 10 أشخاص. 420 ألف حالة وفاة تحدث سنويًا نتيجة هذه الأمراض، ويُشكل الأطفال دون سن الخامسة نسبة كبيرة من هذه الوفيات. بالتالي، سلامة الغذاء ليست رفاهية بل ضرورة، ولا تقتصر على البلدان النامية أو المتقدمة، بل تهم كل فرد في كل مكان. ثالثًا: شعار 2025 - "سلامة الأغذية: العلم وأسس اتخاذ القرارات" الشعار هذا العام يضع العلم في قلب الموضوع، مؤكدًا أن القرارات المتعلقة بالزراعة، والتصنيع، والتوزيع، وحتى اختيار الطعام، يجب أن تستند إلى بيانات علمية دقيقة، وتقييمات منهجية للمخاطر. لصحة أفضل.. 4 نصائح هامة لضمان سلامة الغذاء ** ما هو دور العلم في ضمان الغذاء الآمن؟ تحليل المخاطر: من خلال فهم أسباب التلوث وتحليل خصائص مسببات الأمراض. اختبارات السلامة: مثل الفحوصات الميكروبيولوجية والسمّية. ابتكار التقنيات: لتطوير طرق إنتاج أكثر أمانًا وأقل ضررًا على البيئة. التوجيه التشريعي: العلم يرسم المعايير التي تستند إليها التشريعات الغذائية الوطنية والعالمية. ** نموذج تطبيقي: في أستراليا ونيوزيلندا، تُطوّر هيئة معايير الأغذية (FSANZ) قراراتها بناءً على دراسات علمية، وكان من ضمن القرارات المميزة عام 2024، اعتماد أول موز مُعدل وراثيًا، وتحسين معايير حليب الأطفال، بعد تقييم علمي شامل. رابعًا: التحديات التي تواجه سلامة الأغذية عالميًا رغم التطور الكبير في المجال العلمي، إلا أن هناك تحديات عديدة تتطلب تعاونًا عالميًا واستجابات فعالة: 1- تغير المناخ وتأثيره على الأغذية يغير من خصائص البيئة التي تُنتج فيها الأغذية. يزيد من فرص انتشار البكتيريا والفيروسات والفطريات. يعزز من انتشار السموم الطبيعية، مثل الأفلاتوكسين. 2- توسع التجارة العالمية تنقل الأغذية عبر القارات يرفع من فرص انتقال الملوثات. صعوبة في تتبع مصدر التلوث والاستجابة له. اختلاف معايير السلامة بين الدول يضعف من السيطرة. 3- مقاومة المضادات الحيوية الاستخدام المفرط للمضادات في الزراعة والحيوانات يؤدي إلى تطور سلالات مقاومة للعلاج. تُعد هذه الظاهرة من أخطر ما يهدد صحة الإنسان على مستوى العالم. 4- الابتكار في الغذاء وإعادة التدوير مثل الزراعة العمودية، والطباعة ثلاثية الأبعاد للأطعمة، وغيرها. هذه الابتكارات تتطلب أدوات تقييم جديدة. استخدام المياه المعاد تدويرها والأسمدة العضوية قد يُعرض الأغذية للتلوث، إن لم يتم التحكم به جيدًا. خامسًا: كيف نشارك في اليوم العالمي لسلامة الأغذية؟ 1- فعاليات تعليمية وتوعوية: - ورش عمل ومحاضرات حول أهمية سلامة الأغذية. - عروض ميدانية في المدارس لتعريف الطلاب بقواعد النظافة وسلامة الطعام. - معارض ومهرجانات غذائية مخصصة للتوعية بالاستهلاك الآمن. 2- وسائل التواصل الاجتماعي: إطلاق حملات توعية باستخدام الوسم #WorldFoodSafetyDay. مشاركة قصص، صور، ومقاطع تعليمية عن الإجراءات الآمنة للطهي والتخزين. 3- على مستوى المنازل والمجتمعات: تعليم الأطفال غسل اليدين قبل الأكل. التوعية بفصل الأطعمة النيئة عن الجاهزة. تشجيع على طهي اللحوم جيدًا وحفظ الطعام بطريقة صحيحة. سادسًا: كيف نحمي أنفسنا من التلوث الغذائي؟ تقدم منظمة الصحة العالمية "الخطوات الخمس للغذاء الآمن": 1. النظافة: غسل اليدين بالماء والصابون قبل الطهي وبعده. تنظيف الأسطح والأدوات المستخدمة. تغطية الطعام لتجنب الذباب أو الحشرات. 2- الفصل بين النيء والمطبوخ: استخدام ألواح تقطيع مختلفة للحوم والخضروات. تخزين اللحوم النيئة في رف خاص بعيد عن الأطعمة الجاهزة للأكل. 3. الطهي الجيد: التأكد من وصول الحرارة إلى قلب الطعام. طهي اللحوم والدواجن حتى تختفي العصارة الوردية. 4- الحفظ السليم: تخزين الأطعمة سريعة التلف في الثلاجة. عدم ترك الطعام المطبوخ خارج الثلاجة أكثر من ساعتين. 5- استخدام المياه والمواد الخام الآمنة: التأكد من نظافة مصادر المياه. غسل الخضروات والفواكه جيدًا. اختيار مصادر موثوقة لشراء المواد الغذائية. سابعًا: من المسؤول عن سلامة الغذاء؟ 1- الحكومات: وضع تشريعات ومعايير صارمة. فرض الرقابة على الأسواق والمصانع. 2- المزارعون والمصنعون: اتباع الممارسات الزراعية الجيدة. تطبيق أنظمة الجودة مثل الهاسب (HACCP). 3- المستهلكون: معرفة أساسيات التخزين والطهي. التحقق من تاريخ الصلاحية ومصدر المنتج. الإبلاغ عن حالات التسمم أو المنتجات غير المطابقة. سلامة الأغذية قضية تمس كل فرد، وكل مجتمع، وكل دولة، وفي عصر العولمة والابتكار الغذائي، أصبح من الضروري الاعتماد على العلم لاتخاذ قرارات سليمة تضمن لنا غذاءً آمنًا ونظامًا صحيًا مستدامًا، وليس الاحتفال بهذا اليوم مجرد مناسبة بل دعوة للتحرك، ولتوحيد الجهود نحو عالم خالٍ من الأمراض المنقولة عبر الغذاء.